في زمن أصبحت فيه المشاعر الدينية سوقًا مفتوحًا، وأصبحت فيه مفردات مثل الصدقة الجارية والأجر الممتد، أدوات تسويقية أكثر من كونها دعوات للإحسان. ظهر جيل جديد من المحتالين، لا يرفعون السلاح، بل يرفعون آيات وأحاديث، ولا يسرقون في الخفاء، بل يجمعون الأموال على الهواء مباشرة، تحت شعارات براقة مثل ازرع نخلة، وسقيا الماء، و"احفر بئرًا باسم من تحب. انتشرت حملات تبرع على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، تخاطب وجدان الناس وتعدهم بجنات وأنهار، مقابل تحويل بنكي أو محفظة إلكترونية، لكن خلف هذه الحملات التي تبدو في ظاهرها خيرة، كانت هناك منظومة محكمة، يديرها محتالون محترفون، يستغلون ثقة الناس في الدين، ويستثمرون في مشاعر الرحمة، ليبنوا امبراطوريات وهمية من أموال البسطاء. تفاصيل أكثر إثارة سوف نسردها لكم داخل السطور التالية. في حقيقة الأمر «اخبار الحوادث» كانت من أوائل الجرائد والمواقع التي حذرت في أكثر من تحقيق صحفي من هؤلاء النصابين وغيرهم، فهي ليست أول مرة نتحدث عن تلك الكارثة التي تهدد المجتمع، وتسلب أموال المصريين تحت مسمى الأعمال الخيرية. انتشرت على مدار الشهور الماضية العديد من الإعلانات التي تدعو للتبرع تحت شعار ازرع نخلة، والتي تستولي على أموال المواطنين وإيهامهم بمساعدة المحتاجين، إلا أن سرعان ما تحركت أجهزة وزارة الداخلية لمواجهة عصابات النصب باسم التبرعات، وتحت ستار جمعية خيرية وهمية، يروج لها برنامج على قناة فضائية غير مرخصة، فألقت الأجهزة الأمنية في وزارة الداخلية القبض على المتهمين بإدارة برنامج «ف.ا»، المذاع على قناة فضائية غير مرخصة، للإعلان عن مشروعات خيرية لزراعة النخيل، من خلال الاستعانة بشيوخ مزيفين، بهدف التبرعات النقدية بدون تراخيص، وتبين أن المتهمين يجمعون التبرعات بدون فتح حسابات بنكية، وعدم الاعتماد على ملفات رسمية، حيث جرى العثور على حوالي مليون جنيه مكدسة داخل جوالات في أستديو تابع للقناة، وهو عبارة عن شقة تستخدم لإدارة وبث البرامج، وأذاعت القناة برنامجًا يشرح قيمة الصدقة الجارية، مع ظهور أشخاص يمثلون دور الشيوخ، ومعهم أفراد يدعون مرضهم، لإقناع المواطنين بالتبرع لهم، وكما تم استخدام اسم جمعية خيرية وهمية، تحمل نفس اسم برنامج «ف.ا»، والتي تبين عدم وجود أي مقرات أو حسابات بنكية باسمها، وتم القبض على 4 متهمين، وهم من المعدين والمسؤولين عن البرنامج، والذين يجمعون التبرعات عن طريق الهواتف، إضافة إلى إرسال مندوبين لاستلام التبرعات، مقابل تقديم إيصال ورقي يحمل اسم الجمعية، بدون ختم أو أي بيانات رسمية، وبدون ذكر للحسابات البنكية التي يفترض أن يتم تلقي التبرعات عليها، وتكرر إذاعة العديد من الإعلانات في البرنامج، ومضمونها أن مؤسسة «ف.ا» تدعو أهل الخير للمشاركة في نخيل الخير، التي يعود ثمارها للأرامل والأيتام والمحتاجين، كما ظهرت إعلانات تدعو للمساهمة مع المؤسسة في تركيب وصلات المياه للفقراء والمحتاجين في المناطق المحرومة، وأخرى تدعو اهل الخير للمشاركة في سباق الخير وإعادة بناء أحد المساجد في مركز فوه التابع لمحافظة كفر الشيخ، وفي مركز أطفيح التابع لمحافظة الجيزة، وإعلانات أخرى تدعو للمساهمة في توفير سكن خاص مجهز للمعيشة للأسرة المحتاجة، ومبلغ مالي للمساعدة، وإغاثة مريض