لا تشمت فى أقرب الناس إليك إذا جاءتهم محنة، ولا تحقد على من منحه الله نعمة، شخص يشمت فى زميله الذى يفشل فى عمله «أهو ربنا وراه كان بيتكبر علينا»، وجار يشمت فى جاره إذا تعرض لحادث أو مصيبة، وتعليقات سلبية للنماذج الناجحة إذا صادفهم تعثر، وسخرية واستهزاء على خبر عن إفلاس شخص «كان يستحق ذلك بسبب غروره». لا تشمت، والإيمان وقت الأزمات ضرورة، ليطمئن الإنسان أن راحته عند الخالق، وهدوء النفس درجة من درجات الإيمان، الإيمان بأن الاستسلام للأقدار وقبول مشيئتها، أفضل من صراع النفس والحقد والشماتة . الشماتة هى الفرح والسرور بمصيبة أو ضرر يصيب شخصًا آخر، وهى تُعبر عن مشاعر غير محمودة، حيث يكون الشخص سعيدًا بمعاناة غيره بدلًا من التعاطف معه، وفى الأخلاق والتعاليم الدينية تُعتبر الشماتة سلوكًا غير مستحب، ويُحث الناس على الترفع عنه والتحلى بالرحمة والتسامح.. الشماتة فى المحن والابتلاءات ليست خلقًا إنسانيًا ولا دينيًا، والشامت بالموت سيموت كما مات غيره، والنبى صلى الله عليه وسلم قال: «لا تظهر الشماتة بأخيك فيعافيه الله ويبتليك»، رواه الترمذي. الشماتة والتشفِّى فى المُصاب الذى يصيب الإنسان أيًا كان مخالفًا للأخلاق النبوية الشريفة والفطرة الإنسانية السليمة، وعند المصائب يجب الاعتبار والاتعاظ لا الفَرَح والسرور. الرأى السابق صادر عن دار الافتاء فى فبراير2021، ويحضرنى الآن بمناسبة داء الشماتة المستشرى بين بعض الناس، حتى فى الموت والخراب والمصائب، ويبررون ذلك بأنه ليس فى وسعهم أن يفعلوا شيئًا سوى الشماتة. وأصبحت منصات السوشيال ميديا ميدانًا واسعًا لكل صور الشماتة والتشفّي، خاصةً فى الأوقات التى تشهد أحداثًا مثيرة للجدل، وتتحوّل بعض النقاشات إلى معارك تستخدم فيها كل الأسلحة الفاسدة، وتؤجج الخلافات الفكرية والأيديولوجية. واستمرأ البعض التخفى وراء الشاشات والحسابات المزيفة، لاستخدام عبارات لا يجرؤ عليها إذا كان ظاهرًا دون التفكير فى عواقب الكلام، وتتخذ التعليقات شكل القطيع تحت تأثير الموجة السائدة. وتتطاير الكراهية مثل ألسنة اللهب وتدمر العلاقات الاجتماعية، فتأكل القيم الإنسانية والتراحم والمودة والاحترام، وتزيد الشعور بالنقص والغيرة والحسد، وإضعاف روح التضامن وخلق بيئة سامة، وتراجع قيم التسامح والتعاطف. وتظهر الشماتة كتصرف مكروه فى مواقف تستوجب التعاطف، فالدنيا ليست مضمونة، والمشاهد تعاد والأدوار تتبدل، وكل ساق يُسقى بما سقى، وقد تكون الفرصة سانحة للتأمل والدعاء بالرحمة، فى المصائب التى تلحق بالأفراد. إرضَ بالمقسوم وأرح حيرتك، وسلم نفسك للمولى يريحك ويسعدك، واجعل حياتك سعيدة، وخبئها فى جفنى عيونك، وامسح عنها كل الإرهاق، كن عوناً لا عبئاً، وارسم بحنينك صورة جميلة، اتركها تحب ولا تكره، وامنع عنها أى ملامح إرهاق، لا ترهقها ولا تقلقها، ولا تنزع عنها إحساساً بأمان، نفسك تحتاجك فامنحها ما تبحث عنه من راحة وهدوء وسعادة.