المجتمع المدنى حائط الصد أمام تدهور التراث الفرعونى والإسلامى صناعة السجاد اليدوى من أقدم الحرف فى مصر، وهى جزء لا يتجزأ من التراث الحرفى المصري، تعود أصول هذه الصناعة إلى العصر الفرعوني، منذ أكثر من 5000 عام قبل الميلاد، تحديداً فى حضارة البدارى بقرية الهمامية بمحافظة أسيوط فى وسط الوادي، هناك تم العثور على نقوش توضح صناعة السجاد اليدوى من الكتان والقطن، وهما من المحاصيل التى اشتهرت بها مصر القديمة. اقرأ أيضًا| أصل الحكاية| «فن السجاد اليدوي».. إرث يتجسد في إبداع الأيدي المصرية لم يقتصر استخدام الألياف النسيجية على الكتان فقط، بل وُجدت أيضاً منسوجات مصنوعة من صوف الأغنام وشعر الماعز وألياف النخيل والحشائش، وقد كشفت الحفريات فى موقع قرية العمال بتل العمارنة عن منسوجات من شعر الماعز يعود تاريخها إلى منتصف القرن الرابع عشر قبل الميلاد، مع بداية الأسرة الثالثة، ظهرت تقنيات الصباغة التى استُخدمت فى السجاجيد بنفس أهمية استخدامها فى المنسوجات الكتانية. اقرأ أيضًا| صناعة السجاد اليدوي بساقية أبو شعره.. تحفة مصرية تُنسج بأيدي العائلات تشير النقوش القديمة إلى أن النساء كن يشكلن الغالبية فى صناعة النسيج، حيث استخدمن النول الأفقي، بينما استخدم الرجال النول الرأسي، تُظهر النقوش على جدران المعابد ذلك بوضوح، وكان النساجون يتمتعون بمكانة مرموقة فى المجتمع، حيث تشير نصوص تحتمس الثالث إلى أن طبقة النساجين كانت مختارة للعمل فى المعابد الكبرى. «الجوبلان» متعلقات يهواها الأجانب بدأت صناعة النسيج فى مصر القديمة وتطورت تدريجيًا منذ بداية السبعينيات، وتزينت بها المناطق الآثرية بالقاهرة والمحافظات، وازدهر انتشارها بالأخص فى منطقة سقارة بالهرم، ويروى الفنان حمودة عبد اللطيف أنه تعلم هذه الحرفة الإبداعية وهو بعمر الثامنة، دون أن يكمل تعليمه المدرسي، إلا أنه أجاد فنون صناعة المنسوجات المختلفة، مثل السجاد العقدة والكليم والجوبلان وأغلب أنواع المنسوجات اليدوية. يوضح عبد اللطيف أن الأجانب والعرب يظهرون اهتمامًا أكبر بشراء المنسوجات اليدوية مقارنة بالمصريين، الذين نادرًا ما يقبلون عليها بسبب ارتفاع أسعارها، يعزو عبد اللطيف تلك الزيادة فى الأسعار إلى الجهد الكبير الذى يبذله الحرفى لإنتاج قطعة مميزة من حيث التصميم والتشطيب، ويؤكد أن هناك فرقًا شاسعًا بين المنسوجات الآلية واليدوية. حيث يميل الباحث عن التحف الفنية لشراء المنسوجات اليدوية لتزيين منزله.. يشير عبد اللطيف إلى ارتباط ازدهار سوق المنسوجات بحالة السياحة فى مصر، مبررًا ذلك بما تعرض له السوق عقب أحداث 25 يناير، حيث تدهورت السياحة، مما أدى إلى توقف الورش والبازارات عن إنتاج المنسوجات ولجوء الحرفيين إلى البحث عن مهن أخرى، نتيجة لذلك، أصبحت العمالة المحترفة فى هذا المجال نادرة، والجيل الجديد يفتقر إلى الصبر اللازم لاكتساب هذه المهارة التى تتطلب دقة فى تنسيق الألوان. يعتقد أن الحل للحفاظ على هذه الحرفة من الاندثار يكمن فى تعليمها كمادة دراسية فى