قلب مفتوح يستغيث بفريق عمل البرنامج لتقديم المساعدة وتوفير سكن آدمي وإعانته على المعيشة، وتحرر محضر ضد المتهمين، مع إحالتهم إلى النيابة العامة لمباشرة تحقيقاتها. شخص معادى بالتواصل مع الدكتور علي عبدالراضى استشاري العلاج والتأهيل النفسي قال: الانسان كثير التفكير وهذا واقع البشر ولكن التفكير أنواع وأنماط مختلفة فتجد البعض يفكر في نفع البشر وهم قليل والبعض لديه حب ذات ورغبة في الثراء السريع وأن يكون لديه من الاموال الكثير دون مراقبة ولا وضع حدود لذلك فقط يجمع المال بكل الطرق حتى لو استخدم الدين او حتى الظروف التي تمر الناس بها، فهذا الشخص نطلق عليه في علم النفس «الشخص المعادي للمجتمع الشخصيه السيكوباتي» المضاد للمجتمع وهو يوهمك أنه متسامح ولطيف وتنخدع فيه ويقنعك أنه يسهم في عمل خيري وانت تقدم له الاموال رغبة في العمل الخيري أو حتى الاستفادة منه و تكتشف أنه نصاب وأن كل الممارسات والطريقة التي كان يتقرب بها هي عبارة عن خداع واستغلالك دون أن تشعر، لكن بعد التطور التكنولوجي وخصوصًا في السوشيال ميديا كان حظ تلك الفئة اكبر ليجد في ذلك طريقة اسرع للوصول لاكبر شريحة من الناس، ويكون الأمر اسهل لو يستطيع التحدث باسم الدين وقتها يستطيع اللعب على عواطف الناس، فمن المعروف عن الانسان المصري حبه للدين والتعاطف مع الآخرين من المحتاجين لذلك ومع انتشار صفحات جمع التبرعات الانسانية وكثرة هذه الصفحات الوهمية وغير الحقيقية تم استغلال الناس فيها باسم الدين، وهنا يجب على المتبرع الغير واعي أن يعرف أن الصدقات لها جوهر او بمعني يجب عليك المتابعة منك حتى لو كنت تتصدق عن ابيك او امك يلزم ذلك أن تتابع بنفسك العمل وتشعر بالمسؤولية في ذلك. وهنا نستطيع أن نقول عليهم عبارة «تسول المستشيخة» وهي تجارة العمل خيري فهو نمط تسولي يرغمك على إخراج مالك تحت سطوة النصوص وإثارة عاطفتك الدينية، هذا النمط تجده في اعلانات ومنشورات تحت عناوين عدة ك «احفر بئر لسقي الماء، تقديم عقيقة لفقراء افريقيا، ازرع نخلة، النفقة على طالب العلم والساحات العلمية، أداء عمرة دليفري ....» وغيرها كثيرًا، لو أمعنت النظر في حالة المتمشيخ قبل وبعد الإعلانات ستعرف أين تذهب أموالك. نصيحتي للمواطنين انت في عيون النصابين فرصة لزيادة امواله انت في نظره مجرد مبلغ من المال وعيك هو من يحميك إذا كنت تريد عمل الخير فيجب أن تبحث حولك اعرف جيرانك ومشكلاتهم وقتها ستعمل الخير في مكانه اتعب نفسك واذهب الى أي وحدة ضمان اجتماعي واعرف من يحتاج هناك في أخصائيين عملين بحوث للأكثر احتياجًا، وتذكر أن الاتجار باسم الدين بيبعد الناس عن الدين ويجعلهم يعممون فكرة اني كل متحدث باس الدين هو نصاب و مخادع، وتذكر ان كثرة تعرضك لمثل ذلك من الاعلانات تجعل منك متابع لهم وذلك بسبب طريقة التقديم المتكررة التي تشعرك بالقلق فتخضع وتستجيب لا تسلم عواطفك غيرك خليك واعي. القانون ليستكمل إسلام محمد المحامي قائلاً: أمامنا شقين اذا كانت طريقة جمع التبرعات شخصية أى فرد طبيعى هو من يجمع الأموال تكون جريمة نصب فعقوبة النصب في القانون المصري تختلف باختلاف أركان الجريمة، ولكل جريمة أركان وتختلف أركان كل جريمة عن الأخرى وبذلك نذكر الأركان المختلفة لجريمة النصب والشروع في النصب والعقوبة المقررة لهم في القانون