يُعد اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون أحد أعظم الاكتشافات الأثرية في التاريخ، حيث كشفت عن كنوز فرعونية مذهلة ظلت مخبأة لآلاف السنين. ومن بين الشواهد النادرة على هذا الحدث التاريخي، تظهر صورة أرشيفية فريدة لختم مقبرة توت عنخ آمون في وادي الملوك بطيبة – الأقصر، وهي لحظة تُجسد رهبة الزمن الذي توقف عند بوابة هذا الملك الشاب. تحمل هذه الصورة قيمة أثرية وتاريخية استثنائية، حيث تُظهر الختم الذي وُضع لحماية المقبرة من العبث واللصوص منذ أكثر من 3000 عام. في هذا التقرير، سنتناول أهمية ختم المقبرة، رموزه، دوره في حماية الكنوز الملكية، وكيف شكل هذا المشهد لحظة حاسمة في تاريخ علم المصريات عند فتح المقبرة لأول مرة في العصر الحديث. أولاً: الختم الملكي لمقبرة توت عنخ آمون – رمز للحماية المقدسة 1- وصف الختم: عند اكتشاف المقبرة في 4 نوفمبر 1922 على يد عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر، كان الباب المختوم أول دليل على أن المدفن الملكي ظل مغلقًا منذ العصور الفرعونية. كان الختم يحمل رموزًا ملكية وأختامًا رسمية تدل على الملك توت عنخ آمون، كما تضمَّن ختم الجبانة الملكية، وهو ختم كان يوضع على مقابر الملوك في وادي الملوك لضمان سلامتها. الختم نُقش عليه رموز مقدسة تُشير إلى حماية الإله أنوبيس، إله التحنيط وحارس المقابر، بالإضافة إلى نصوص تحذيرية تهدد بالعقاب الإلهي لمن يجرؤ على كسر الختم والدخول إلى المقبرة. 2- دلالة ختم المقبرة في العقيدة المصرية القديمة: كان المصريون القدماء يؤمنون بأن روح الملك تستمر في الحياة بعد الموت، وأن المقبرة هي بيت الأبدية. وضع الأختام الملكية كان يعني أن المكان مقدس ومحمي بقوانين دينية صارمة، حيث كان يُعتقد أن العبث بالمقبرة سيجلب لعنة الإلهة ماعت، إلهة العدالة والنظام الكوني. ثانيًا: لحظة فتح المقبرة – أعظم كشف أثري في العصر الحديث 1- رحلة البحث عن المقبرة: قبل اكتشاف المقبرة، كان يُعتقد أن وادي الملوك قد كُشف بالكامل، لكن هوارد كارتر ومموله اللورد كارنارفون كانا يؤمنان بوجود مقبرة ملكية لم يتم العثور عليها بعد. بعد سنوات من البحث، عُثر على درج يؤدي إلى المقبرة المختومة، وكان الختم لا يزال على الباب، مما أكد أن المقبرة لم تتعرض للنهب الكامل كما كان الحال مع معظم المقابر الملكية الأخرى. 2- المشهد عند فتح المقبرة لأول مرة: عند إزالة الختم وكسر الباب لأول مرة منذ أكثر من 3000 عام، كانت اللحظة مذهلة، حيث لمح هوارد كارتر كنوزًا ذهبية وأثاثًا ملكيًا متناثرًا في كل مكان داخل الحجرة الأولى. تم تسجيل الحدث بعدسات الكاميرات، مما جعل الصورة الأرشيفية للختم من بين أندر الصور التي وثقت هذا الكشف العظيم. ثالثًا: ختم المقبرة وعلاقته بلعنة الفراعنة 1- أسطورة اللعنة: عقب فتح المقبرة، انتشرت أسطورة «لعنة الفراعنة»، خاصة بعد وفاة اللورد كارنارفون في ظروف غامضة بعد أشهر من الاكتشاف. بعض النظريات زعمت أن ختم المقبرة كان بمثابة تحذير من اللعنة، وأن انتهاكها أدى إلى سلسلة من الحوادث الغامضة بين أعضاء فريق التنقيب. 2- التفسير العلمي: يعتقد بعض العلماء أن سبب الوفيات قد يكون ناتجًا عن جراثيم وفطريات سامة كانت محفوظة داخل المقبرة المغلقة لآلاف السنين. اقرأ أيضا| أصل الحكاية| أسرار الاكتشاف الجديد في "مقبرة توت عنخ آمون" على الرغم من ذلك، بقيت «لعنة الفراعنة» جزءًا من الموروث الشعبي، مما أضفى على ختم المقبرة مزيدًا من الغموض والسحر. رابعًا: أهمية الصورة الأرشيفية في تاريخ علم المصريات 1- توثيق لحظة تاريخية: تُعد الصورة الأرشيفية لختم مقبرة توت عنخ آمون وثيقة تاريخية نادرة، حيث التُقطت قبل لحظات من فتح الباب الذي ظل مغلقًا لآلاف السنين. ساعدت هذه الصورة علماء الآثار في تحليل أسلوب ختم المقابر الملكية في الدولة الحديثة، وفهم كيفية استخدام الأختام لضمان سلامة المدافن. 2- مقارنة بأختام مقابر أخرى: عند مقارنة ختم مقبرة توت عنخ آمون بأختام أخرى مثل مقابر رمسيس الثاني وسيتي الأول وأمنحتب الثالث، نجد أن أختام مقبرة توت كانت أكثر بساطة، مما يدل على أنه لم يكن مدفونًا في مقبرة أعدت مسبقًا لحاكم، بل في مقبرة مُعدلة على عجل بسبب وفاته المفاجئة. خامسًا: الختم ضمن مقتنيات المتحف المصري الكبير بعد توثيق المقبرة ونقل محتوياتها، تم حفظ القطع المهمة، ومن بينها الباب المختوم للمقبرة الذي يُعرض اليوم في المتحف المصري الكبير كواحد من أهم الأدلة الأثرية على العظمة الملكية لمصر القديمة. يُتيح المتحف للزوار رؤية الختم من قرب، مما يمنحهم فرصة لتخيل اللحظة التي تم فيها كسر الأختام لأول مرة منذ آلاف السنين. تُعد الصورة الأرشيفية النادرة لختم مقبرة توت عنخ آمون شهادة حية على أحد أعظم الاكتشافات الأثرية في العالم. فقد وثقت لحظة فارقة في تاريخ علم المصريات، عندما تم كسر الختم لأول مرة منذ آلاف السنين، ليكشف عن كنوز أذهلت العالم. إن ختم المقبرة ليس مجرد ختم ملكي عادي، بل هو رمز للحماية المقدسة، والسلطة الفرعونية، واللغز التاريخي الذي لا يزال يثير فضول العلماء حتى اليوم. ومع استمرار الأبحاث والدراسات، يبقى هذا الختم دليلًا خالدًا على عبقرية المصريين القدماء، وعظمة إرثهم الذي لا يزال يبهر البشرية حتى الآن.