إذا أردت أن ألخص فى كلمات قليلة سر عظمته، سأقول: إنها بساطة القلب، يد تربت بحنان وصدق على القلوب المتعبة.. التسريب الذى أثار جدلاً واسعاً للرئيس جمال عبد الناصر، ويتضمن حواراً بينه وبين الرئيس معمر القذافى، كان عن القضية الفلسطينية. قال عبد الناصر ما معناه إن العرب الذين يطلبون من مصر أن تحارب بالنيابة عن الفلسطينيين يمكنهم أن يفعلوا هم ذلك، وقال إن مصر لا تملك المال ولا السلاح الذى تقف فيه أمام الدعم الأمريكى الكامل لإسرائيل. وذكر فى الحوار المسرب إنه سيدافع عن سيناء، وسيحارب لاسترداد أراضينا، لأنها أرض مصرية.. البعض يشكك فى الحوار نفسه، ويقول إنه مفبرك بالذكاء الاصطناعى، وتطبيقاته المختلفة التى تقلب الحقائق، وتغير الأحداث، والأشخاص بما يتفق مع ما تريد أن توصله أو تنشره لعامة الناس، والبعض الآخر يرى أن الحوار حقيقى، وأن الرئيس عبد الناصر بعد هزيمة 1967 أصبح أكثر إيماناً بأن الدعم المصرى لقضايا العرب يجب أن يكون سياسياً ومعنوياً، لكنه لا يجب أن يتعدى ذلك للتورط فى حروب لا يدفع ثمنها فى النهاية غير المواطن المصرى. أنا شخصياً أميل إلى الاعتقاد بأن الحوار حدث بالفعل، خاصة أن تاريخه يرجع إلى يوم 4 أغسطس 1970، أى قبل وفاة الرئيس عبد الناصر بأقل من شهرين، فى هذا الوقت كان الرئيس عبد الناصر يعيد بناء الجيش المصرى من جديد، بهدف استعادة سيناء التى احتلتها إسرائيل عام 1967. ومضمون الحوار منطقى جداً، فلا يوجد شعب فى العالم يحارب بالنيابة عن شعب آخر. التضامن والتعاطف وتقديم كل سبل المساعدة مشروع وواجب، أما الحرب فهى القرار المتروك لأصحاب الأرض والقضية. البابا فرانسيس حزن العالم على رحيل البابا فرانسيس، لا المسيحيون فحسب، والسبب واضح وجلى، وهو إنه كان إنساناً قبل كل شيء. عرف بكونه نصير الضعفاء، والسجناء، والشعوب المقهورة فى أى مكان على الأرض، وأنه راعى السلام، صاحب القلب الرحيم، الزاهد فى متع الدنيا، عاش فى الأرض فقيراً، لا يملك من متاعها شيئًا، كل ثروته التى تركها هى مائة دولار!. لكن الباب فرانسيس كان غنياً بمحبة الناس له، وصدق مشاعرهم تجاهه. من أزقة بوينس آيرس كان مولده، من حيٍ فقيرٍ ينطق كل ركن فيه بمآسى البشر. انحفرت وجوه هؤلاء الضعفاء فى قلبه، لم تبرح ذاكرته بعد أن تدرج فى المناصب، وارتفع فى المقام. كان يجد فى كل وجه محتاج صورةً للإنسانية الخالصة، ودعا الله أن يجعله عوناً لهم. استجاب الله لدعائه، وأصبح تاج البابا المرصع بالأحجار الكريمة، والعباءة المطرزة، ما هى إلا باب واسع للعطاء الإنسانى الذى لا يعرف الحدود. إذا أردت أن ألخص فى كلمات قليلة سر عظمته، سأقول: إنها بساطة القلب، يد تربت بحنان وصدق على القلوب المتعبة. تواضع حقيقى غير مفتعل، إيمان عميق بأن الدين محبة وجمال. ستظل صورتك حية فى ذاكرتنا رمزاً لرجل عاش ليكون صوتَا لمن لا صوت له، سنداً لمن لا سند له، وستبقى فى قلوبنا صوتاً للنور والضمير. محمد صلاح وليفربول فى كل يوم، ومع كل انتصار عالمى جديد، تتأكد رؤيتى لسر عظمة نجمنا المتوهج نجاحاً، وتحطيماً لكل الأرقام القياسية لنجوم العالم فى كرة القدم. محمد صلاح الذى أهدى نادى ليفربول منذ أيام قليلة الفوز رقم 20 فى الدورى الإنجليزى، وهو نفس الرقم الذى حققه منافسه الأول مانشستر يونايتد. نعم هذا الفرعون المصرى يفعل هذا وأكثر، والسر فى اعتقادى فى رأسه، وليس فى قدمه الذهبية. مخه الذى يفكر ويقرر ويختار الطريق إلى القمة ويصل إليها. دماغه الذى يرفض كل الإغراءات المادية التى يصعب جداً، بل يستحيل على غيره، رفضها تحيزاً للإغراءات المهنية والأمجاد المنتظرة مع بقائه فى النادى الذى كان