المدارس، مما يساهم فى تنمية المواهب الفنية لدى الطلاب، بالإضافة لذلك، تلعب مؤسسات المجتمع المدنى دورًا مهمًا من خلال تدريب الشباب والنساء لاكتساب مهارات توفر فرص عمل وتحقق لهم عائدًا ماديًا مناسبًا، وهى الطريقة التى تعلم بها شخصيًا. يرى أن فتح أسواق للتصدير يواجه عقبة وحيدة، وهى نقص الأيدى العاملة، ففى حال توفر العمالة اللازمة، لن توجد أى عقبات أمام التسويق والتصدير خارج مصر، حيث سيتحلّى العمال بالمهارة والإبداع اللازمين كما أثرت التكنولوجيا بشكل كبير على انتشار المنسوجات اليدوية بسبب الفارق الكبير فى الأسعار بينها وبين المنتجة آليًا، هذا ليس بسبب ارتفاع تكلفة الخامات، حيث إن المواد المستخدمة فى صناعة الجوبلان والكليم تتوافر بسهولة وتصنع من صوف الغنم، إنما العامل الأساسى هو التكلفة العالية للعمل الحرفى نظرًا لندرة المحترفين. «الحوايا والمربوعة»| إرث بدوى لأهالى مطروح صناعة الكليم والسجاد البدوى تشكل واحدة من أهم الحرف التى تمتهنها سيدات البادية فى صحراء مصر الغربية، وقد توارثتها الأجيال لتصبح علامة مميزة للمرأة البدوية فى المنطقة، رغم بساطة هذه المنتجات، فإنها تحمل تعقيدات كبيرة فى التصميم والتنفيذ لتنال إعجاب الزبائن. وفى إطار الحفاظ على هذا التراث، أنشأت محافظة مطروح مركزًا لتعليم الفتيات فنون غزل الصوف، بهدف حماية صناعة المشغولات اليدوية والمنسوجات البدوية من الاندثار، وذلك فى منطقة القصر غرب المدينة. تنتج سيدات البادية مجموعة متنوعة من المشغولات اليدوية مثل الحوايا، والسجاد، والجوبلان والكليم اليدوي، وهى من أهم المنتجات التى يقدمنها. توضح هند عبدالرحيم، إحدى العاملات فى حرفة صناعة السجاد البدوي، أن المرأة البدوية تبدأ بالتدريب وتنتهى بإنشاء مشروع خاص بها فى منزلها كمصدر دخل لها ولأسرتها، توفر وحدة التدريب الدعم اللازم من أدوات ومواد والرسومات، بالإضافة إلى شراء وتسويق المنتجات من خلال المعارض التى تشارك بها.. تضيف هند أن إنتاج سجادة بطول 3 أمتار وعرض 1.5 متر يتطلب حوالى 3 أشهر للعاملات المحترفات المتمرسات، مع معدل عمل يبلغ 5 ساعات يوميًا، ويصل إلى 6 أشهر للمبتدئات، عادة ما تتعاون عاملتان فى صنع السجادة الواحدة، بينما يحتاج إنتاج قطعة صغيرة من الجوبلان إلى يوم واحد، وإنتاج قطعة الحوايا اليدوية بحجم متر × 1.5 متر يستغرق أكثر من شهرين من العمل اليومي. أما البطانية فيتم إنتاجها يدويًا فى يوم واحد. كما تشير هند إلى أن «بيت الربيع»، وهو الخيمة المستخدمة لاستضافة الزوار والمعروفة ب»المربوعة»، يتطلب جهدًا يمتد لستة أشهر لإنتاجه بألوانه المزركشة، ويتطلب عمل النول نفسه وقتًا وجهدًا أكبر قد يمتد لشهور طويلة. صوف الأغنام.. بأنامل سيدات سيناء تشتهر المرأة البدوية بإتقان حرفة صناعة الكليم اليدوى من صوف الأغنام، وهى منتجات جاذبة رغم ما تبدو عليه من بساطة، تمثل هذه الحرفة فرصة عمل للسيدات فى المنازل بالقرى والمجتمعات المحلية، بما يتماشى مع العادات والتقاليد فى المنطقة، مما يساعدهن على