طقس اليوم الثلاثاء.. ارتفاع مؤقت بالحرارة وأتربة وأمطار تضرب البلاد    الزيارة التاريخية.. 10 ملفات تتصدر أجندة مباحثات ترامب وقادة دول الخليج    تزينها 3 منتخبات عربية، قائمة المتأهلين إلى كأس العالم للشباب    موعد مباراة ريال مدريد ومايوركا في الدوري الإسباني والقنوات الناقلة    215 شهيدا من الصحفيين ضحايا العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة    اصطدام قطار بجرار زراعي أعلى مزلقان في البحيرة- صور وفيديو    الخارجية الأمريكية تكشف تفاصيل وأهداف زيارة ترامب للشرق الأوسط    تشكيل بيراميدز المتوقع أمام الزمالك في الدوري المصري    لا نحتفل وهناك إبادة جماعية، نجوم سينما يربكون افتتاح مهرجان كان برسالة مفتوحة عن غزة    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط»    مفاجأة من قناة السويس لشركات الشحن العالمية لاستعادة حركة الملاحة    جرينلاند تتولى رئاسة مجلس القطب الشمالي نيابة عن الدنمارك    كان يتلقى علاجه.. استشهاد الصحفي حسن إصليح في قصف الاحتلال لمستشفى ناصر ب خان يونس    «الاقتصاد المنزلي» يعقد مؤتمره العلمي السنوي ب«نوعية المنوفية»    أسعار الفراخ اليوم الثلاثاء 13-5-2025 بعد الانخفاض الجديد وبورصة الدواجن الآن    ترتيب هدافي الدوري المصري قبل مواجهات اليوم الثلاثاء    بيان هام من محامية بوسي شلبي بشأن اتهامات خوض الأعراض: إنذار قانوني    حبس عصابة «حمادة وتوتو» بالسيدة زينب    3 شهداء وإصابات جراء قصف الاحتلال خيمة نازحين في خان يونس    حكام مباريات اليوم في الدوري| "الغندور" للزمالك وبيراميدز و"بسيوني" للأهلي وسيراميكا    مستشفى سوهاج العام يوفر أحدث المناظير لعلاج حصوات المسالك البولية للأطفال    رئيس شركة شمال القاهرة للكهرباء يفصل موظفين لاستغلال الوظيفة والتلاعب بالبيانات    «الاتصالات» تطلق برنامج التدريب الصيفي لطلاب الجامعات 2025    الدولار ب50.45 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 13-5-2025    عيار 21 يعود لسابق عهده.. انخفاض كبير في أسعار الذهب والسبائك اليوم الثلاثاء بالصاغة    تفاصيل.. مؤتمر الاتحاد المصري لطلاب الصيدلة في نسخته الرابعة    الأهلي يحصل على توقيع موهبة جديدة 5 سنوات.. إعلامي يكشف التفاصيل    رعب أمام المدارس في الفيوم.. شاب يهدد الطالبات بصاعق كهربائي.. والأهالي يطالبون بتدخل عاجل    جولة تفقدية لمدير التأمين الصحي بالقليوبية على المنشآت الصحية ببهتيم    بعد اطمئنان السيسي.. من هو صنع الله إبراهيم؟    جدول امتحانات الشهادة الإعدادية بمحافظة المنيا للفصل الدراسي الثاني 2025    ثبات سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن الثلاثاء 13 مايو 2025 (بداية التعاملات)    السيطرة على حريق نشب في حشائش كورنيش حدائق حلوان    انفجار أسطوانة غاز السبب.. تفاصيل إصابة أم وطفليها في حريق منزل بكرداسة    كيف ردت سوريا على تصريحات ترامب بشأن رفع العقوبات؟    علي صالح موسى: تجاوب عربي مع مقترح دعم خطة الاحتياجات التنموية في اليمن    أبو زهرة يهنئ المنتخب الوطني للشباب تحت 20 عاما بعد فوزه المثير على غانا    ترجمات.. «حكايات شارل بيرو» الأكثر شهرة.. «سندريلا» و«الجميلة النائمة» بصمة لا تُمحى في الأدب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 13-5-2025 في محافظة قنا    محافظ سوهاج: تشكيل لجنة لفحص أعمال وتعاقدات نادي المحليات    «التضامن الاجتماعي» توضح شروط الحصول على معاش تكافل وكرامة    الكشف على 490 مواطناً وتوزيع 308 نظارات طبية خلال قافلة طبية بدمنهور    بعت اللي وراي واللي قدامي، صبحي خليل يتحدث عن معاناة ابنته مع مرض السرطان (فيديو)    5 أبراج «لو قالوا حاجة بتحصل».. عرّافون بالفطرة ويتنبؤون بالمخاطر    يلا كورة يكشف.. التفاصيل المالية في عقد ريفيرو مع الأهلي    كشف لغز العثور على جثة بالأراضي الزراعية بالغربية    قبل عرضه على "MBC".. صلاح عبدالله ينشر صورة من كواليس مسلسل "حرب الجبالي"    أميرة سليم تحيي حفلها الأول بدار الأوبرا بمدينة الفنون والثقافة في العاصمة الإدارية    جدول امتحانات المواد غير المضافة للمجموع للصف الثاني الثانوي ببورسعيد(متى تبدأ؟)    