في الوقت الذي تبدأ الإدارة الأمريكية الاستعداد لزيارة الرئيس ترامب إلى عدد من دول الخليج تشمل السعودية، الإماراتوقطر، فإن الرئيس الأمريكي يريد شخصيًا أن يكون للزيارة صدىً سياسيا واقتصاديا كبيرًا. من هنا تبذل الإدارة جهودًا حثيثة لايجاد صيغة سياسية لتهدئة الوضع في غزة وفي لبنان، وأيضا البحث عن صيغة للتعامل مع إيران. وقد بدأت التسريبات في واشنطن تتناثر حول إمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة، وخروج الرهائن، ظهر ذلك بوضوح خلال تصريحات الرئيس ترامب أثناء اجتماعه الأخير مع نتنياهو في البيت الأبيض. كما اتضح ذلك أيضا من تصريح الرئيس ترامب بأن الولاياتالمتحدة ستدخل في مفاوضات مباشرة مع إيران، والتي تبين أنها ستعقد في سلطنة عُمان، غدًا السبت 12 إبريل والمقرر أن تستمر لمدة عشرة أيام. وتأمل الإدارة الأمريكية أن تصل إلى صيغة مبدئية يستطيع أن يعلنها الرئيس ترامب قبل أو اثناء جولته في دول المنطقة. فقد مهد الرئيس الأمريكي لإيجاد صيغة للتوافق بين إسرائيل وتركيا بخصوص الموقف في سوريا، وأشار إلى أنه هو نفسه سيقوم بمناقشة هذا الملف مع الرئيس التركي أردوغان قريبًا. وما تزال الإدارة الأميركية تسعى من خلال مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف لإيجاد صيغة مناسبة لتحركها في المنطقة وإحياء ما تسميه اتفاقات (إبراهام) التي تسعى من خلالها فتح المجال لوجود نوع من العلاقات بين إسرائيل والدول الإسلامية بشكل عام والمملكة العربية السعودية بشكل خاص، وهو ما يبدو مستحيلًا في ظل استمرار الحرب الدائرة في غزة وما ترتب عليها من كارثة إنسانية، وظهر ذلك في مواقف وتصريحات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ووزير خارجيته، وربط أي تحرك سعودي نحو التطبيع بالوصول إلى حل الدولتين، ويأمل ترامب أن يصل إلى صيغة مقبولة من الجانب السعودي لتشجعه على الانفتاح ولو بشكل جزئي للسلام مع إسرائيل. وبالتالي فإن زيارة ترامب المرتقبة للخليج يراد لها أن نكون نهاية لصفحة وبداية لصفحة جديدة في صراع الشرق الأوسط يعلنها ترامب بإعتبار أنه هو الذي أعاد السلام والاستقرار للمنطقة، بالوصول لوقف إطلاق النار والخروج الآمن لقادة حماس وعودة الرهائن، والوعد بايجاد مناخ ملائم للحياة الطبيعية في غزة، لكن الأهم هو ما هي سمات تلك الصفقة؟ ويستتبع إيجاد صيغة مناسبة للدول العربية الرئيسية وخصوصا المملكة العربية السعودية، لتكون هناك تدفقات مالية ضخمة من الخليج إلى الولاياتالمتحدة، وهو ما أعلن عنه مسبقًا باستثمارات تقدر بحوالي 24 مليار من السعودية والإمارات معًا. كما يُنتظر أيضًا الإعلان عن استثمارات أخرى من قطر أثناء الزيارة، فهذه الصيغة الشاملة لا يمكن أن يكون لها مصداقية بدون مشاركة كلًا من مصر والأردن ولبنان وهي الدول المجاورة لإسرائيل مباشرة. وهنا تأتي إمكانية أن يكون هناك إتصالات مكثفة مع هذه الدول. وربما يتم الترتيب لقاء لرؤسائها وملك الاردن مع ترامب في الرياض أملًا في أن يتمخض هذا اللقاء عن بلورة إطار جديد لتحرك الدبلوماسية الأمريكية يجري تشكيله الآن، في نفس الوقت يجب أن يكون الجانب العربي مستعدًا للتجاوب مع التوجه الجديد للدبلوماسية الأمريكية بتقديم أفكار محددة للتحرك الأمريكي بعيدًا عن التحيز المطلق لإسرائيل.