تستعد الحكومة البريطانية لمنح الضوء الأخضر خلال الأسابيع المقبلة لبدء تجارب ميدانية تهدف إلى تعتيم ضوء الشمس كوسيلة جديدة لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري المتفاقمة. وتشمل هذه التجارب الخارجية المحتملة تقنيات مثل حقن الهباء الجوي في الغلاف الجوي أو تفتيح الغيوم لزيادة انعكاس أشعة الشمس، وذلك في إطار الجهود الرامية للحد من تغير المناخ الكارثي، بحسب telegraph. وقد خصصت وكالة الأبحاث والاختراعات المتقدمة التابعة للحكومة البريطانية (Aria) ميزانية قدرها 50 مليون جنيه إسترليني لدعم هذه المشاريع، والتي يُتوقع الإعلان عنها في الأسابيع المقبلة. وقال البروفيسور مارك سيمز، مدير برنامج Aria، إن التجارب "ستكون صغيرة ومُتحكمًا بها في الهواء الطلق وتركز على مقاربات محددة"، مؤكداً أن التفاصيل الكاملة حول الجهات التي حصلت على التمويل ومواعيد بدء التجارب سيتم إعلانها قريبًا. اقرأ ايضا|ماذا تعرف عن يوم الأرض الأول 1970؟ وأضاف: "واحدة من الثغرات الرئيسية في هذا النقاش كانت نقص البيانات الواقعية، النماذج المناخية وحدها لا تكفي، وكل ما نقوم به سيكون آمناً حسب التصميم، مع التزام صارم بإجراء بحوث مسؤولة وآمنة بيئيًا". وأكد سيمز أن التجارب ستخضع لقيود صارمة تتعلق بمدتها وإمكانية عكس نتائجها، مشددًا على أن التمويل لن يشمل أي مواد سامة قد تضر بالبيئة. وتُعد مشاريع الهندسة الجيولوجية (Geoengineering) من أكثر الحلول إثارة للجدل، إذ يرى البعض أنها قد تؤدي إلى تأثيرات جانبية ضارة وقد تُشتت الانتباه عن الهدف الأساسي وهو خفض انبعاثات الكربون. غير أن العلماء يحذرون من أن مستويات ثاني أكسيد الكربون لا تنخفض بالسرعة المطلوبة، مما يستدعي اللجوء إلى تقنيات مبتكرة. من بين أبرز الأساليب المقترحة: طرق انعكاس أشعة الشمس (SRM): وتشمل حقن الهباء الجوي الستراتوسفيري (SAI)، حيث يتم إطلاق جزيئات دقيقة في طبقة الستراتوسفير لتعكس أشعة الشمس بعيدًا عن الأرض. تفتيح الغيوم البحرية (MCB): باستخدام رذاذ من جزيئات ملح البحر عبر السفن لتعزيز بياض الغيوم المنخفضة وزيادة انعكاسها للشمس. وقد لاحظ الخبراء في العقود الأخيرة أن الغيوم فوق ممرات الشحن كانت أكثر سطوعًا بسبب التلوث، وهو ما أسهم في تبريد الأرض نسبيًا، لكن عندما تم تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت بموجب القوانين الدولية في عام 2020، ارتفعت درجات الحرارة العالمية، مما يؤكد التأثير الكبير لهذه الظاهرة. وقال البروفيسور جيم هايوود من جامعة إكستر: "لدينا أدلة قوية على إمكانية تفتيح الغيوم لتقليل حرارة الكوكب، ومنها انبعاثات السفن، وثوران بركاني في آيسلندا عام 2014 أطلق كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكبريت ونتج عنه تبريد مؤقت للغلاف الجوي". وتتضمن الأفكار الأخرى في هذا المجال تلقيح السحب من نوع سيروس، وهي سحب عالية ورفيعة تعمل حاليًا كغطاء يحتجز الحرارة، لكن يمكن تعديلها للسماح للمزيد من الحرارة بالهروب إلى الفضاء. ويؤكد الدكتور سيباستيان إيستهام من جامعة إمبريال كوليدج لندن أن انبعاثات الكبريت من الطائرات الحالية تسبب تأثيرات تبريد طفيفة، مما يفتح المجال لتطبيق هذه التقنيات باستخدام التكنولوجيا المتوفرة حاليًا، مع ضرورة الإجابة على العديد من الأسئلة قبل تنفيذها على نطاق واسع. ويأمل الخبراء في أنه إذا نجحت هذه التجارب، يمكن توسيع نطاقها وتنفيذها خلال عشر سنوات، في ظل تمويل إضافي من Aria يشمل الدراسات النمذجة، والاختبارات الداخلية، ومراقبة المناخ، واستطلاع آراء الجمهور حول الهندسة الجيولوجية.