طارق الطاهر مما لاشك فيه أن الجامعات المرموقة يتعدى دورها حدود جدران الجامعة، لتخرج إلى المجتمع للتفاعل الحقيقى معه، وتحسن من أدائه، وتكون أداة أساسية من أدوات تطويره وتدفع بكل قوة نحو ما يسمى ب «جودة الحياة». هذا ما شعرت به من خلال تلبيتى لدعوة زيارة الصين، من قبل جامعة جيلين، التى لم تحبسنا فى إطار قاعات الجامعة، بل انطلقت بنا فى زيارة لعدد من مدن شمال شرق الصين، لنزور متاحفها ومعالمها السياحية والأثرية، كما أطلعنا على تجارب هذه الجامعة العريقة بمبانيها وأساتذتها ومتاحفها، وبطرق تفكيرها وبهيئاتها العلمية، المندمجة فى شراكات تعاون مع مؤسسات جامعية وعلمية، داخل وخارج الصين، فهى ترى فى نفسها دائما بأنها مؤسسة «ذات مستوى عالمى مزدوج»، بمعنى تخدم قضايا بلدها الصين، وفى الوقت ذاته تحقق نجاحات فى التواصل مع جامعات كبرى، إذ تتبنى الجامعة استراتيجية الانفتاح الدولى. هذه الجامعة تنتهج ما يمكن أن نسميه ترويج ثقافة البناء فى جيلين على وجه الخصوص وفى الصين عامة، وقد تبدى لى ذلك واضحا من خلال المنتدى الدولى، الذى أطلقته، ولم يشارك فيه فقط كبار المتخصصين فى مجالات الثقافة والفنون والصناعة، بل دمجت طلابها من جنسيات مختلفة، ومنها مصريون، حيث رافقونا فى زياراتنا لعدد من المدن والمتاحف، ليعبروا عن ذلك بلغاتهم، فى إشارة واضحة إلى إلمامهم الدقيق بمفردات الثقافة والصناعة والتنمية التى تجرى فى الصين، وذلك محاولة من الجامعة فى أن يندمجوا فى المجتمع «الأكبر»، ولا تنحصر معرفتهم فى النوع الأكاديمى، الذى يدرسونه، وهو ما جعلهم يكتسبون «شبابا» من دول مختلفة، سيكونون بلا شك سفراء للصين وتجاربها التنموية، إذ رأوا ذلك عن قرب وعلى أرض الواقع، وشعروا بها وتحدثوا عنها بثقة، وسط حضور كبير من «الأساتذة»، الذين صفقوا لهم وشعروا بطمأنينة تجاه دورهم فى تنمية بلادهم.