في وقتٍ أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس، تحوّل البحث عن التريند وزيادة المشاهدات إلى هوس يسيطر على العقول ويحدد ملامح سلوك الأفراد والمجتمعات، وبات الجميع يتسابق للظهور وتحقيق الشهرة، سواء كانوا أفرادًا عاديين، أو مشاهير، فالكل يسعى لجذب الانتباه بأي وسيلة ممكنة، فلم يعد الأمر يقتصر على مشاركة الأفكار أو تسليط الضوء على قضايا مجتمعية مهمة، بل أصبح الوصول إلى التريند غاية تبرر أي وسيلة، حتى لو كانت تلك الوسيلة مخالفة للقيم والأخلاق، في ظل هذا الجنون، انتشرت مقاطع الفيديو المثيرة للجدل، والتحديات الغريبة، والأخبار الكاذبة، والمحتويات الصادمة، بهدف جذب أكبر عدد من المشاهدات والتفاعلات، ومع تصاعد المنافسة، تزايدت حالات التضليل، والخداع، وتطور الامر إلى اختلاق وقائع كاذبة تثير البلبلة بهدف حصد المشاهدات بغض النظر عن تكدير السلم الاجتماعي ونشر الأكاذيب. في مشهد أثار العديد من التساؤلات على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، وبالأخص داخل محافظة الجيزة، ظهر ملثمون يسيرون بشوارع المحافظة، ما أثار الفزع بين المارة قبل أن يتدخل الأمن المصري، وبعد انتشار مقطع مصور لهذا المشهد الغريب على مواقع التواصل الاجتماعي. إلا أن وزارة الداخلية كشفت تفاصيل مقطع فيديو بعدما تداول على عدد من الصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي تضمن سير أحد الأشخاص وبرفقته شخصين يرتديان أقنعة للوجه، وبالفحص أمكن تحديد المذكورين وضبطهم وهم يحملون جنسية إحدى الدول الاجنبية . ضبطوا وبمناقشتهم أشار أحدهم إلى أنه صانع محتوى بمواقع التواصل الاجتماعى وأن المقطع المشار إليه مشهد تمثيلى قام بأدائه مع اثنين من أصدقائه بأحد الشوارع بمحافظة الجيزة وبثه على صفحته من أجل الشهرة وزيادة نسبة المشاهدة لتحقيق أرباح مالية، و تحرر محضر بالواقعة وأخطر مدير امن الجيزة الذي أمر بإحالتهم إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسهم على ذمة التحقيقات. في واقعة أخرى كشفت أجهزة وزارة الداخلية، ملابسات مقطع فيديو تداول على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن دفع أحد الأشخاص لآخر من إحدى عربات مترو الأنفاق أثناء توقف القطار، وكانت أجهزة وزارة الداخلية، تتابع مقطع فيديو تداول على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن قيام أحد الأشخاص بدفع آخر من إحدى عربات مترو الأنفاق أثناء توقف القطار قبل إغلاق الباب بإحدى المحطات، وبالفحص جرى ضبط القائمين على تصوير مقطع الفيديو3 أشخاص يقيمون بدائرة قسم شرطة شبرا الخيمة أول بالقليوبية، حيث تم ضبطهم، وبمواجهتهم أقروا بتصوير ذلك المقطع بتاريخ 13 مارس الجاري، بإحدى محطات مترو الأنفاق لنشره على الصفحة الخاصة بهم بمواقع التواصل الاجتماعي بهدف الحصول على نسب مشاهدات عالية لتحقيق أرباح مادية، واتخذت الإجراءات القانونية. في واقعة أخرى ولم تكن الأخيرة فقد كشفت أجهزة الأمن بوزارة الداخلية ملابسات ما تضمنه مقطع فيديو نشر عبر مواقع التواصل الاجتماعى يظهر خلاله أحد الأشخاص يتلفظ بعبارات غير لائقة ويسيئ للفتيات بمحافظة السويس. وبالفحص أمكن