المصري، فالركن المادي في جريمة النصب هو الركن الأول الذي يستلزم وقوع عقوبة النصب في القانون المصري ويشمل التاليالركن الأول استعمال وسائل احتيالية التدلياختلفت الآراء الفقهية في تسمية السلوك الإجرامي للنصب، إذ سماه بعضهم احتيالًا وسماه الآخرون تدليسا، لذا فإن مبدأ التدليس أو الكذب هو الأساس في هذه الجريمة ويفعله الجاني بهدف الحصول على المال أو الركن المادي في جريمة النصب، فأكد القانون في عقوبة النصب في القانون المصري أن جريمة النصب المنصوص عليها في المادة 336 عقوبات استعمال وسيلة احتيالية لسلب كل أموال الغير أو بعضها وذلك باستعمال طرق من شأنها إيهام الناس بوجود مشروع مخادع أو واقعة مزورة أو أحداث الأمل بهدف الحصول على ربح وهمي، فعقوبة النصب في القانون المصري والشروع في النصب في القانون المصري إذ عرفت المادة 45 من قانون العقوبات الشروع بأنه البدء في تنفيذ أو قيام عمل بقصد ارتكاب جناية أو جنحة، إذا وفق أو خاب أثره لأسباب لا دخل لإرادة المتهم فيها، فيفترض المشرع الشروع في النصب إتيان المتهم فعلاً يعد بدءًا في إنجاز الجريمة، ثم يتخلف النتيجة الإجرامية لسبب خارج عن إرادته، فالشروع يتحقق بكل عمل يؤدي حالًا ومباشرة إلى ارتكاب الجريمة وقد عبر الشارع عن الشروع في النصف بقوله في عجز الفقرة الأولي من المادة 336 أما من شرع في النصب ولم يكملهفينص القانون على عقوبة النصب في القانون المصري وعقوبة الشروع في النصب في القانون المصري، إذ يعاقب المشرع علي الشروع في جريمة النصب بالحبس مدة لا تتجاوز عام والمادة 336/2، ولم يفرق المشرع بين الشروع والجريمة الكاملة من حيث العقوبة التكميلية الجوازية، فيجوز وضع الجاني تحت مراقبة الشرطة لفترة لا تقل عن سنة ولا تزيد عن سنتين في حالة العودة. أما إذا كان جمع الأموال عن طريق تبرعات بأسم جمعية أو مؤسسة تكون الجريمة وفقًا للقانون رقم 149 لسنة 2019حيث أن تلك القانون الجديد ألغى عقوبة الحبس وأقر بدل منها عقوبة الغرامات ورد أموال التبرعات حيث نصت المادة (94) على أن يعاقب بغرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه، ولا تزيد على مليون جنيه كل من تلقي أو أرسل بصفته رئيسًا أو عضوًا أو عاملًا في جمعية أو مؤسسة أهلية أو أي كيان يمارس العمل الأهلي ولو بالمخالفة لأحكام هذا القانون سواء كانت هذه الصفة صحيحة أو مزعومة، أمولًا من جهة أجنبية أو محلية أو قام بجمع التبرعات بالمخالفة لأحكام هذا القانون وتقضي المحكمة بإلزام المحكوم عليه برد ما تلقاه أو أرسله أو جمعه من أموال، بحسب الأحوال وتؤول هذه الأموال إلى صندوق دعم مشروعات الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وتضمنت (المادة 97) عقوبة تكميلية فضلًا عن العقوبات الأصلية، وهي نشر الحكم بوسائل النشر التقليدية والإلكترونية على نفقة المحكوم عليه، ومصادرة الأموال المضبوطة فى الجرائم المنصوص عليها في المادتين (96،95) وأيلولتها إلى الصندوق، أو بغرامة إضافية تعادل قيمتها فى حالة تعذر ضبطها أو فى حالة التصرف فيها إلى غير الحسن النية، كما أجازت المادة للمحكمة فى جميع الأحوال أن تقضي بغلق المقار وحظر تلقي التبرعات والحرمان من مزاولة النشاط لمدة لا تجاوز سنة . اقرأ أيضا: سقطوا في قبضة الداخلية.. نصابون يمارسون الطب بأوكار سرية