عامر نفادى «المذهب الأشعري عودة بالمسلمين لعهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأن مذهب المعتزلة مخترَع، وكذلك مذهب السلف الذي نراه ويُروّج له الآن» بهذه الكلمات المختصرة لخّص فضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، المذهب الأشعري، مؤكدًا أنه مذهب أهل السنة والجماعة، وأن مؤسسة الأزهر الشريف تهتم بالحفاظ على منهج النبي صلى الله عليه وسلم ومواجهة أي مذاهب دخيلة كالمعتزلة والسلفية. ومذهب الأشاعرة هو المذهب الأساسي للأزهر الشريف منذ قرون، باعتباره منهجًا وسطيًا يبتعد عن التكفير، ويعود إلى الإمام أبي الحسن الأشعرى. في عام 2017، صدر قرار من المجلس الأعلى للأزهر بإنشاء مركز الفكر الأشعري، لنشر الفكر الأشعري المعبر عن وسطية الإسلام واعتداله وسماحته، ويخاطب المركز خريجي الأزهر والطبقات المثقفة في المجتمع، ويدعم قضية تجديد الفكر مع المحافظة على الأصالة، بمنهجية علمية مدروسة. قال الدكتور حسن الشافعي، عضو هيئة كبار العلماء ومدير المركز، إن مركز الإمام الأشعري مركز بحثي يرأسه الدكتور أحمد الطيب، ويهدف إلى إحياء تراث الإمام الأشعري ورجال مذهبه، وتراث أهل السنة والجماعة بوجه عام، مع التركيز على الدراسات العقدية والفكرية، وأضاف أن المركز يهتم بجميع الأعمال العلمية المتعلقة بالفكر الأشعري وعلوم أصول الدين، ويعتمد على وسائل متعددة لتحقيق أهدافه مثل التأليف، الترجمة، التحقيق، النشر، المؤتمرات، والإصدارات الثقافية والفكرية، في ضوء رسالته وأهدافه. وأوضح د. الشافعي، أن المركز يتعاون مع العديد من الهيئات والمؤسسات المحلية والإقليمية والدولية، بناءً على بروتوكولات تعاون، ويتكون من بنية إدارية تشمل: رئيس مجلس الأمناء، المدير العام، مجلس الأمناء، والوحدات العلمية التالية: وحدة التأليف ومتابعة الفكر الإسلامي والعربي، وتقوم بإعداد مشروعات علمية متخصصة تعالج التراث الأشعري، ووحدة الترجمة ومتابعة الفكر الإسلامي الغربي، تعمل على، دراسة الموقف الغربي من الفكر الأشعري، وترجمة الدراسات إلى الإنجليزية والفرنسية، ووحدة تحقيق النصوص، وهي معنية بتحقيق التراث الأشعري وإخراج المخطوطات المهمة إلى النور. إنجازات المركز وعن أهم إنجازات المركز، عدد الدكتور الشافعي الإنجازات العلمية للمركز، ومنها: إصدار العديد من الرسائل العلمية المهمة مثل «رسالة الحث على البحث» للإمام الأشعري، وكتاب الضوابط المنهجية للمعرفة والنظر، عند أهل السنة، وتم نشرهما في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2025، دراسة تحليلية نقدية لموقف ابن تيمية من متأخري الأشاعرة، وترجمة وإصدار كتب مثل مجرد مقالات الأشعري لابن فورك (ترجمة دانيال جيماريه)، وإصدار مجلة علمية دولية باسم «الحكمة الإسلامية»، 2024، وتهدف لنشر الدراسات الرصينة بالعربية والإنجليزية والفرنسية. وأشار د. الشافعي إلى أن المركز يقوم بتنفيذ برامج ودورات علمية متخصصة، في علم الكلام والتصوف والفكر الإسلامي، باللغتين الإنجليزية والعربية، للباحثين في الداخل والخارج من أعضاء الهيئة المعاونة بجامعة الأزهر، ومدرسي المواد الشرعية والعربية بالمعاهد الأزهرية، حول عقيدة أهل السنة والجماعة بهدف تعزيز الهوية الدينية، كما أن المركز له تعاون مع العديد من المؤسسات البحثية خارج مصر، حيث وافق مجلس أمناء المركز على عقد مذكرة تفاهم مع مركز الإمام الماتريدي بدولة أوزباكستان، بهدف التعاون في المجالات البحثية والعلمية وإقامة البرامج التدريبية والتثقيفية، كما يتطلع إلى التعاون مع جميع المراكز البحثية التي تخدم تراث أهل السنة والجماعة. تأسيس المركز من جانبه أوضح الدكتور يسري جعفر، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، وعضو مجلس الأمناء واللجنة التنفيذية بالمركز، أن جهود المركز ترتكز علي محاربة الفكر المتطرف ونشر صحيح الدين من خلال المنهج الأشعرى الذى