تحديد وضبط طالب مقيم بدائرة قسم شرطة فيصل بالسويس، وبمواجهته أقر بنشر مقطع الفيديو على صفحته بمواقع التواصل الاجتماعى؛ لرفع نسب المشاهدة وتحقيق أرباح مالية، تم اتخاذ الإجراءات القانونية. وفي واقعة أخرى وهي واقعة فتاة شارع فيصل التي تصدرت محركات البحث المختلفة خلال الاسبوعين الماضين بعدما زعمت فتاة من منطقة فيصل تعرضها للسحل والسرقة، القصة بدأت تنتشر على صفحات السوشيال ميديا المختلفة بعد تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو تظهر فيه الفتاة باكية تحت عنوان «5 شباب ضربوني وسرقوني» في شارع فيصل خلال عودتها من الدرس. اقرأ أيضا: كيف تتجنب هوس إرسال «الريلز» لأصدقائك؟.. طرق للتغلب على إدمان المنصات تحركت الأجهزة الأمنية عقب رصد الفيديو و تشكل فريق بحث على أعلى مستوى لكشف ملابسات الواقعة، وتبين أنها «مريم» 17 عام، واعتادت تقديم مقاطع غنائية وترفيهية عبر حسابها بموقع «تيك توك»، لكن هذه المرة اختارت أن تطل على 100 ألف متابع بشكل غير متوقع فبصوت مبحوح وملابس غير مهندمة روت معاناتها، واستدعيت الفتاة على الفور بدأت النيابة العامة تحقيقاتها مع فتاة فيصل، التي نشرت مقطع فيديو تدعي فيه تعرضها للسحل والسرقة من قبل خمسة شبان في شارع فيصل أثناء عودتها من درس، كما طلبت النيابة تحريات الأجهزة الأمنية حول الواقعة، وكانت المفاجأة التي أظهرتها تحريات الأجهزة الأمنية في الجيزة حقيقة مقطع الفيديو حيث تبين أنه مفبرك وأن الفتاة اختلقت الرواية بهدف زيادة عدد المشاهدات. وباستجوب الفتاة في النيابة العامة كشفت الفتاة اختلاق رواية تعرضها للسحل والسرقة، حيث اعترفت بأن قصتها كانت مختلقة وأن ما حدث فعليًا أثناء خروجها من الدرس واستقلالها ميكروباص هو مجرد تدافع بسبب أولوية الركوب، حيث جذبها أحد الأشخاص من حقيبتها للخلف، أما باقي تفاصيل الرواية التي زعمت فيها تعرضها لهجوم من خمسة شبان فقد كانت من تأليفها الخاص من اجل زيادة المتابعين والمشاهدات، كما اعترفت أنها دائمًا تعمل على مشاركة يومياتها عبر حسابها على تطبيق «تيك توك»، وابتكرت هذه القصة بهدف زيادة متابعيها وتحقيق مزيد من المشاهدات، وتحرر محضر بالواقعة. وبالتواصل مع محمد السيد المحامي، بدأ حديثه قائلًا: للأسف البعض منا أصبح يفعل أي شيء لمجرد جمع المشاهدات ، والقانون يواجه ذلك بكل حسم لكن الناس ترتكب الجرائم وهي لاتعرف أن هناك عقوبات تنتظرهم؛ فالمادة 25 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات رقم 175 لسنة 2018 تنص على أن يعاقب بالحبس مدة لاتقل عن ستة أشهر، وبغرامة لاتقل عن خمسين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من اعتدى على أى من المبادئ أو القيم الاسرية فى المجتمع المصرى، أو انتهك حرمة الحياه الخاصة أو ارسل بكثافة العديد من الرسائل الاليكترونية لشخص معين دون موافقته، أو منح بيانات إلى نظام أو موقع إلكترونى لترويج السلع أو الخدمات دون موافقته أو بالقيام بالنشر عن طريق الشبكة المعلوماتية أو بإحدى وسائل تقنية المعلومات، لمعلومات أو أخبار أو صور وما فى حكمها، تنتهك خصوصية أى شخص دون رضاه، سواء كانت المعلومات المنشورة صحيحة ام غير صحيحة..