السيد الأستاذ محمود الخطيب لا تحية يقينًا قد يفاجئك مناداتك ب«الأستاذ» بدلًا من « الكابتن»، وحتى أبدد دهشتك سريعًا، حينما بحثت عن تاريخك باعتبارك لاعبًا في المنتخب أو في النادي الأهلي، وجدته ضئيلًا جدًا مقارنًة بأقل «كابتن» للمنتخب أو للنادي حصدًا للألقاب. وحينما وليت وجهي شطرمؤهلاتك وخبراتك الإدارية، اكتشفت أن مؤهلك الوحيد الذي صعد بك إلى سدة الحكم في الأهلي، هو كونك «الظل الأمين» لحسن حمدي سواء في الأهلي أو وكالة الأهرام للإعلان ( وقصة الوكالة فيها ما فيها). وفيما يخص تاريخك التدريبي فحدث ولا حرج، لذا وجدت أنه من اللائق عدم وصفك بصفة لا تليق بك.. هذا عن «الأستاذ ». أما القصد من عدم إلقاء التحية يعود يا أستاذ محمود إلى قصة يطول شرحها، وسأقوم حالُا بسردها وكلي ثقة بأنك ستعلم فور الانتهاء منها، أنني لستُ من المنافقين الذين يبدون عكس ما يبطنون. في البدء.. حتى لا أهدر وقتك الثمين فيما تعتقد أنه لا طائل منه، الأمر يا أستاذ محمود يتعلق بنادي الزمالك، القطب الثاني للرياضة المصرية، وأحد أدوات القوة الناعمة المصرية عربيًا وإقليميًا ودولياً، إذ يبدو أن أمورًا كثيرة اختلطت عليك نتيجة « غرور القوة» ومنها: أننا تربينا وترعرعنا على أن مصر هي الأهلي والزمالك أو العكس، وأنهما عمودا الخيمة الذي يرفُد المنتخبات المصرية باللاعبين في مختلف الألعاب، وأنهما مثل أي « ديربي» في العالم، تبدأ وتنتهي المنافسة بينهما داخل المستطيل الأخضر. وحتى أكون منصفًا معك، كان من وقتٍ لآخر تحدث بعض « الخروقات» التي تعكر صفو العلاقة بين الناديين، لكنها كانت في حدها الأدنى وتتبخر سريعًا. غير أنه في السنوات الأخيرة، تحول الأمر -من قبلك - من مجرد منافسة إلى رغبة حثيثة لاستنساخ تجربة إضعاف الإسماعيلي، وتطبيقها مع الزمالك بصورة أشد ضراوة، وكأن مفهومك للنجاح الإداري يتمثل في إضعاف المنافسين، تمهيدًا لإخراجهم من حلبة المنافسة. لايُخفى عليك يا أستاذ محمود أن مناسبة هذا الكلام ما حدث في واقعة «زيزو»، حيث وجدت ضالتك في ابن عاق وأب جشع، وهو ما سرع من عملية نزع ورقة التوت عن خبث مقاصدك، سيما وأن السياق الذي صاحب الحصول على توقيع اللاعب، يشي بأن الهدف لا يقتصر على الظفر بجهود اللاعب، بقدر ما هو محاولة توظيف مصادر التمويل «السخية» في «كسر» الزمالك باعتبارها الخطوة الأخيرة نحو «التفكيك»، وذلك ردًا على رفض الأبيض خوض القمة بطاقم تحكيم أجنبي أو تأجيلها، والتمسك بتطبيق اللائحة على الأهلي الذي انسحب من المواجهة. أنا أعلم وأنت تعلم بأن «الصفقة» تمثل قمة جبل الجليد الغاطس في بحر من الموبقات القانونية والأخلاقية، غير أن إعلامك وذبابك الإلكتروني يحاول لي عنق الحقائق كدأبهم دومًا، من خلال تصوير الأمر على أنه فشل إداري «بحت» من الزمالك، الذي أرجأ ملف التجديد مع اللاعب حتى بات من حقه التوقيع لأي نادي بحرية تامة، وأن الأمر عرض وطلب في ظل عالم الاحتراف «سداح مداح» الذي يتماهي مع مقاصدك. مزاعم إعلامك وذبابك لا تنطلي على أحد، وهدفها الأول والأخير إهالة التراب على مخططات معلومة الغرض والهوى. إحقاقًا للحق عدم تجديد أو بيع الزمالك للاعب يمثل «سقطة إدارية» لمجلس الإدارة، كفيلة بالزج بهم جميعًا إلى مزبلة التاريخ، لكن هل هذا مبرر للسعي إلى تفجير الزمالك من الداخل؟ ورغم يقيني بأن الزمالك سيظل عصيًا على التغييب، لأنه مثله مثل الأهلي تاريخ وحاضر ومستقبل مصر، إلا أن تجاوزك الخطوط المرسومة، يرسل إشارات عالية الخطورة لابد من التعاطي معها جيدًا قبل فوات الآوان. عنصر آخر يا أستاذ محمود يتعلق بأمر الصفقة المُشار إليها عاليًا، قبل سنوات نجح الزمالك في التعاقد مع عبدالله السعيد نتيجة «سقطة» مجلسك إداريًا، هل سمح أحد لمجلس الزمالك أن «يكسر » الأهلي أم حدث العكس، حفاظًا عليك وعلى مجلسك من غضب جماهيرك؟ قد يرى المحسوبون على المعسكر الأحمر أن ما سبق ليس له محل من الإعراب، لكنني سأدحض هذه المزاعم في عدد من النقاط يمكن إيجازها فيما يلي: أولًا: الدعم السخي الذي تمنحه الدولة للنادي الأهلي، والملايين عابرة للقارات التي تغض الدولة الطرف عنها وتصب في خزينة ناديك، هدفها الأول والأخير أن يظل الأهلي متقدمًا بخطوة عن غريمه التقليدي ( لأسباب أنت تعلمها جيدًا)، لذا من الأفضل لك أولاً، وللرياضة المصرية ثانيًا عدم استغلال هذه الأموال لتحويل الزمالك « حديقة خلفية» لناديك، لأن الرياضة المصرية بدون الزمالك تخسر كثيرًا. ثانيًا: تضمين بيان نادي الزمالك الخاص بالإعلان عن نهاية علاقته بلاعبه السابق «التأكيد على أنه لا تهاون في اعتبار الأهلي منسحبًا وخصم 6 نقاط»، يؤكد بصورة قاطعة أن الكواليس شهدت مساومات ومناورات: «زيزو» مقابل إعادة القمة، وإلا ماذا تُفسر تضمين بيان انتهاء علاقة نادي بلاعبه واقعة القمة. ثالثاً: اختيارك موعد تفجير قنبلة زيزو قبل 24 ساعة من لقاء هام يمثل فيه الزمالك الدولة المصرية في بطولة قارية، يجسد مدى الرغبة في تغييب زيزو عن اللقاء رغم ما يمثله من قيمة فنية، وتوجيه ضربة معنوية قاتلة للفريق بالكامل، قد تفضي في النهاية إلى هزيمته وخروجه من بطولة قارية، وهو ما حدث بالفعل في دلالة لا تخطئها عين بأن مصلحة مصر لا تعنيك، أضف إلى ذلك بأنه تكرار للسيناريو الذي حدث مع باتريس كارتيرون قبل نهائي القرن الإفريقي الشهير مع اختلافات هامشية، ما يؤكد مجددًا بأن ما حدث كان بفعل استعانتك ب« صديق خارجي». رابعاً: لماذا تتعامل وفق منطق «الخطيب فوق الجميع»؟ لماذا لا تستوعب بأنك اتخذت قرارًا لم يسبقك إليه أحد غير قدوتك «في الإدارة وغير الإدارة» حسن حمدي، ويمثل سُبة حقيقية في تاريخ الأهلي بانسحابك من لقاء القمة؟ ومن أين جئت بكل هذه الثقة بأن عدم تأجيل اللقاء أو إسناد إدارته لحكام أجانب، يمثل خرقًا لنواميس الكون يستوجب معه إلغاء الدوري؟ لماذا دوماً تلجأ لسياسة «العصا أو الجزرة» لإرهاب الأطراف كافة؟ يا أستاذ محمود قرارك بالانسحاب مرآة تعكس فشلك الإداري، لماذا تعاني من «الإنكار اللا إرادي » لهذه الحقيقة، ولماذا لا تدرك أن قرارك هذا وضع بيراميدز على بعد أمتار من أول لقب دوري في تاريخه ولن يكون آخر لقب، وقد يعيد الزمالك مجددًا إلى دوري الأبطال الإفريقي. قولاً واحدًا: كافة الحسابات الفنية والإدارية والاستثمارية لقرار الانسحاب تعكس حقيقة قدراتك في علم الإدارة الرياضية. خامساً: لا أُخفيك سرًا يا أستاذ محمود بأنك بعد ضم زيزو مقابل تقريبا نصف مليار جنيه مصري، أثبت صدق وجهة نظري بأنك تُجيد فن « كيد النسوان» أكثر من إجادتك فنون الإدارة الرياضية، هل هناك لاعب في مصر يستحق هذا الرقم؟ وهل هناك لاعب في مصر يملك القدرة على رفض هذا الرقم؟ والأهم .. أيهما أفضل للكرة المصرية أن تتعاقد مع «نجم» خارجي يضيف للكرة المصرية وللبطولات المحلية قيمة وقوة أم حرمان منافسك من أبرز نجومه؟ أعلم بأن ما أذكره مثار سخرية بالنسبة لك ولمعسكرك، لأنني أحدثك عما تفتقده وهو «شرف المنافسة». سادساً: عليك أن تتذكر يا أستاذ محمود أن الدولة ساندتك بعد الموسمين العجاف، الذي حصل خلالهما الزمالك على بطولة الدوري قبل سنوات قليلة، ووقتها أطلق مرتضى منصور رئيس الزمالك صيحته المشهورة «مش هناخد الدوري للمرة التالتة مهما عملنا .. علشان البلد مش عاوزة تزعل الخطيب»، فالدولة التي أعادت إليك لقب الدوري لن تتخلى عن مساندة ودعم الزمالك. سابعاً: عامل آخر يجب عليك أن تعيه جيدًا ألا وهو أن الفتنة الرياضية أشد وطأة على مصر من أي فتنة سواها، مالا يستوعبه أفقك الضيق وجود تحديات جمة تواجه الدولة المصرية على كافة الأصعدة الخارجية والداخلية، وأن القيادة السياسية لا تدخر جهدًا في سبيل الإعلاء من قيم الاصطفاف الوطني من أجل تحصين الجبهة الداخلية، هل تعتقد أنه أمام هذه التحديات يمكن التساهل مع أي محاولات لإشعال فتنة رياضية؟ ثامناً: قبل تقريباً 20 عامًا جمعتني الصدفة بصديق عزير من أحد رموز الأهلي آنذاك، ووقتها على ما أتذكر كان يعاني الأهلي من أزمة الانسحاب من بطولة أفريقية خوفًا من مواجهة الزمالك، وكان وقتها حسن حمدي رئيسًا للأهلي وفوجئت بهذا المسؤول يقول لي نصًا ( حسن حمدي بيمشي على مبادئ صالح سليم بأستيكة .. وللأسف لما يمشي حسن حمدي هايجلنا حسن حمدي بشرطة) وكان يقصد محمود الخطيب التلميذ النجيب، وقتها لم أستوعب المعنى أو المغزى، دارات الأيام وتجسدت هذه المقولة شاخصة أمام كل ذي عينين. تاسعاً: نفترض يا أستاذ محمود أن جهودك الحثيثة أتت ثمارها وسار الزمالك في طريق اللاعودة، هل فكرت «في اليوم التالي بعد الزمالك»؟، في اليوم التالي يا أستاذ محمود ستجد نفسك وجهًا لوجه أمام «الرأسمالية المتوحشة»، ستجد نفسك في صراع مع بيراميدز، الذي يجيد فن اللعب خارج الخطوط، وتتعاظم لدى مسؤوليه نظرية ميكافيلي «الغاية تبرر الوسيلة»، فرغم أنه حديث العهد مقارنًة بالزمالك إلا أنه نجح في جعلك تتذوق من نفس الكأس الذي تذيق به منافسيك، وهذا هو سر العداء الدفين بين مجلسك ونادي بيراميدز. حتى لا يتم اتهامي بأنني لا أرى سوى نصف الكوب الفارغ أو أنني أتصيد أخطاءك، يتوجب الإشادة بالمصطلحات والمفاهيم التي أدخلتها على القاموس الرياضي في مصر والعالم، على سبيل المثال لا الحصر: ( أول من أدخل مشروعات البنية التحتية ( الكباري) في المنافسات الكروية، أول من جعل المنتخبات حقل تجارب لتجهيز اللاعبين للأندية، أول من جعل الحكام تحت الطلب، أول من حول جداول المباريات حسب الهوى، أول من أختار الملاعب التي يواجه عليها منافسيه، أول من أشهر سلاح الأجندة الدولية في وجه منتخبات بلاده وكأنها منتخبات دولة غير صديقة، أول من جعل ناديه فوق المنتخبات)، هذه «الأوائل» يجب أن تسجل في موسوعة جينيس للأرقام القياسية باسم الأستاذ محمود الخطيب، وعليه فقط ألا ينسى أن يصطحب معه علم مصر في حفل التكريم. ختامًا يا أستاذ محمود.. أعلم أنا لغة ومضمون الرسالة نادرة واستثنائية، لأنه للأسف الشديد نعيش في زمن، الحسابات باتت تسبق ما يخطه القلم، وكذا لأن إعلامك الأحمر صنع منك أسطورة من أزمنة غابرة. أعلم أيضًا أن وقع مثل هذه العبارات سيكون شديدًا عليك وعلى إعلامك وذبابك الإلكتروني، وشلة المنتفعين من حولك.. لكن يا أستاذ محمود أمانة الكلمة تحتم عليّ أن أُصارحك القول.