ما أشد اقترابه منا.. نتغافل عنه أحيانا فى متاهة الحياة.. لكن ما يلبث أن يعلن عن نفسه بخطف نفسا من بيننا.. هذا مع حدث لنا فبينما الجميع يتأهب للاحتفال واستقبال شم النسيم فجعنا الموت فى زميلنا البسيط مصطفى محمود عبدالغفار. فى مساء الأحد صبيحة ذلك اليوم انهمرت صفحات زملاء العمل على جروبات المؤسسة تحمل نبأ رحيل مصطفى عن الدنيا صدمته سيارة طائشة لدى عودته من عمله.. كان يملأ أى مكان يحط فيه بالضحكات والبسمات وكأن هموم الحياة لا تعرف طريقا إليه فتراه يرسم البسمة والقهقهة من وجوه الجميع خاصة إذ بدأه أحدهم وناداه باسمه يا مصطفى فتراه تلقائيا مع الكبير والصغير يرد مصطفى بيه لو سمحت قبل أن يستجيب للطلب. عرف عنه الصبر والمثابرة فى العمل فكان إذا تعذر على قسم إيجاد زميل عامل من أجل تأدية طلبات القسم يتم الاستعانة بمصطفى فيدخل والابتسامة تسبق وجهه متهللة أساريره كأنه مقبل على حادث فريد من نوعه وليس مهمة اعتيادية ويبدأ الجميع التحيات كل باسمه وما يستحقه من حيث منصبه وحين يحتد عليه فى الكلام وتنفيذ الأمر لا تجد منه سوى «حاضر.. أوامر سيادتك يا فندم». أكاد أجزم أن عيون كل من عرفته بكته حق البكاء وذرفت عليه الدموع فرغم البساطة التى كان يبدو عليها لكنه استمال القلوب حقا بلين كلامه وبسمة تعلو الوجه وطواعية فى قبول الكلام.. وتودد منقطع النظير إلى جميع الزملاء بتبادل القفشات والنكات ووصلات الهزار.. كل ذلك قوبل بموجة من الحزن عليه كست الوجوه وملأت القلوب بمجرد سريان النبأ الأليم على صفحات التواصل بالفيس بوك ما بين غير مصدق لرحيل أحد البسطاء فى غمضة عين وهو الذى كان يملأ كل الأماكن بهجة وضحكا فى لحظات قليلة وذهول لسرعة فراق وفقدان صاحب قلب طيب لم يشتكِ ضيق الحياة بل كان يوزع البهجة على القلوب أينما حل.