استغلال أوقات الفراغ والاستفادة من مهاراتهن فى الإنتاج الحرفى البيئى الذى يحظى بإقبال فى الأسواق المحلية والدولية. ذكرت موزة الشريف، إحدى المدربات، أن الإقبال على الكليم تراجع بسبب التكنولوجيا الحديثة وتنوع السجاد، الذى يباع بأسعار أقل من الكليم اليدوى الذى يحتاج إلى وقت أطول ومواد خام طبيعية، مما يجعل سعره مرتفعًا، ومعظم الذين يشترون الكليم يحرصون على اقتنائه لاستخدامه كديكور فى المنازل والقصور، وأوضحت أنه من الصعب تسويق هذا المنتج بشكل فردى لأن المستهلك يبحث عن التراث لاقتنائه، ولذلك يكون التسويق غالبًا من خلال المعارض القليلة طوال السنة. أما زينب العبادى من أبى طويلة الشيخ زويد، فتشير إلى أنها تمارس حرفة صناعة الكليم اليدوى منذ أكثر من عشرين عامًا باستخدام النول الخشبى وخيوط الصوف الطبيعي، حيث تعلمتها من والدتها، وتقوم بتسويق منتجاتها عبر الجمعيات الأهلية المشاركة فى المعارض بالقاهرة، وقد قلّ استخدام الكليم فى سيناء بسبب انتشار السجاد الحديث المتنوع الأشكال الذى يناسب الأثاث المعاصر. أكدت زينب أن الكليم اليدوى أصبح محط اهتمام الجميع وليس البدو فقط، إذ يُستخدم فى الديكورات كفُرُش داخل الحدائق والشواطئ أو كلوحات فنية تعلق على الجدران، وأشارت إلى أن نقص خيوط الصوف أثر بشكل كبير على الإنتاج، حيث لجأ البعض لاستخدام الخيوط الصناعية مما قلل من جودة المنتج وسعره مقارنة بالخيوط الطبيعية. من جهتها، قالت سالمة سليم من الشيخ زويد إنها تعلمت حرفة الكليم اليدوى من السيدة المسنة أم محمد، وتعتبره من أساسيات المنزل البدوى ومن أصعب الصناعات اليدوية التى تتطلب تركيزًا لتناسق الألوان ووقتًا وجهدًا كبيرين، خصوصًا بالنول اليدوى البسيط، وأوضحت أن الكليم اليدوى يُصنع بخيوط الصوف ذات الألوان الزاهية والرسومات التى تعكس التراث السيناوى مشكّلة قطعة فنية رائعة.. أشارت إلى أن النول البدائى لا يزال يستخدم فى صناعة الكليم رغم وجود التكنولوجيا الحديثة، حيث يمكن التحكم فى حجمه وفقًا لطول وعرض القطعة المراد إنتاجها، وقد سلم اللواء خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، دفعة من الأنوال للسيدات المتدربات بمدينة نخل بوسط سيناء كجزء من جهود تمكين المرأة اقتصاديًا فى المناطق الأكثر احتياجًا. وأكد المحافظ أن المشروع يهدف إلى تأسيس تجمع اقتصادى للسيدات فى وسط سيناء لدعم التمكين الاقتصادى وتأهيل الفتيات لسوق العمل وتوفير فرص عمل فى مجال الحرف اليدوية البيئية والتسويق، دعمًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ورؤية مصر 2030. «أبيس»| قرية تتلف فى حرير فى قرية نائية بعيدة عن أضواء المدينة، يشع نور الفن، على أيدى عاملات محترفات بمصنع أبيس للسجاد اليدوى بالإسكندرية، أحد قِلاع الصناعة بمصر، والذى تم إنشاؤه لمساعدة الغارمات، وتوفير فرص عمل لهن، وتطور الأمر بعد ذلك للاحترافية، بقرية أبيس.. تجلس بوجهٍ مشرق، كله أمل، بألوانٍ زاهية تصنع الفن المستحيل، إنها شيماء رفاعي، تقول: «النول عبارة