يقوم عليه الأزهر في التدريس والتنوير بصفته وسطيا لا يكفر الغير، مشيرا إلى أن المركز يضم في عضويته نخبة من علماء الأزهر من أنصار الماتريدية والفكر الأشعرى وعلماء الحديث، حتى يكون جامعًا لكل أهل السنة والجماعة ومعبرًا عنهم في شتى بقاع الأرض بقيادة الأزهر وحكمته وخبرته العلمية فى الدراسات الإسلامية والعربية. وأضاف أن هناك 6 أسباب لاختيار المنهج الأشعري بالأزهر: أولها نشأة الإمام الأشعري وتربيته بين المعتزلة ثم رجوعه إلى أهل السنة ووضعه قواعد عقلية ونقلية متوازنة، وعدم تكفير الآخرين: الأشعري لم يكفر أحدًا من أهل القبلة، وهو مبدأ يكرسه الأزهر، واتساع دائرة الأشاعرة: معظم فقهاء الأمة وعلمائها عبر العصور كانوا من الأشاعرة، المرونة مع المتغيرات: المذهب تطور حسب الظروف مع الحفاظ على أصول الدين، موافقة العقيدة للفطرة: بساطة العقيدة الأشعرية وسهولة فهمها للعوام، التوازن بين النقل والعقل: عدم تغليب العقل على النص أو العكس. وأكد د. جعفر أن الماتريدية والأشاعرة معًا يمثلون مذهب أهل السنة والجماعة، وأن الأزهر قبلة العلم والوسطية في العالم الإسلامي، لافتا إلى أن المركز الأشعري على محورين، الأول علمي يعتمد على الدراسات، والثاني للتعريف بالمذهب للوعاظ وللمتخصصين، ويضم بين أجنحته؛ قسم للتواصل، وقسم للدعوة، وقسم لمتابعة المناهج، وقسم متخصص في الأبحاث، يسعى لإنشاء مكتبة بديلة عن المكتبة الوقفية التي حذفت كتب المُتكلمين، مقابل كتب معينة، وهو ما يعد خيانة للعلم والعلماء، وكما أطلق مركز الفكر الأشعري بالأزهر الشريف سلسلة ندوات في المحافظات للتعريف بالمنهج الأشعري، والرد على الاستفسارات والأسئلة الخاصة به، وستناقش الندوات أيضًا الفكر الماتريدي، ومنهج علماء الحديث الملتزمين بالمنهج الأزهري. الفكر الأشعرى ويضيف الدكتور محمد مشعل، عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر ومسئول الشئون الإدارية بالمركز، إن المركز نظم العديد من الندوات في المحافظات والجامعات لتعريف الناس بطبيعة الفكر الأشعري والرد على الشبهات حوله، بجانب التأكيد على براءة حقيقية وتعاليم الإسلام والشريعة الإسلامية من الأفكار المتطرفة والأعمال الإرهابية، التى تستخدمها الجماعات المتطرفة تحت شعار الإسلام، والدين منها براءة، وذلك من خلال تجنيد الشباب بأفكار ومفاهيم مغلوطة لتنفيذ تلك المخططات الخبيثة التي تهدد سلامة واستقرار المجتمعات مستغلين جهل البعض منهم بصحيح الإسلام، وذلك من خلال الرد على أسئلة المواطنين. ويوضح د. مشعل أن الندوات تناولت إبراز مكانة العقل والنقل في الفكر الأشعري، والرد على الفكر المتطرف وفضح استغلال الجماعات الإرهابية للدين، وتوعية الطلاب المصريين والوافدين، ونشر الفكر المعتدل وتجديد الخطاب الديني، مشيرًا إلي أن أول أعمال علمية صدرت للمركز في معرض القاهرة في دورته 56 حققت الأعلى مبيعًا في جناح الأزهر من بين كل أعمال قطاعات الأزهر. الخطاب الدينى وثمن مشعل، جهود الإمام الأكبر د. أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، على عمله الدؤوب وإخلاصه بعد إنشاء مركز أشعري في موريتانيا، وذلك من أجل التصدي لجميع الأفكار المختلفة لمنهج الأزهر ومعالمه سواء كانت متشددة باسم الإسلام أو متحللة منه كالتيارات العلمانية والحدثية وغيرها، مؤكدا أن مركز الإمام الأشعري الذي تم إنشاؤه فى موريتانيا ينتهج نفس فكر المركز الذى أمر شيخ الأزهر بإنشائه كإحدى الهيئات التابعة بمشيخة الأزهر الشريف، والمركز في مصر يعمل بالإضافة إلى مكافحة الأفكار المتطرفة على نشر الفكر المعتدل ويعد الفكر الأشعري منهجًا متميزًا في قضية تجديد الخطاب الديني، وذلك من خلال المحافظة على أصول الدين وثوابته والأصول الشرعية، وهذا يتبلور في إنشاء خطاب وسطي معاصر يعبر عن صحيح الإسلام ويتصدى لدعاة تجديد الخطاب الديني على غير أسس تراعي الأصول من ثوابت الدين وأصوله.