قررت الكتابة اليوم عن غزة، جلست أفكر فيما أكتب، وفكرت ألا أكتب! ، ربما يأسا من مردود ما أكتبه وهو نقطة في مداد حبر جارف بوسع الهادي وعمقه تم استهلاكه للكتابة عما يحدث بغزة، والمحصلة لاشئ، المجرم يتمادى والقتل والتدمير يتضاعف، وكأنه لا رادع للعصبة المجرمة. وازدادت الحيرة لاختيار محور المقال من كثرة ما يمكن كتابته، شريط أسود يمر أمامي، فها هي معاناة أهل غزة فريدة من نوعها ليس لتعرضها لأقذر وأشرس حرب إبادة بالعصر الحديث، لكن لتعدد وتشعب مفردات تلك المعاناة، ما بين هجمات لا تتوقف تقذف الرعب وتبيد الأخضر واليابس، وهل يتوقف تأثير الضربات عند ضحاياها رغم كثرتهم، بالطبع لا ولنتخيل حجم القذائف التي تسقط وبعضها محرم دوليا وأخرى لا نعلمها، وحرق عشرات الجثث وتفحمها يوميا، كل هذا وما يخلفه من عناصر تبقي تسمم هواء القطاع وأرضه ومياهه لأعوام بجانب الأمراض المنتشرة والمنتظر ظهورها. وما ننفك نتابع القتل والتدمير، فلا يصرفنا عنها حديث مجاعة من نوع خاص يتعرض لها أهل غزة تحرمهم من أبسط أنواع الغذاء، وحصار يمنع عنهم حتى الفتات والمياه وأية أدوية قد تبقيهم أحياء بعذابهم لأيام. وانتقل لفكرة أخرى فإسرائيل تعلن أنها لن تشكل لجنة تحقيق حول أسباب 7 أكتوبر وتوابعها، وتعلن كذلك إنها ستبقي لتحتل غزة دون خوف أو اعتبار لأحد، وخبر ثالث عن اجتماع حكومي يبحث خطة جديدة لتوسيع الاعتداءات بغزة مع قرار لمجرمي الحرب باستدعاء الاحتياط، هل لازال بغزة ما يستدعي الاحتياط ؟! وأذهب قريبا من غزة بالضفة الغربية ، لنكتشف أن الجرائم تتسلل رويدا رويدا لمدن الضفة كلها بفظائع أقسي وأنكي، وضربات بسوريا ولبنان وتحرش بإيران وتهديد ووعيد لليمن، ويعلو بالخلفية صوت نتنياهو مرددا بابتسامة السفاحين السمجة أنهم بدأوا ومستمرون في تغيير أوضاع الشرق الأوسط بأسره. لتتسلل بمخيلتي تصريحات ترامب وخريطته عن غزة الجديدة التي يحلم بها بلا فلسطينيين أو عرب. بالله عليكم ماذا نكتب وعن أي شئ نتحدث ؟!