من يتابع المشهد في قطاع غزة ليلة بعد الأخرى، يجد أن الوضع هناك هو الأسوأ بعينه منذ احتلال القطاع قبل 57 عاماً والأفظع منذ نكبة عام 48، ولم يحرك أحد ساكناً ما عدا تلك الدول التي لم ولن تدخر جهداً في نصرة الأهل وفي مقدمتها الدولة المصرية بشعبها ورجالها وسيداتها، وما فعله المصريون عقب صلاة عيد الفطر كان تظاهرة شعبية كبيرة، حركتها مشاعر الناس معلنة لا للتهجير.. لا للإهانة.. لا لأعمال القتل والتعمد في دفع الناس نحو التهجير، حتى ولو كان طوعياً. إسرائيل ومن يدعهما ينتهجون سياسة الشيطان من تجوبع وفقر وإهانة، ثم دفع الناس قهراً إلى الهروب الجماعي حتى وكالتهم المزعومة لمساعدة الغزاويين للهجرة طوعاً، وتحت طوعاً نصف خطوطاً عامة لأن فيها تفاصيل يكمن خلفها إبليس وابناؤه أن التحرك العربي لابد له أن يكون شرساً وكبيراً وجماعياً فلا طرف يتحرك منفرداً أو حتى يقاتل وحده في الميدان. ومن تابع زيارة الرئيس الفرنسي إلى القاهرة، ولقائه مع أطياف المجتمع المدني المصري سياسياً وتجارياً وجامعياً، يعرف تماماً أننا أصحاب حق ولن نسمح لإسرائيل أو غيرها باغتصاب هذه الحقوق وربما من قبلها قالها الرئيس السيسي لم نترك غزة أو نقبل بظلم يقع عليهم أو حتى مجرد التفكير في تهجيرهم، ما سبب صدى كبير في الشارع الأوروبي. القارئ العزيز، غزة اليوم بغداد أمس وبيروت أمس الأول، وبقراءة بسيطة في أحوال القطاع نرسم سوياً حجم المأساة.. كتلة من الرماد وتلال من الركام وانعدام الخدمات الصحية وخروج أغلبها من الخدمة العامة انهيار المنظومة الطبية والعلاجية حتى الأطقم البشرية لم تعد قادرة أو حتى تستطيع تنفيذ أبسط المقومات العلاجية نظراً لانعدامها حتى في أحلك ظروف الصيام المعلبات فقط لا غير فلا تتحدث عن بروتين داجني أو حيواني أو سمكي. أطفال ماتوا وآخرون في طريقهم للموت وشيوخ ونساء ورجال حتى الشجر مات وانقطع.. المشهد مرعب وأسود والكل سيدفع الثمن، ولكن ترى ما الحل وكيف السبيل.. الحل والسبيل برؤية مختلفة هي استنفار عربي من المحيط إلى الخليج لأن نصرة المظلوم هي من ثوابت الدين ونصرة الحق فرض عين على الجميع من نواكشوط إلى القاهرة ومن مقديشو إلى بغداد. لا زلت انتظر تحركاً عربياً ودولياً يكون الأقوى يقول للظالم لا والمظلوم أنا معك ناصراً ومؤيداً.. غزة أمانة عربية والقدس أمانة إسلامية عربية، ولهما منا كل الدعم. كاتب وباحث سياسي وزميل كلية الدفاع الوطني