في عالم يسوده التسارع العقلي والذهني، يبحث الجميع عن وصفة للحفاظ على التركيز والذاكرة والقدرات الذهنية الحادة، خاصة مع التقدم في العمر، المفاجأة جاءت من العلماء الذين توصلوا إلى أن "الوصفة السحرية" ليست مكملات غذائية أو ألعاب ذكاء رقمية، بل ببساطة: الحركة، فالنشاط البدني أثبت مجددًا أنه المفتاح الحقيقي لصحة الدماغ في كل مراحل الحياة، وذلك بعد مراجعة شاملة لأكثر من 2700 دراسة علمية. بحسب ما نشره موقع Naukatv.ru ونقله موقع The Conversation، توصل فريق من العلماء، بعد تحليل بيانات أكثر من ربع مليون شخص، إلى أن النشاط البدني هو العامل الأكثر تأثيرًا على صحة الدماغ والوظائف المعرفية. اقرأ أيضًا | فوائد اليوجا للحفاظ على صحتك وأظهرت المراجعة العلمية الشاملة أن التمارين البدنية المنتظمة ، سواء كانت تمشيًا، أو ركوب دراجات، أو حتى ممارسة الرقص أو اليوجا ، لها تأثير إيجابي مباشر على: القدرات المعرفية مثل سرعة التفكير والتعلم واتخاذ القرار. الذاكرة قصيرة المدى وقدرة استرجاع المعلومات. الوظائف التنفيذية كالتركيز وحل المشكلات والانضباط الذاتي. كما اتضح أن حتى الألعاب الإلكترونية النشطة، مثل لعبة "بوكيمون جو"، تسهم في تحفيز الدماغ بسبب المزج بين الحركة الجسدية والتركيز الذهني. واعتمد الباحثون على اختبارات متنوعة لقياس الأداء المعرفي للمشاركين، منها: حفظ قوائم كلمات، حل ألغاز، التبديل بين المهام، وغيرها، وكانت النتائج واضحة: المواظبة على الحركة تُنشّط الدماغ وتحافظ على لياقته تمامًا كما تفعل في الجسد. ما هو الحد الأدنى المطلوب؟ يوصي العلماء بالممارسة المنتظمة للتمارين وفقًا لهذه الإرشادات. 15 دقيقة من التمارين المتوسطة أسبوعيًا (مثل المشي السريع أو ركوب الدراجة) أو 75 دقيقة من التمارين المكثفة (مثل الجري أو تمارين HIIT) بالإضافة إلى تمارين تقوية العضلات مرتين أسبوعيًا (مثل رفع الأثقال أو تمارين المقاومة) حتى الأنشطة منخفضة الكثافة ك اليوغا وتاي تشي أثبتت فائدتها الكبيرة، إذ أنها تجمع بين الحركة الجسدية والتركيز الذهني، ما يخلق بيئة مثالية لتحفيز الدماغ. متى تبدأ النتائج في الظهور؟ يقول الباحثون إن 12 أسبوعًا فقط من الانتظام كفيلة بتحقيق تحسن ملحوظ في الأداء العقلي، بل إن ممارسة التمارين لمدة 30 دقيقة متواصلة في كل جلسة يمكن أن تُحدث فرقًا ملموسًا خلال فترة قصيرة. ومن بين النتائج المثيرة للاهتمام التي أوردتها الدراسات: زيادة حجم الحُصين في الدماغ (المنطقة المسؤولة عن التعلم والذاكرة)، بنسبة تصل إلى 2% عند كبار السن، وهي نسبة تعادل عكس تأثير الشيخوخة لمدة عامين تقريبًا. التمارين عالية الكثافة مثل التدريب المتقطع (HIIT) تُحفز ما يعرف ب"المرونة العصبية"، وهي قدرة الدماغ على إعادة تشكيل نفسه وتكوين وصلات جديدة بين الخلايا العصبية. إذا كنت تبحث عن سرّ التركيز والذاكرة القوية، فإن الحل أقرب إليك مما تتصور ، انهض وتحرك،الرياضة لم تعد فقط وسيلة لتقوية الجسد، بل أصبحت ضرورة للحفاظ على ذهن متّقد طوال العمر، وفي عالم يعتمد فيه النجاح على صفاء الذهن وسرعة الاستجابة، لا شيء يضاهي تأثير التمارين المنتظمة على جودة الحياة العقلية والنفسية.