فى توقيت بالغ الحساسية يتم الكشف عن أمر تنفيذى جديد تقول صحيفة نيويورك تايمز إن الرئيس ترامب سيوقعه هذا الأسبوع لإعادة تنظيم وزارة الخارجية الأمريكية ضمن المخطط الأوسع الذى يشرف عليه- حتى الآن- الملياردير ماسك لما يسميه كفاءة الإدارة فى الحكومة الفدرالية والذى يستهدف خفض الموازنة بما يصل إلى الثلث والاستغناء عن عشرات الآلاف من الوظائف الحكومية!!. ما يستدعى الانتباه- بالنسبة لنا- أن جزءاً كبيراً من التغيرات المقترحة سيكون فى إفريقيا حيث ينص الأمر التنفيذى المقترح على إغلاق العديد من السفارات والقنصليات الأمريكية فى القارة السمراء وتقليص النشاط الدبلوماسى هناك لأقصى حد وخاصة فيما يتعلق بالمناخ واللاجئين والديمقراطية وحقوق الإنسان، وتسريح أعداد كبيرة من العاملين بالخارجية الأمريكية ومكاتبها وفقا لهذا البرنامج المقرر أن يبدأ تنفيذه فى أكتوبر القادم. الغريب أن يتم ذلك فى ظل ظروف عالمية شديدة الاضطراب، ومع بداية حرب تجارية عالمية وصراع لا مفر منه بين أمريكاوالصين ستكون إفريقيا - بأسواقها الشاسعة ومواردها الثمينة - أحد ساحات هذا الصراع الرئيسية!!. فى أوقات سابقة كان التواجد الأوروبى فى القارة يحقق بعض التوازن فى المنافسة التجارية والسياسية فى ظل ما كان يعرف بالتحالف التاريخى بين أوروبا وأمريكا، الأمر الآن اختلف وواشنطن تخوض حدودها التجارية وحدها وضد الجميع بمن فيهم حلفاء الأمس القريب!! وهو أمر يستدعي- فى الظروف الطبيعية- تواجداً سياسيا ودبلوماسيا أكبر وليس انسحاباً من مناطق أساسية فى العالم مثل إفريقيا بحجة توفير النفقات.. وهو أمر قد يصلح فى إحدى شركات ماسك لكنه لا يصلح لإدارة عالم يمر بفترة دقيقة وخطيرة وهو يبحث عن نظام عالمى أكثر عدالة وأشد استقراراً. الحسابات فى إفريقيا، وفى العالم كله لابد أن تراعى ما يحدث من تغيرات عالمية سريعة وشديدة التأثير.. واضح أن واشنطن تريد أن تتخفف من كل ما تستطيع التخلى عنه من مسئوليات كانت تتحملها كدولة عظمى !! فى هذا الإطار تأتى قرارات الانسحاب من اتفاقيات مثل اتفاقية المناخ ومن التزامات لتمويل منظمات دولية مثل الصحة العالمية، وفى هذا الإطار يمكن أن تغلق سفارات فى إفريقيا كما ستلغى وزارة التعليم فى أمريكا!!. هل تملك أمريكا رفاهية الاستغناء عن إفريقيا وعن العالم؟.. سؤال إجابته يعرفها الأمريكيون جيداً.. ويعرفها أكثر الملياردير ماسك الذى سيغادر موقعه الحكومى قريبا بعد أن كشفت حرب الجمارك أن سياراته الأمريكية مصنوعة فى الصين وأن المعادن النادرة التى تبحث عنها أمريكا هى حتى الآن تحت سيطرة الصين التى ذهبت مبكراً الى إفريقيا وإلى غيرها من مناطق العالم!!. ومع ذلك يبدو أن هناك قراراً أمريكياً بالاستقالة، وأن على كل أطراف النظام العالمى أن يستعدوا لتوابع ذلك.