يستعد أنصار الرئيس الأمريكى ترامب لاحتفالات ضخمة بمناسبة مرور أول مائة يوم له فى البيت الأبيض فى ولايته الثانية. هذه الفترة التى تعتبر -فى العادة- أيام شهر العسل بالنسبة لأى رئيس أمريكى لا يبدو أنها كانت كذلك، بل كانت أياما صاخبة تنتهى الآن مع حالة مثيرة للجدل واستطلاعات رأى تقول إن التأييد لترامب فى حدود 42% بينما المعارضة تصل إلى 54% ومع حالة من الصراع الداخلى المتزايد ومخاطر الحرب التجارية التى أعلنها ترامب، والتى يدفع المستهلك الأمريكى فواتيرها قبل أى طرف آخر! الرئيس الأمريكى الذى تسلم الحكم فى ظروف مثالية لأى رئيس، ومع سيطرة كاملة للجمهوريين على مجلسى النواب والشيوخ بدأ بإطلاق وعود كبيرة بإنهاء الحروب فى أوكرانياوغزة فى نفس يوم تسلمه للسلطة، وبفرض السلام فى العالم من موقع القوة.. والنتيجة بعد مائة يوم فى الحكم أنه -رغم انسحابه من الحرب فى أوكرانيا والتسليم بمعظم مطالب روسيا- فإن الحرب مستمرة حتى الآن والعلاقات مع الحلفاء فى أوروبا هى التى تضررت. أما فى غزة فلا شىء إلا الدعم غير المسبوق لحرب الإبادة الإسرائيلية ومخطط التهجير القسرى للفلسطينيين وأوهام ريفيرا الشرق الأوسط وسلام إبراهام بديلا لسلام العدل والحقوق المشروعة لشعب فلسطين! وبدلا من إنهاء الحروب كما وعد، يطلق ترامب حربه التجارية ضد العالم كله، ويبدأ معركة الرسوم الجمركية ضد الخصوم والحلفاء معًا!! وإن كانت المواجهة الأساسية هى من البداية مع المنافس الرئيسى الصين، وحتى الآن يكشف التضارب فى القرارات الأمريكية عن سوء تقدير مستغرب من إدارة تملك كل قدرات الدولة الأقوى فى العالم. والنتيجة أن الصين «التى كانت مستعدة للمعركة التجارية»، قد قبلت التحدى لتواجه أمريكا وهى بلا حلفاء، وليكون التراجع الأمريكى حتميا لإنقاذ الوضع الاقتصادى داخل أمريكا من عواقب حرب الجمارك الذى يبدو أنه كان مفاجئًا لمَن أطلقوا هذه الحرب دون حسابات جادة! مع جمارك تصل إلى 145٪ ومرشحة للتصاعد المتبادل مع الصين سيكون العبء باهظا على المواطن الأمريكي، ومع تحذيرات البنك الفيدرالى المركزى بأن التضخم يرتفع ومعدل النمو سينخفض وشبح الركود يطل بقوة، ومع ارتفاع صوت المستثمرين والصناعيين داخل أمريكا من عدم انتظام سلسلة التوريد وارتفاع التكلفة.. مع كل ذلك تبدو حصيلة المائة يوم الأولى ثقيلة بالفعل مع عهد بدأ بوعود كبيرة بتحسين الاقتصاد وتخفيض الضرائب ومكافحة البطالة التى لم تكن تتجاوز بالفعل 4٪! وربما الأخطر فى حصيلة المائة يوم الأولى هو هذه الحرب المعلنة على كل مؤسسات الدولة الأساسية «الحكومية والمدنية معا»، بحجة توفير الأموال، وإن كان الهدف هو إعادة تشكيلها لخدمة الفكر اليمينى وضمان سيطرته، ولقمع كل صوت معارض بحجة أنه يسارى أو ماركسى!!.. الهجمة على جامعات أمريكا، التى يقودها ترامب بنفسه تفقد أمريكا أهم ما كانت تملكه من احترام لتعدد الآراء ولاستقلال الجامعات، وتعلن عن مواجهة حتمية مع جيل جديد رفض الانحياز للنازية الجديدة فى إسرائيل وطلب العدل والحرية لفلسطين. هل يكون الاحتفال بمائة يوم فى البيت الأبيض موعدًا لمراجعة مطلوبة لسياسات أمريكا كما يأمل غالبية الأمريكيين؟!.. الأمر مستبعد لأن البعض يتصور أنها مناسبة للمطالبة بولاية ثالثة لترامب مع وداع ملائم لديمقراطية أمريكا ودستورها.