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟| الإفتاء تجيب    اعتماد 24 مدرسة من هيئة ضمان جودة التعليم والاعتماد بالوادي الجديد    سقوط طفل من مرتفع " بيارة " بنادي المنتزه بالإسماعيلية    جامعة القاهرة تحتفل بيوم المرأة العالمي في الرياضيات وتطلق شبكة المرأة العربية- (صور)    إيمان العاصي في "الجيم" ونانسي عجرم بفستان أنيق.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    طفل ينهي حياته داخل منزله بالإسماعيلية    عالم بالأزهر: هذا أجمل دعاء لمواجهة الهموم والأحزان    أهم 60 سؤالاً وإجابة شرعية عن الأضحية.. أصدرتها دار الإفتاء المصرية    موعد وقفة عرفة 2025.. فضل صيامها والأعمال والأدعية المستحبة بها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكايات| «ملوك مصر» وإشراقة التوحيد «اخناتون» وتل العمارنة
نشر في بوابة أخبار اليوم يوم 08 - 05 - 2025

منذ فجر التاريخ، خطّ ملوك مصر القديمة أسماءهم بحروف من ذهب على جدران المعابد والمسلات، فشكّلوا حضارة عظيمة خلدها الزمان. وبين هؤلاء الملوك، تبرز شخصيات ذات رؤى مختلفة، أحدثت تحولات كبرى في مسيرة التاريخ المصري والعالمي.
ومع كل اكتشاف أثري جديد، يأخذنا الدكتور مصطفى وزيري، عالم المصريات والأمين العام السابق للمجلس الأعلى للآثار، في رحلة عبر الزمن، يكشف خلالها أسرار هؤلاء الملوك وإنجازاتهم الخالدة.
وفي قلب هذه الرحلة، يسطع نجم ملك فريد أحدث ثورة فكرية ودينية غير مسبوقة، هو "اخناتون" – أو أمنحتب الرابع – الذي رفع راية التوحيد في عالم تعددت فيه الآلهة، وأسّس مدينة جديدة سماها "أفق آتون"، في مشهد يعكس شجاعة التغيير وعمق الإيمان بفكرة تجاوزت عصرها.
اقرأ أيضا | أقاليم تنبض بالتاريخ.. متاحف المحافظات تنعش ذاكرة المدن
في هذا التقرير نسلط الضوء على اخناتون، ودعوته الجريئة للتوحيد، وعاصمته "تل العمارنة"، من خلال سرد تاريخي وتحليلي مدعوم بالاكتشافات الأثرية الحديثة التي أعادت تشكيل صورة هذا الملك الاستثنائي.
** خلفية تاريخية عن الدولة الحديثة وملوك الأسرة الثامنة عشرة
تعد الدولة الحديثة من أعظم عصور مصر القديمة، وقد شهدت ازدهارًا سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، حيث بسطت مصر نفوذها من أعالي النوبة جنوبًا إلى حدود الفرات شمالاً. وكان ملوك الأسرة الثامنة عشرة من أبرز من حكموا في هذا العصر، ومن بينهم تحتمس الثالث وحتشبسوت وأمنحتب الثالث، والد اخناتون.
وقد تميز هذا العصر بقوة المؤسسة الدينية وخاصة كهنة آمون في طيبة، الذين أصبحوا أصحاب نفوذ واسع، يشاركون في الحكم ويؤثرون في قرارات الدولة. هذا الواقع سيكون له أثر كبير لاحقًا في سياسات اخناتون، الذي سعى إلى تقويض هذا النفوذ.
** اخناتون – من أمنحتب الرابع إلى نبي التوحيد ولد
ولد اخناتون باسم أمنحتب الرابع، وتولى الحكم بعد وفاة والده أمنحتب الثالث، في فترة شهدت استقرارًا نسبيًا. ومنذ بدايات حكمه، ظهرت عليه علامات التفكير المختلف. فقد بدأ تدريجيًا في إظهار اهتمام خاص بإله الشمس "آتون"، ثم ما لبث أن غيّر اسمه إلى "اخناتون"، أي "المفيد لآتون"، وبدأ بنشر فكر ديني جديد يدعو إلى عبادة إله واحد، خالق لكل شيء، متجاوزًا بذلك تعددية الآلهة التي ميزت الديانة المصرية.
وقد مثّلت هذه الخطوة تحديًا كبيرًا للمؤسسة الدينية التقليدية، خصوصًا كهنة آمون، الذين رأوا في دعوته خطرًا على امتيازاتهم وسلطتهم. وللتحرر من هذه السيطرة، قرر اخناتون أن ينقل عاصمة الدولة من طيبة إلى مكان جديد، أسّسه في منطقة نائية وسط مصر، وأطلق عليها اسم "أخيتاتون"، أي أفق آتون.
