الحقيقة المؤكدة تقول إنه لا يكفى أن يكون الحق حليفك والصواب والعدل طريقك ومنهجك وسلوكك.. كى تحقق الأمن والسلام.. ولكن يلزم أن تكون لديك القوة لحماية وتحقيق أهدافك. منذ النكبة الفلسطينية فى عام 1948، وما جرى فيها من قتل وذبح وتشريد وتهجير قسرى للفلسطينيين أصحاب الأرض على يد الإرهابيين الصهاينة،..، كان الصراع القائم بين العرب بصفة عامة والشعب الفلسطينى على وجه الخصوص، وبين الكيان الصهيونى المحتل، هو صراع بين إرادتين.. إرادة فلسطينية تقاوم للدفاع عن وجودها وحقها المشروع فى الحياة والعيش فى أمان وسلام على أرضها ووطنها،..، وإرادة صهيونية إرهابية تسعى بكل السبل العدوانية والإجرامية لابتلاع الأرض الفلسطينية، والاستحواذ والسيطرة على كل الأرض، وإجبار الشعب الفلسطينى على ترك أرضه والتخلى عن وطنه، مستخدمة كل الوسائل والأساليب اللاإنسانية لتحقيق ذلك. وعلى طول السنوات الماضية منذ النكبة وبدء الصراع العربى الإسرائيلى فى منتصف القرن الماضى، بعد تمكن الاستعمار البريطانى متحالفًا مع القوى الاستعمارية الغربية بصفة عامة، والولاياتالمتحدةالأمريكية بصفة خاصة، من زرع الكيان الصهيونى كغرس شيطانى فى قلب الجسد العربى، على حساب الأرض والوطن الفلسطينى، كى يفصل عضويًا وجغرافيًا بين جناحى العالم العربى فى المشرق والمغرب،..، ظل الصراع قائمًا ومشتعلًا بين هاتين الإرادتين. جرائم وحروب وخلال تلك السنوات منذ النكبة الأولى فى عام 1948 وحتى اليوم والتى قاربت على الثمانين عامًا، شهدت المنطقة العربية العديد من المحاولات الإسرائيلية للتمدد والسيطرة على أجزاء من الأراضى العربية المجاورة لفلسطين السليبة، سواء فى مصر أو سوريا أو الأردن أو لبنان،.. كما شهدت المنطقة العديد من الاعتداءات الإسرائيلية على الدول العربية، فى أعوام 1953 و1956 و1967 ثم حرب 1973 التى وضعت حدًا للصلف الإسرائيلى وأطاحت بوهم الجيش الذى لا يقهر، واضطرت إسرائيل للانسحاب من الأراضى المصرية بعد انتصارات أكتوبر المجيد، مما دفعها للرضوخ للسلام فى إطار الاتفاق بين الطرفين المصرى والإسرائيلى، وتوقيع معاهدة السلام التى ظلت سارية حتى الآن. ولكن ها هى إسرائيل الآن تحاول بعد ما يزيد على الخمسة والأربعين عامًا على اتفاقية السلام، للاستيلاء على كل الأراضى الفلسطينية، بالسعى الشرس للقضاء على الفلسطينيين بالقتل والمذابح من خلال الإبادة الجماعية ودفعهم بالقوة وتحت تهديد السلاح والقتل والدمار لترك أرضهم ووطنهم كى تضمه إسرائيل إليها. وهذه الجرائم تتم بدعم ومساندة الولاياتالمتحدةالأمريكية وبمباركة من الرئيس الأمريكى «ترامب»، وهو ما ترفضه مصر وتقف ضده وتتصدى له دفاعًا عن الشعب الفلسطينى وحقوقه المشروعة فى الحياة وإقامة دولته المستقلة وذات السيادة. شريك كامل وإذا ما نظرنا بموضوعية لما يجرى على الأرض العربية حاليًا ومنذ فترة ليست بالوجيزة، نجد أنه لامبالغة فى القول، بوجود حقيقة مؤكدة يدركها كل المراقبين والمتابعين للتطورات على ساحة القتل والدمار وحرب الإبادة المشتعلة على غزة، وكذلك العدوان الإسرائيلى المتصاعد على مدن وقرى ومخيمات الضفة الغربية،..، هذه الحقيقة تؤكد للجميع أنه من الخطأ أن يتصور البعض أن العدوان الوحشى واللاإنسانى الإسرائيلى يستمد قوته وقدرته على الاستمرار والتصاعد نتيجة الحماية الأمريكية المتاحة لإسرائيل، وذلك من خلال التصريح الأمريكى المتكرر بحق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها، الذى أعلنته طوال السنوات والشهور والأسابيع والأيام الماضية. ذلك تصور خاطئ ويفتقر بوضوح إلى الصواب، ولا يعبر عن الواقع أو الحقيقة القائمة على الأرض، وهى أن إسرائيل هى المحتل للأراضى الفلسطينية، وأن الحرب القائمة هى من طرف واحد وهو جيش الاحتلال الإسرائيلى، وأن الطرف الفلسطينى هو الذى يتعرض للقتل والإبادة الجماعية والإرهاب الصهيونى. وفى ظل ذلك يجب أن يدرك الجميع أن الولاياتالمتحدةالأمريكية ليست مجرد مؤيد أو داعم لإسرائيل وجرائمها العنصرية والإرهابية ضد الشعب الفلسطينى،..