اكتشف العلماء طفرة وراثية في بقّ الفراش الشائع تمنحه مقاومة للمبيدات الحشرية، مما يزيد من صعوبة مكافحته، ويثير القلق بشأن فعالية الوسائل التقليدية للتخلص منه. بعد الحرب العالمية الثانية، تمكن العالم إلى حد كبير من السيطرة على بقّ الفراش بفضل الثورة الكيميائية، خاصة مع اختراع المبيد الحشري الشهير ، الذي ألهم لاحقاً كتاب "الربيع الصامت" عام 1962، قبل أن يتم حظره لما له من آثار بيئية وصحية خطيرة. ومع ذلك، منذ بداية الألفية الجديدة، عاد بقّ الفراش إلى الانتشار العالمي، متنقلاً مع المسافرين، وباتت بعض أنواعه قادرة على النجاة حتى من أقوى مبيدات الإبادة. اقرأ أيضًا | طرق فعّالة للتخلص من بق الفراش في المنزل اكتشاف علمي يفسر مقاومة بقّ الفراش للمبيدات قاد فريق من علماء الحشرات في معهد فرجينيا بوليتكنيك وجامعة ولاية فرجينيا دراسة حديثة لفهم سبب مقاومة بقّ الفراش للمبيدات، بحسب sciencealert. هناك نوعان معروفان من بقّ الفراش، وأكثرهما انتشاراً هو Cimex lectularius، جمعت شركات مكافحة الآفات من 22 ولاية أمريكية و4 مقاطعات كندية عينات علمية، حيث تم توفير 134 مجموعة سكانية مختلفة من بقّ الفراش تم جمعها بين عامي 2008 و2022. نظراً لأن مجموعات بقّ الفراش عادةً ما تكون محدودة التنوع الجيني بسبب التزاوج الداخلي، احتاج الباحثون فقط إلى ممثل واحد عن كل مجموعة لإجراء الفحوصات الجينية. وأظهرت النتائج أن حشرتين تحتويان على طفرة نقطية تتسبب في تغيير حمض أميني ضمن المسارات الكيميائية المرتبطة بالجهاز العصبي. يقول الباحث "بوث": "عندما قمنا بفحص عدة أفراد من المجموعتين اللتين ظهرت بهما الطفرة، وجدنا أن جميعها تحمل نفس الطفرات الجينية، وكانت مثبتة بالكامل في تلك المجموعات، وهي نفس الطفرة التي وجدناها سابقاً في الصراصير الألمانية." الطفرة الوراثية A302S ودورها في مقاومة المبيدات تعرف الطفرة المكتشفة باسم طفرة A302S في جين Rdl، وهي معروفة في الصراصير وغيرها من الحشرات بمساهمتها في مقاومة مبيد الحشرات ديلدرين الذي تم تطويره في الأربعينيات كبديل لمادة دي دي تي. لكن مثل دي دي تي، يمتاز ديلدرين بأنه يتراكم في البيئة وفي السلسلة الغذائية، مما يؤدي إلى مشاكل صحية خطيرة، لذلك تم حظره تدريجياً في الثمانينات والتسعينات. ومع ذلك، لا تزال هناك صلة بين ديلدرين ومبيد حشري آخر يُستخدم حالياً ضد البراغيث والصراصير المنزلية وهو الفبرونيل (Fipronil)، الذي يتمتع بفترة تحلل أقصر، مما يجعله أقل ضرراً نسبيًا، رغم تأثيره السلبي على النحل والطيور وبعض الكائنات الأخرى. أثبتت التجارب المخبرية أن الفبرونيل فعال ضد بقّ الفراش، رغم أنه لا يُسوّق رسمياً لهذا الغرض، و تظهر هذه الدراسة أن بقّ الفراش الذي طور طفرة A302S أصبح أيضاً مقاوماً للفبرونيل، تماماً مثل الصراصير الألمانية. يقول بوث: "لا نعرف بعد ما إذا كانت هذه الطفرة حديثة الظهور بعد اكتشاف الفبرونيل، أم أنها ظهرت منذ مئة عام تقريباً." تشير الدراسة إلى أن بقّ الفراش قد تعرض لفترة طويلة لمبيدات من نوع السيكلوديين مثل ديلدرين قبل حظرها، ولا يزال الفبرونيل يُستخدم اليوم في علاجات مكافحة البراغيث لدى الحيوانات الأليفة. بفضل تحليل الخريطة الجينية لبقّ الفراش، يأمل الباحثون أن يتمكنوا في المستقبل من تتبع تطور هذه الطفرة بدقة أكبر، من خلال دراسة عينات أوسع من مختلف المناطق والفترات الزمنية.