تميمته، وبالمثل كان صلاح أيضاً تميمة ليفربول. هارمونى نادر الوجود بين لاعب غير عادى بكل المقاييس، وبين نادٍ عريق أصابه الجمود والتراجع فى فترة من الفترات، التقيا الاثنان فى تلك اللحظة الفارقة، ونتج عن هذا اللقاء القدرى نجاحات أسطورية، متتالية، ومستمرة. الكل كان يتوقع أن يوقع صلاح مع أندية أكبر وأشهر من ليفربول، لكنه وبحاسته و»مخه» الذى يوزن ذهباً، قرر أن يبقى فى ناديه الذى اعتبره وطنه الكروى، الذى شهد كل أمجاده ولا يزال. فكرة التمسك بجمهور يغنى له ويرقص امتناناً وعرفاناً بما حققه لناديه تساوى الكثير. فكرة الانتماء لما يستحق الانتماء له دون التفكير فى العرض الأكبر، والفرص الأحسن هو تفكير يتجاوز الحسابات المتعارف عليها، والتى يعتمدها معظم الناس. صلاح خرج عن القاعدة، وصنع قاعدة لنفسه بنفسه، «سأبقى مع ليفربول وسأنجح أكثر وأسعد جمهورى المخلص لى جداً هناك، و سيبقى النادى فى صحوة تلو الأخرى، وانتصار تلو الآخر، لأنه نادٍ يتميز بالتمسك بالقيم الكروية والأخلاقية، نادٍ يحفظ لنجومه أقدارهم، ويفعل المستحيل ليبقيهم فى ناديهم الذى أحبهم فأحبوه». مرحباً بك يا صلاح فى نادى الكبار بعقولهم وطريقة تفكيرهم. مرحباً ب»القاعدة الذهبية» التى وضعتها أنت، لتكسر كل القواعد المتعارف عليها والتى يتبعها معظم الناس. نقابة الصحفيين تجرى انتخابات نقابة الصحفيين بعد غد، يوم الجمعة الموافق 2 مايو 2025. يتنافس على مقعد النقيب الزميلان العزيزان عبد المحسن سلامة، وخالد البلشى، وستة آخرون. كما يتنافس على مقاعد أعضاء مجلس النقابة 43 زميلاً وزميلة. انتخابات نقابة الصحفيين ليست كأى انتخابات فى نقابة مهنية أخرى، فهى حدث يتابعه معظم المهتمين بالشأن العام، لأنها نقابة أصحاب الرأى، المسئولين بشكل مباشرعن تشكيل الرأى العام، وإعلام الناس بما يجب أن يعلموه. أتصور أن الانتخابات هذه المرة ستكون ساخنة بين المرشحين الأساسيين المتنافسين على مقعد النقيب، كذلك أرى مشهداً مختلفاً يتعلق بحضور قوى للمرأة، من حيث العدد والتنوع، وهذا شيء إيجابى جداً، وأتمنى أن تحظى المرشحات اللاتى لديهن الرغبة والقدرة على تقديم خدمات مهمة ومؤثرة لزملائهن وزميلاتهن الصحفيين بدعم ومساندة هذه المرة. لا أقصد أن تعطى الصحفيات أصواتهن للمرشحات النساء فحسب، لكن أرى أن يمتد التأييد ليشمل الصحفيين الرجال أيضاً. أنا لا أنحاز للمرأة من منظور جندرى، ولكن من منظور واقعى، فالمرأة التى لديها رؤية وشغف للعمل العام غالباً ما تكون بصمتها واضحة، وجهدها ملموس فى المجال الذى اختارته ومنحته تركيزها وإخلاصها. وعلى الجانب الآخر، أتمنى أن تجرى الانتخابات يوم الجمعة فى جو ديمقراطى، هادئ، يعكس الصورة التى نتمناها للصحفيين المصريين، وأن يخرج الجميع، الفائزون والذين لم يحالفهم الحظ أصدقاء متعاونين من أجل أن تبقى نقابة الرأى قوية، رائدة، تكمل رسالة الرواد والأسماء المهمة التى قادت العمل فيها: محمود أبو الفتح باشا (أول نقيب للصحفيين فى مصر)، حسين فهمى، على حمدى الجمال، عبد المنعم الصاوى، كامل زهيرى، إبراهيم نافع، مكرم محمد أحمد. هؤلاء الذين يمثلون جيل الرواد. نقابة الصحفيين المصرية تعتبر من أقدم النقابات فى مصر، حيث تأسست عام 1941، وتوالى منصب النقيب حتى الآن 22 نقيباً. أدعو جميع الزميلات والزملاء إلى أداء دورهم الانتخابى، واختيار أفضل العناصر التى تملك إرادة التغيير والتطوير، والارتقاء بمهنتنا العظيمة. فالصحافة المصرية صاحبة تاريخ يستحق أن نحافظ عليه، وأن نستعيد قوته، و ننطلق بمؤسساتنا الصحفية إلى الحداثة وقوة التأثير الذى ننشده جميعاً عشاق تلك المهنة (مهنة البحث عن المتاعب).