، ولكنها فى الحقيقة طرف أساسى وشريك كامل وفاعل فى الحرب على الفلسطينيين والإبادة لهم. ونظرة واحدة على مجريات الأحداث تؤكد هذه الحقيقة وتعلن بكل الشفافية والوضوح أن أمريكا شريك أساسى فى الحرب وليست مجرد طرف مؤيد أو مساعد، وهذا الشريك هو الممول بالسلاح والعتاد والدعم التكنولوجى والمادى والمعنوى. الحق والقوة وفى ظل الواقع المؤلم والمأساوى الذى يجرى على الأراضى الفلسطينية، أصبح من الضرورى واللازم أن نشير بوضوح إلى حقيقة مؤكدة على أرض الواقع فى عالم اليوم وكل يوم، منذ نشأة المجتمعات والشعوب والدول على أرض ذلك الكوكب المسمى الأرض والذى نعيش فيه. هذه الحقيقة تقول وتؤكد أنه لا يكفى على الإطلاق أن يكون الحق حليفك، أو أن تكون متخذًا الصواب والإنصاف والعدل طريقًا ومنهجًا وسلوكًا.. كما لا يكفى كذلك للأسف أن تكون كارهًا للظلم ومتجنبًا للعنف والعدوان، وأن تكون ساعيًا للسلم باحثًا عن الاستقرار والأمن والأمان. كل ذلك للأسف لا يكفى وحده لضمان العيش فى سلام وتحقيق الأمن والسلام، وتوفير فرصة حقيقية للنمو والتقدم والارتقاء للأفراد والمجتمعات والشعوب والدول. للأسف هذا هو الواقع خاصة بين الدول والشعوب هذه الأيام،..، حيث لا تكفى هذه الصفات وتلك المقومات وحدها لتحقيق السلام والأمن والأمان المنشود والمأمول.. على الرغم من أنها كلها قيم رفيعة ومقومات عظيمة تعلى من قدر وقيمة صاحبها سواء كان فردًا أو مجتمعًا أو شعبًا أو دولة. وإذا ما توخينا الواقع والحقيقة فلابد أن نعترف أن هذه الصفات وتلك المقومات تحتاج إلى ما يحميها ويدافع عنها، ويحفظ وجودها ويتيح لها الفرصة لتأدية عملها وتحقيق دورها والوصول إلى غايتها. وأول ما يحتاجه الحق هو القوة.. التى تضمن له الحماية والنفاذ والبقاء والاستمرارية، حيث إنه دون حماية كافية لن يكون الحق فى مأمن، بل يكون عرضة للضياع والانكسار، أو يبقى عالقًا فى الفضاء كقيمة رفيعة غير قابلة للتحقق على أرض الواقع، نظرًا لغياب القوة التى توفر له الحماية وتحقق له النفاذية على أرض الواقع. وفى هذا الإطار، وفى ظل الصراعات المشتعلة بين البشر والدول والشعوب، تظل الحقوق مسلوبة.. والاعتداءات قائمة والمظالم موجودة على مستوى الأفراد والمجتمعات والشعوب والدول، مادام الحق لا يجد القوة التى تضمن له الحماية ولا يجد القدرة التى تحقق له الوجود وتضمن النفاذية على أرض الواقع. وفى هذا الإطار يصبح الحق الفلسطينى والعربى فى حاجة ماسة إلى القوة كى تحميه وتحقق وجوده. حقوق الإنسان أحسب أننا جميعا كنا شهودًا على موجة الغضب والألم التى انتابت كل الشعوب والمجتمعات والأفراد بطول العالم وعرضه لما يجرى من قتل ودمار وتخريب للشعب الفلسطينى، فى ظل العدوان اللاإنسانى الغاشم الذى تشنه إسرائيل عليه،..، ولكن المشهد كان فى ذات الوقت كاشفًا عن مدى الكذب والخداع الذى تمارسه القوى الكبرى والعالم الغربى على وجه الخصوص، التى ظلت طوال الأعوام الماضية تحدثنا عن حقوق الإنسان، وتدعى أنها الحامى الأول لحقوق الإنسان فى كل مكان، والمدافع الصلب عن حريات الشعوب وحقها فى تقرير المصير. ولكن للأسف ثبت بالدليل القاطع أن ذلك كله مجرد كذب وخداع فى ظل صمتها المخزى عن الجرائم الإسرائيلية البشعة واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطينى.