الأزمات والمتغيرات التى تلاحق التجارة العالمية منذ سنوات، نتيجة فرض الدول الغنية شروطها على الدول النامية والأقل نموًا، تجعل الجميع يشعر بخيبة الأمل، فحركة التجارة العالمية يهيمن عليها الأكثر ثراءً والأكثر إنتاجًا. لقد فشلت منظمة التجارة العالمية، وعلى مدار سنوات، فى إعادة هيكلة النظام العالمى للتجارة، وتركت الدول الفقيرة فريسة للدول الغنية، ومن يتضرر من تقلبات الأسواق والأسعار هى الدول الأكثر استيرادًا للخامات والمنتجات والسلع الغذائية، بينما الدول التى تستطيع تقليل فاتورة الواردات وزيادة الصادرات، تتمتع باقتصاد أكثر استقرارًا، لما تملكه من مرونة فى التعامل مع الأزمات وقدرة على تلبية الجزء الأكبر من احتياجات السوق المحلي. فى هذه المرحلة، يتحدث كثيرون عن إمكانية استقبال السوق المصرى للعديد من مصانع بعض الدول التى فُرضت عليها رسوم جمركية مرتفعة من قِبل الولاياتالمتحدة. وقد تكون هذه الرؤية واقعية جزئيًا، إلا أن الأصل فى الأمر، سواء وُجدت أزمات أم استقرار، أن مصر من الدول التى تحتاج إلى توطين العديد من الصناعات، نظرًا لتعداد سكانها الكبير، وهو ما يفرض تحقيق معادلة الاستقرار فى الأمن الغذائي، إلى جانب توطين صناعات أخرى منخفضة التكلفة ومرتفعة فى فاتورة الاستيراد. أعتقد أن الدولة المصرية تسير فى الاتجاه الصحيح، خاصة فى ملف الزراعة، ولكن هناك صناعات أخرى تحتاج إلى المزيد من الاستثمارات، مثل السلع الهندسية، وصناعة السيارات، والصناعات التى تعتمد على خامات موجودة بالفعل فى السوق المحلي. تظهر الحروب التجارية فى أوقات الأزمات، ويكون الصراع بين الدول ذات الاقتصاديات الكبرى، وبطبيعة الحال تتأثر الدول المستوردة، لأنها مضطرة للاستيراد لتلبية احتياجاتها وضمان استمرار الإنتاج. الفرص لا تأتى كثيرًا، والمتغيرات العالمية تُعد فرصة للدول النامية، ومنها مصر، لتشكيل تكتلات اقتصادية تضمن على الأقل إدخال منتجات جديدة إلى الأسواق المحلية، إما عبر التصنيع المشترك أو عبر ضخ الاستثمارات فى الدول التى تملك ميزات تنافسية فى بعض الخامات. ستفرض الحرب التجارية على الجميع موجة جديدة من ارتفاع الأسعار، والعالم لا يزال يحاول التعافى من تداعيات جائحة كورونا والحروب المشتعلة، لذا علينا أن نستغل هذه الفرصة ونعمل على جذب المزيد من الاستثمارات المحلية والأجنبية، لتجنب خسائر الحروب التجارية العالمية. وتحيا مصر.