عن مجموعة من الخيوط، التى تُشد بين وتدين خشبيين، باستخدام عمود لتمرير خيوط أخرى بينها، ثم يتم دمج الخيوط وتشكيل السجادة بخيوط السداء واللحمة والعقدة، وهى المكونات الأساسية لأى نسيج يدوي». وأضافت شيماء: «على الرغم من أننى لم أكن منتظمة فى التعليم، إلا أننى تعلمت القراءة والكتابة وحفظ القرآن فى الكُتَّاب، والآن التحقت بالمصنع بفضل جهود التضامن لأتعلم حرفة يدوية تساهم فى تحسين دخلي». بينما تقول إيناس السيد: «بدأت العمل هنا منذ عدة سنوات، ومنذ ذلك الحين وأنا مصممة على التعلم بسرعة والتفوق فى عملي، وحُسن البديهة ورغبتى فى النجاح ساعدانى فى أن أصبح أسطى بمهنتي»، والآن أقوم بتدريب الفتيات الأصغر منى سنًا، وأنقل إليهن خبراتى فى الحرف اليدوية.. وأضافت إيناس بفخر: «لقد تمكنت من كسب حب واحترام كل مَن حولي، وهو ما ساعدنى كثيرًا فى التطور، وأرى أننى نجحت فى أن أكون شخصية قيادية بالمصنع، وحلمى الأكبر أن أصبح مديرة لمصنع فى المستقبل». يقول محمد فوزى مدير مصنع أبيس للسجاد اليدوي: إن العمل بدأ العمل بالمصنع عام 2014، وكانت فكرة مؤسسة مصر الخير، وكان تابعًا لبرنامج الغارمين، وأنشأنا فيه تكتلًا يجمع ما بين الغارمين والغارمات، وبدأ الإقبال على العمل بالمصنع، ثم تَحَوَّل للعمالة كلها، من غير الغارمين، وأنشأنا قرية منتجة للسجاد اليدوي، وكان المكان فيه 20 نولًا وتطورنا حتى أصبح يسع 80 نولًا حاليًا. ويتابع «فوزي»: توسعنا فى تجهيز السجاد وعمل وحدة تصميمات جديدة، وأنشأنا وحدة تصميمات مخصصة، وننتج صوفًا أو صوفًا وحريرًا، أو حريرًا، أو حريرًا صناعيًا، وأصبح لدينا براند كبير اسمه أبيس أول قرية منتجة تنتج بشكلٍ احترافى وعالمي، وكنا حريصين أن يكون باِسم القرية.. ويضيف، مدير مصنع أبيس للسجاد اليدوي: كل العمالة لدينا حاليًا فى المشروع من القرية والقرى المجاورة، وتصل ل 250 بشكلٍ مباشر، ولدينا عمالة غير مباشرة تصل ل 1000 شخص، وكل مَن حولنا فى القرية أصبح يستفيد من الرواج الاقتصادى الكبير لتغطية ما يحتاجه المصنع، ووصلنا لمرحلة عمل الصباغة، واشتغلنا على كل مقومات الصناعة.. ويؤكد مدير المصنع: نحن نقوم بتصدر منتجاتنا بشكلٍ مباشر، لدول مختلفة فى الخليج، مثل السعودية والعراق والإمارات، ودول أوروبية مثل اليونان، وكندا، وأمريكا، وشاركنا كفريق فنى فى كبرى المحافل العالمية كمطورين لصناعة السجاد فى العالم، وفتحنا باب استثمار جديدًا بالهند، والتوفيق من عند الله، إننا نحاول فتح أبواب رزق للعمالة، ولم يغلق لنا باب منذ بداية العمل، وقُمنا بتطوير العمالة بشكلٍ كبير، وساعدنا المتسربين من التعليم من العمالة للعودة للدراسة وحفظ القرآن، ونقدم وجبة يومية، ونغطى بعض مصاريف العلاج الشهرى والعمليات الجراحية، وعملنا دورات محو أمية كثيرة جدًا، ووصلنا لحجم استثمارات سنوى يتخطى 10 ملايين جنيه، وننتج من 1000 إلى 1500 متر، وهذا إنجاز كبير فى قرية بكر بالنسبة للاستثمار، والموضع حَوَّلناه لمشروع اقتصادى كبير ب 250 عاملًا وإداريًا وموظفًا. النساء الأكثر إقبالًا ومهارة.. والنول «سر الصنعة» «الكليم».. تراث يصارع من أجل البقاء تعتبر صناعة الكليم من الصناعات التراثية المهمة التى حظيت بمكانة مرموقة عبر التاريخ، لكنها شهدت تراجعًا ملحوظًا بسبب المنافسة القوية مع مصانع الموكيت التى تستخدم التكنولوجيا الحديثة والمواد الخام، إضافة إلى إحجام الأيدى العاملة عن الاستمرار فى هذه الحرفة بسبب تدنى العائد المالي، فضلاً عن قلة الدعم فى التسويق، ومع العوائق التى تواجهها، تواصل هذه الصناعة النضال للبقاء، وتقود هذه الجهود الجمعيات الأهلية، وأبرزها جمعية رعاية شباب المستقبل فى بلبيس، التى تسعى جاهدة للحفاظ على هذه المهنة من الاندثار. تشير زينب شحاتة، رئيسة مجلس إدارة جمعية رعاية شباب المستقبل فى بلبيس، إلى انتشار حرفة الكليم فى مصر منذ العصور القديمة مرورًا بالعهد الرومانى والإسلامي، واستمراريتها فى العصر الفرعوني، وقد تمكن الحرفيون من الحفاظ على مهنتهم من خلال الابتكار واستخدام مواد متنوعة بجانب الصوف، ورغم أن التكنولوجيا أثرت على هذه الصناعة بشكل إيجابى وسلبي، إذ ساعدت فى تطوير تصميمات هندسية ورسومات بارزة جعلت من الكليم لوحات فنية تلفت أنظار العالم. أما الجوانب السلبية للتكنولوجيا فتكمن فى انتشار الآلات الحديثة التى أدت إلى توقف العديد من الحرفيين عن العمل، وعن تكاليف صناعة الكليم وأرباحها، توضح زينب شحاتة أن الكليم يُصنع من مواد متباينة مثل القطن والصوف، مما يؤدى إلى اختلاف النفقات والأسعار حسب نوع المادة المستخدمة، وتشير إلى أن التسويق الحالى لهذه المنتجات يتم من خلال معارض «أيادى مصر الشرقية»، مع أمل فى تحسين التصدير مستقبلًا.. عن المعوقات التى تواجه صناعة الكليم، تعزو زينب شحاتة ذلك إلى عدم وجود أسواق دائمة لمنتجاتها وارتفاع أسعار المواد الخام وندرتها، بالإضافة إلى وجود تنافس من تجار يبيعون منتجات أقل جودة بسعر مقارب، وللتغلب على هذه السلبيات، تقترح زينب تأسيس أسواق دائمة والتعاقد مع شركات لتوفير المواد الخام.. فيما يتعلق بتدريب الأجيال الجديدة، تؤكد زينب شحاتة أن الجمعية تدرب النساء المعيلات والشباب من سن 10 سنوات، ويضيف يوسف كفافى حسن، رئيس قسم السجاد اليدوى والكليم فى جمعية الأسر المنتجة، أن منتجات السجاد اليدوى تتميز بجمالها وصحتها وعدم تسببها لأية آثار جانبية، مشيرًا إلى أن فصل الشتاء هو الأكثر رواجاً لهذه المنتجات. «عم منصور»| رحلة 50 سنة مع الغزل اليدوى تشتهر مدينة فوه بمحافظة كفر الشيخ بكونها قلعة صناعة الكليم اليدوى فى مصر، حيث توارث سكانها هذه الحرفة التراثية عبر القرون، وساهم إقامة مصنعين للغزل فى عهد محمد على باشا عام 1812 فى تعزيز هذه الصناعة فى فوه، وشكل الحرفيون جزءًا كبيرًا من سكان المدينة، تحتوى الورش الصغيرة على «الأنوال» اليدوية التى تنتج الكليم اليدوى المميز.. تعرفنا على أسرار صناعة الكليم والتحديات التى تواجه الحرفيين من خلال لقائنا بالحاج منصور على راشد، مالك ورشة لصناعة الكليم اليدوي، بدأ الحاج منصور العمل فى هذا المجال منذ خمسين عامًا، حين كان فى العاشرة من عمره، وعلمه هذه المهنة أخوه الأكبر، بحلول العشرين من عمره، افتتح ورشته الخاصة التى ما زالت قائمة حتى اليوم، ويحرص على تعليم أسرار الصناعة لابنه علي، الذى أضاف رؤية جديدة للتسويق.. يشير الحاج منصور إلى أن صانع الكليم اليدوى يجب أن يتحلى بروح الفنان ليبدع قطعًا تلبى مختلف الأذواق. ساعدت طبيعة مدينة فوه المطلة على النيل والغنية بالمساحات الخضراء والآثار التاريخية فى غرس حب الفن والجمال فى سكانها، السياح الأجانب هم الزبائن الرئيسيون للكليم اليدوي، حيث يتم تسويقه فى المدن السياحية مثل خان الخليلى والغردقة وشرم الشيخ، إلا أن المبيعات تأثرت مؤخرًا نتيجة الاضطرابات العالمية، خصوصًا فى الشرق الأوسط. وعن خطوات صناعة الكليم، يوضح الحاج منصور أنه يتم جمع الصوف الخام من مزارع الأغنام وغسله وتعقيمه قبل تحويله إلى خيوط فى مصانع الغزل المنتشرة بفوه، تُصبغ الخيوط المتنوعة بالألوان المختلفة لتصبح جاهزة للنسج فى الورش، يذهب كل صباح إلى ورشته، حيث يُجهزون الأنوال ويبدأون النسج لإنتاج قطع فنية يومية، يعتبر صانع الكليم النول كائنًا حيًا يُعبر خلاله عن مشاعره لتظهر فى النهائية فى شكل لوحات فنية رائعة.. أشار إلى أن صناعة الكليم اليدوى كانت مزدهرة فى الماضي، حيث كانت تصدر إنتاجها للمشاركة فى المعارض الدولية، إلا أنها تراجعت لفترة بسبب عزوف الشباب عن تعلمها، لكنها استعادت نشاطها بفضل تدخل الدولة وتحفيز الشباب وإيجاد أسواق سياحية جديدة. فيما يتعلق بأسعار الكليم، يذكر الحاج منصور أن سعر متر الكليم المصنوع من الصوف الممتاز يبلغ حوالى 240 جنيهًا، ويُعتبر الأجانب الزبون الأنسب لهذا النوع بسبب سعره المرتفع، يُعد فصل الشتاء موسم بيع الكليم نظرًا للإقبال السياحى الكبير على المناطق الأثرية والسياحية. الصنعة| ميراث الأجداد بالمنيا صناعة السجاد والكليم بمحافظة المنيا، مهنة يرسم صانعها من وحى خياله رسومات طبيعية وأشخاصًا وأشكالاً متعددة مستخدمًا خيوطًا متلونة، ترتسم على وجوه الصانعات فرحة وسعادة، وينسجن خيوط السعادة لصناعة سجادة وكليم من فكرهن وفنهن.. تقول فاطمة محمد، صانعة الكليم والسجاد بمركز أبو قرقاص بالمنيا، إن منتجاتنا تصل للدول الأوروبية ونقوم بتصديرها للخارج، وأضافت أن المهنة صعبة وشاقة ورغم ذلك لن نترك مهنة أجدادنا.. وأضاف محمد سيد، أقدم العاملين فى المهنة بمحافظة المنيا، حكايتنا طويلة فى هذه المهنة التراثية، البداية باستخدام صوف جز الغنم، وتبدأ عملية التطوير من جز الغنم للتريكو وكتان وصباغة نباتية وألواح فنية بطريقة فطرية، فالصنايعى لم يلتحق بكلية، ولكنه تعلمها بالممارسة، مؤكداً أنه بدأ العمل، وكان عمره 10 سنوات، وعلى مدار 55 سنة علم أجيالاً، وبرغم تطوير الصنعة، إلا أنها شهدت فترة ركود.. وقالت أيتن فارس المنياوي، حاصلة على دبلوم فنى صناعي: هناك من الأهالى لا يرحبون بعمل الفتيات بمهنة صناعة السجاد والكليم، لأنها مهنة صعبة، ومهنة الرجال، وأن تقتحم الفتاة تلك المهنة أمر لا يقبله الكثيرون، ولكنها أحبت تلك المهنة من صغرها، فوالدها يعمل بتلك المهنة، فقررت الحفاظ على مهنة أجدادها ووالدها. نساء قنا | «محترفات» العزف بالخيوط تُعد صناعة الكليم الفلكلورية فى قنا من الصناعات العريقة التى تعتمد بشكل كبير على إعادة تدوير الملابس القديمة، وتعتمد السيدات اللواتى يعملن فى هذه الصناعة على مهارات عالية تشبه العمل بالحرير لإنتاج الكليم والسجاد، تُضفى هذه المنتجات جمالاً خاصاً للمنازل والفنادق والمناطق السياحية، مما يعكس الجو الريفى المصرى الفريد.. ورغم الجهود المبذولة لتطوير هذه الحرفة وإبداع تصاميم جديدة، فإن الإقبال على شراء هذه المنتجات قد تراجع أمام انتشار «الموكيت» والسجاد الحديث، يُشار إلى مركز نقادة الذى يُعد منطقة مشهورة بالصناعات اليدوية، مثل صناعة الفركة والفخار والكليم، حيث يتم العمل فى «البيت اليدوي»، وهو مكان متخصص فيه تعمل السيدات بإتقان على النول لإنتاج القطع المميزة.. هذه المهنة التعليمية والعريقة تُورث من جيل إلى آخر بهدف حماية التراث من الاندثار، هى ليست بالسهولة التى تبدو عليها؛ فالعمل على النول لعدة ساعات يتطلب صبراً وفكراً ومهارات دقيقية، وهو ما تصفه العاملات قائلات: لا شيء سهل، لكن الأصعب هو البطالة، ونحن نكسب قوت يومنا بجهدنا. عملية الإنتاج تبدأ بتدوير الملابس القديمة، التى تُحول بمهارة إلى منتجات متنوعة مثل الكليم والسجاد والشال والطرح، باستخدام النول وأجزائه المعقدة مثل المكوك، بعد التصنيع تُعرض المنتجات فى المعارض التراثية ويتم تسويقها عبر وسائل التواصل الاجتماعى لضمان استمرارية المهنة وتأمين دخل للعاملات. وفى إطار توجهات الرئيس عبد الفتاح السيسى لدعم الاقتصاد والحفاظ على الصناعات التراثية، تتخذ محافظة قنا خطوات جادة للتغلب على التحديات المتعلقة بالتسويق، من ضمن المبادرات المميزة، مشروع مزرعة التوت لإنتاج خيوط الحرير الطبيعى فى نقادة، والذى يهدف إلى تكوين سلسلة قيمة مضافة تدعم إنتاج الكليم والمنتجات النسيجية الأخرى للتصدير. «سجاد الفراعنة»| صنع فى أسيوط تواجه الصناعة حالياً تحديات عديدة، أحدها تصدير معظم الأصواف والأوبار خارج مصر مما يؤثر بشكل كبير على الإنتاجية، رغم أننى أملك مغزلاً، إلا أنه أحياناً لا أجد الصوف متوافراً فى الأسواق بسبب تصديره سواء خارج مصر أو خارج المحافظة، خاصة فى منطقة الصعيد وقرية النضال بنى عديات، المعروفة بتصديها للاعتداء الفرنسي، نحن نتمسك بصناعة الكليم العدوي، وهى حرفة تقليدية تتوارثها الأجيال فى قرية يتساوى فيها الجميع فى العلم فلا توجد أمية، هذه الحرفة تجمع بين المهارة اليدوية للرجال والنساء وحتى الأطفال الذين يعتبرون عملهم مقدساً كنوع من العبادة، تصنع السيدات الثوب العدوي، بينما يعمل الرجال والأطفال فى صناعة الكليم. الكليم العدوي، بسبب تكلفته العالية، يحتاج إلى دعم الدولة لتسهيل تصديره. أوضح مصطفى حسين السقا، صاحب مغزل فى بنى عديات، أن هناك طلباً متزايداً على الكليم العدوى من دول عدة، حيث يُعتبر أفضل من السجاد الحديث، تبدأ عملية التصنيع بجمع الصوف من الأغنام، إما من خلال الجز أو بعد الذبح حيث يُرسل إلى المدابغ لفصل الجلد عن الصوف، يتم فرز الصوف حسب الألوان الطبيعية المتوفرة.. أشار السقا إلى أن مرحلة الغزل تتم بصناعته فى المغازل، وهى أدوات خشبية تستخدم لتحويل الصوف الخام إلى خيوط جاهزة للنسيج، هذا الفن التقليدى له تاريخ طويل يعود إلى العصر الفرعوني، وقد برع فيه المصريون بفضل توافر المواد الخام وحبهم للغزل، لدينا أنوال فى معظم المنازل لصناعة الكليم من الصوف أو الوبر، ونتميز بهذا المنتج رغم تحديات التصدير وقلة الأسواق المفتوحة.. أضاف السقا أن الطلب المتزايد يعيق الإنتاج، كما أن الأسعار ارتفعت حتى وصل سعر الكليم إلى 550 جنيهًا، وأوضح أن تصنيع مفرش بحجم 2 متر فى 2 متر يكلف نحو 600 جنيه، ولكن قل الطلب عليه رغم عرضه فى معارض تنشيط السياحة، بعض المسافرين يحملون الأكلمة لعرضها فى دول مثل ليبيا والأردن والسعودية، نأمل فتح أسواق خارجية تسهم فى إدخال العملات الأجنبية لمصر وتحيى هذه الحرفة التراثية التى نخشى عليها من الاندثار. «البشندى».. قلعة الحرفيين بالوادى صناعة السجاد والكليم من أوائل الصناعات التى دخلت محافظة الوادى الجديد منذ السبعينيات، وشهدت تطورًا بفضل عشاق هذه الحرفة التى انتشرت داخل منازل المواطنين حينما كان الكليم له مكانة فى جهاز العروسين. يؤكد عبد السلام سنوسى رئيس إحدى مؤسسات المجتمع المدني، والملقب برجل صناعة السجاد والكليم فى الوادى الجديد، أن مسيرة هذه الصناعة بدأت فى نهاية السبعينيات بتأسيس جمعية صغيرة لإنتاج الكليم والسجاد اليدوي، تميزت قرية البشندى بتربية الماعز مما وفر الأًصواف والخيوط الطبيعية اللازمة للإنتاج، وقد أسهمت كلية الفنون التطبيقية وجهات أخرى كثيرة فى دعم وتطوير هذه الصناعة، مما رفع مستوى معيشة العديد من الأسر التى كانت تعمل داخل الجمعية لإنتاج السجاد والكليم.. وأشار عبد السلام سنوسى إلى أن إدخال التكنولوجيا فى عمليات التصميم وتنفيذ الغرز وشد الخيوط على النول كان من أهم عمليات التطوير، مما أدى إلى إنتاج سجاد يحمل مناظر طبيعية متنوعة وبألوان زاهية، تم تدريب العديد من فتيات القرية على هذه الأعمال بنجاح، كما تم إدخال تقنيات صبغ الخيوط وتثبيت الألوان لضمان ثباتها عند الغسيل أو التعرض للشمس.. وتحدث عبد السلام سنوسى عن أهمية تطوير تسويق منتجات السجاد والكليم، مشددًا على ضرورة تنظيم رحلات سياحية إلى واحات الوادى الجديد عبر الأقصر والواحات البحرية والفرافرة، وأشار إلى أن السياحة تلعب دورًا رئيسيًا فى ترويج المنتجات، لكن التسويق تراجع بسبب قلة تنظيم الرحلات، لذلك، دعا وزارة السياحة والطيران والجهات المعنية إلى إعادة النظر فى تنظيم زيارة الأفواج السياحية لتصريف المنتجات. كما دعا عبد السلام سنوسى إلى فتح أسواق جديدة من خلال جهات متخصصة فى الوزارات لتسويق الحرف البيئية، بما فيها السجاد والكليم، على مستوى مصر وخارجها.