** أخيتاتون – عاصمة التوحيد وروح العصر الجديد
لم تكن أخيتاتون مجرد مدينة جديدة، بل كانت تجسيدًا لعقيدة دينية وفكرزية وفنية جديدة. بنيت المدينة بسرعة مذهلة، وصممت بحيث تكون مفتوحة ومضيئة، تعبيرًا عن رمزية آتون كإله نور. وقد احتوت المدينة على قصور للملك، ومعابد مفتوحة للسماء، وبيوت للنبلاء، فضلًا عن مناطق سكنية للفنانين والحرفيين.
ويُعد الفن في عصر اخناتون من أبرز جوانب التغيير، حيث اتسم بواقعية غير مسبوقة، تظهر في تماثيل ومنحوتات وصور تمثل الملك وأسرته في أوضاع طبيعية وإنسانية، كاحتضان الأطفال، وتقبيل الزوجة، ما عُدَّ خروجًا كبيرًا عن النمط الرسمي الصارم.
** أناشيد آتون – توحيد بالعقل والوجدان من أبرز المظاهر الفكرية في عهد اخناتون
تلك النصوص التي عرفت ب"أناشيد آتون"، والتي تُعد من أرقى ما وصلنا من الأدب الديني في مصر القديمة. تعبر هذه الأناشيد عن إيمان عميق بإله واحد، هو آتون، مصدر الحياة والنور، الذي يحيي الكائنات جميعًا دون تمييز. وتشبه في صياغتها النصوص الروحية التي تدعو للتأمل في الطبيعة والتسليم بوجود خالق عظيم.
وقد أثارت هذه الأناشيد إعجاب الباحثين، حتى أن بعضهم رأى فيتها ملامح قريبة من الفكر التوحيدي لاحقًا في الأديان الإبراهيمية، ما يفتح بابًا للتأمل في تطور المفاهيم الدينية في العالم القديم.
** نهاية الحلم ومحو الآثار رغم الطموح الذي رافق عهد اخناتون، فإن دعوته لم تصمد طويلاً. فبعد وفاته المفاجئة، وُوجهت ديانته بحملة شرسة من كهنة آمون، الذين استعانوا بالملك الشاب "توت عنخ آمون" لإعادة عبادة الآلهة القديمة وإرجاع العاصمة إلى طيبة. وتم تدمير الكثير من آثار اخناتون وطمس اسمه من السجلات الملكية، في محاولة لمحو هذه التجربة. و
ولم تنجُ مدينة أخيتاتون من هذا المصير، إذ هجرت وتهدمت معابدها، ودفنت معالمها تحت الرمال لعقود طويلة، حتى أعيد اكتشافها في العصر الحديث، وبدأت الحفائر تكشف عن عظمة ذلك العصر، وفرادته.
** الدكتور مصطفى وزيري واكتشافات تل العمارنة مع كل بعثة أثرية جديدة، تظهر المزيد من أسرار تل العمارنة. وقد أشرف الدكتور مصطفى وزيري على عدد من المشروعات الاستكشافية في المنطقة، التي كشفت عن مقابر فريدة، ونصوص جديدة، وحياةإلى يومية لم تكن معروفة من قبل.
ومن أبرز ما تم اكتشافه في السنوات الأخيرة، مقبرة لعامل بسيط من أهل أخيتاتون، زُينت جدرانها بنقوش تعكس الفكر الديني الجديد، بالإضافة إلى ورش لصناعة التماثيل وصور تمثل آتون كقرص مشع يمد الحياة إلى البشر. هذه الاكتشافات أسهمت في إعادة قراءة عهد اخناتون بوصفه مرحلة غنية، لا مجرد انحراف ديني عابر.
** اخناتون في عيون المؤرخين المعاصرين تعددت الآراء حول اخناتون؛ فهناك من وصفه بالملك الحالم المثالي، الذي حاول تقديم نموذج ديني وأخلاقي متقدم، بينما رآه آخرون متمردًا أراد تقويض التقاليد دون فهم عميق لجذورها. وهناك من شبّهه بالأنبياء أو المصلحين الدينيين، باعتباره أول من نادى بإله واحد في سياق حضارة وثنية.
ورغم الجدل، فإن المؤكد أن اخناتون أحدث صدمة فكرية في عصره، وأن أفكاره تركت بصمة لا تُمحى، وهو ما تؤكده العودة الحديثة لدراسة عهده بعمق واحترام.
اخناتون لم يكن مجرد ملك من ملوك مصر، بل كان مفكرًا جريئًا سبق عصره، حمل رؤية جديدة للعقيدة والدولة والفن. ورغم أن محاولته لم تُكتب لها الاستمرارية، فإنها ظلت حيّة في الذاكرة الحضارية للإنسانية. وبينما تتكشف آثار تل العمارنة يومًا بعد يوم، وتسطع شمس الحقيقة على ما حاول التاريخ طمسه، يظل اخناتون شاهدًا خالدًا على قوة الفكرة، وشجاعة الاختيار، في وجه التقاليد الراسخة.
لقد كانت رحلته، كما يرويها لنا الدكتور مصطفى وزيري، نافذة نطل منها على زمن أشرق فيه نور التوحيد، ولو للحظة، في قلب مصر القديمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.