خمسون عامًا مرّت على رحيل "كوكب الشرق"، لكن صوتها لا يزال حيًا في وجدان الملايين، وأغانيها ترددها الأجيال دون ملل اليوم، وبمناسبة ذكرى وفاتها الخمسين، تعود أم كلثوم إلى خشبة المسرح، ليس بصوتها فقط، بل عبر عمل مسرحي موسيقي ضخم يجسّد حياتها الفنية والإنسانية، في محاولة لإعادة إحياء تراثها الخالد، وربطه بجيل جديد لم يعرفها إلا من خلال التسجيلات. مسرحية بحجم أسطورة: أعلنت أسرة العمل، خلال مؤتمر صحفي عقد في القاهرة، عن انطلاق التحضيرات الرسمية للمسرحية الموسيقية "أم كلثوم"، والتي تعد واحدة من أضخم الإنتاجات الفنية في السنوات الأخيرة، من تأليف وإنتاج الدكتور مدحت العدل، وإخراج أحمد فؤاد، وموسيقى وألحان خالد الكمار وإيهاب عبد الواحد. اقرا أيضأ|بدء التحضيرات لأضخم مسرحية موسيقية عن أم كلثوم | صور يقول العدل في تصريحات صحفية : "أردنا أن نقدم عملًا يعيد أم كلثوم إلى الحياة، ليس بطريقة تقليدية، بل من خلال تكنولوجيا المسرح الحديثة، وإيقاع يناسب عقل وروح الجيل الجديد". المسرحية تسلّط الضوء على محطات رئيسية في حياة سيدة الغناء العربي، بداية من نشأتها في قرية صغيرة بمحافظة الدقهلية، وحتى وصولها إلى قمة المجد الفني، في مشوار حافل بالنجاحات والتحديات، عايش فيه الجمهور العربي لحظات وطنية وإنسانية فريدة عبر صوتها. استخدام التكنولوجيا لإحياء التراث: واحدة من أبرز ملامح هذا العمل المسرحي هو استخدام الوسائط التكنولوجية الحديثة، مثل العروض ثلاثية الأبعاد، والخدع المسرحية المتطورة، لتقديم تجربة بصرية وسمعية مبهرة، هذه التقنيات تُستخدم ليس فقط لتجسيد الحفلات، بل لإظهار مشاهد درامية من حياة أم كلثوم، لم تعرض من قبل. كما يتضمن العرض مقاطع غنائية تم إعادة توزيعها بما يواكب العصر، دون المساس بالأصالة التي عُرفت بها أغاني أم كلثوم، مثل "إنت عمري"، و"الأطلال"، و"فكروني". من هي أم كلثوم؟ اسمها الحقيقي فاطمة إبراهيم السيد البلتاجي، وُلدت في قرية طماي الزهايرة بمحافظة الدقهلية في 31 ديسمبر عام 1898 (وتُذكر تواريخ أخرى مثل 1904). نشأت في بيئة دينية، وبدأت بالغناء مع والدها في حفلات الإنشاد الديني، قبل أن تنتقل للقاهرة في بداية العشرينيات، حيث بدأت رحلتها الفنية الكبرى. في العاصمة، التقت بكبار الشعراء والملحنين مثل أحمد رامي، محمد القصبجي، زكريا أحمد، رياض السنباطي، ثم لاحقًا محمد عبد الوهاب وبليغ حمدي،أصبحت أم كلثوم رمزًا وطنيًا لا يضاهى، وكانت صوت الشعب في لحظات النصر والانكسار. رمز وطني وثقافي: لم تكن أم كلثوم مجرد مطربة، بل رمزًا للهوية العربية والمصرية، وصوتًا للوطنية والكرامة. بعد نكسة يونيو 1967، قدّمت حفلات لصالح المجهود الحربي، وجمعت ملايين الجنيهات لدعم الجيش، جمهورها لم يكن فقط من المصريين، بل من المحيط إلى الخليج، ومن باريس إلى موسكو،وبحسب نقاد فنيين، فإن أم كلثوم استطاعت بفنها أن "توحد العرب ساعة في الأسبوع"، في إشارة إلى حفلاتها الشهرية التي كانت تُبث عبر أثير الإذاعات العربية. اليوم، وبعد خمسين عامًا على رحيلها، تعود أم كلثوم إلى المسرح، لا كشخص، بل كفكرة، وكحالة فنية وإنسانية باقية، تعود في صورة مسرحية موسيقية تحترم تراثها وتُخاطب المستقبل،إنها لحظة استثنائية تحمل رسالة: أن الفن الأصيل لا يموت، وأن الصوت الذي خرج من قرية صغيرة ليطرب العالم، لا يمكن أن ينسى،أم كلثوم، صوت باقٍ ما بقيت الروح في الأغنية.