عوداً محموداً للكتابة بعد قضاء شهر رمضان الكريم وإجازات العيد، نحاول أن نلتمس الأحرف بعد أن كادت الأقلام تجف بين أيدينا، وإن كان الشهر الكريم فرصة لإراحة النفس والروح من مشكلات الحياة التى لا تنتهى من حروب ودمار يلتحف بنا من كل مكان. التمست خلال هذه الإجازة الطويلة قراءة ما لم أستطع قراءته طوال العام من كتب وتفاسير دينية تنعش الروح وتطمئن القلب المجروح من ما يفعله الكيان الصهيونى فى غزة وفلسطين. وتأتى ثلاثية ابن طولون «القطائع» للروائية ريم بسيونى، أستاذة اللغويات بالجامعة الأمريكية، لتخفف الضغط العصبى الذى لازمنى طوال العامين الماضيين، وهى الرواية التى تأخذنا فى رحلة عبر التاريخ المصرى فى زمن أحمد بن طولون مؤسس الدولة الطولونية ومسجده، أحد المساجد الشهيرة بالقاهرة وتروى تاريخ مصر من خلال ثلاث روايات منفصلة ولكنها مرتبطة تاريخياً أبطالها ميسون ابنة القاضى التى يُحكى عن حسنها كل أهالى الفسطاط، والحكاية الثانية حلم أحمد، والحكاية الثالثة العهد. ومرورًا بالدولة العباسية وحتى مجىء ابن طولون الذى عشق مصر قبل أن يراها وزواجه من محبوبته أسماء المصرية، وحتى قام بحكم مصر رغم محاولات التخلص منه، ولنعيش خلال القراءة حلاوة وسحر الحياة المصرية بشوارعها وأزقتها وحرفييها. القطائع ثالثة العواصم الإسلامية فى مصر بعد الفسطاط والعسكر، والتى بناها أحمد بن طولون وحرقها العباسيون على يد قائدهم محمد بن سلمان بعد عودتهم مرة أخرى ولم يتبق سوى مسجد ابن طولون شاهداً على تاريخ مرحلة مهمة من مراحل التاريخ المصرى. القراءة التاريخية ثقافة ومتعة خصوصاً إذا جاءت فى قالب روائى لنتعرف من خلالها على ماضينا والمراحل التاريخية التى مررنا بها.