فى ليالى رمضان، حين تمتلئ الشوارع بالأجواء الاحتفالية، وتتلألأ المنازل بأنوار الزينة، هناك مشهد آخر لا يقل جمالًا لكنه أكثر خفاءً.. أيادٍ تمتد لا لتأخذ، بل لتعطى، وقلوب تنبض بالعطاء دون انتظار مقابل. رمضان ليس مجرد شهر للعبادة فقط، بل موسم تتضاعف فيه الأيادى البيضاء الداعمة لأصحاب الحاجة، وتمتلئ ساحاته بأولئك الذين يهبون وقتهم وجهدهم لإطعام جائع، أو كسوة محتاج، أو حتى بسمة على وجه يتيم. اقرأ أيضًا| مسابقة قرآنية كبرى بقرية جحدم منفلوط - أسيوط لدعم حافظي القرآن خلال ليلة شتوية باردة، كان أحد المتطوعين يسير فى الشوارع، يحمل حقيبة مليئة بالبطاطين، توقف عند أحد الأرصفة، حيث جلس رجل مسن يرتجف من البرد.. دون كلمات كثيرة، ناوله «بطانية»، ثم أكمل طريقه، مدركًا أن هذا الفعل البسيط قد يكون الفرق بين ليلة قاسية وليلة أكثر دفئًا. إسلام محمود، صاحب ال31 عامًا، بدأ رحلته مع التطوع فى إحدى الجمعيات الخيرية أثناء دراسته الجامعية، ارتكز عمل إسلام التطوعى فى نشاط فرز الملابس، و يوضح: «نتلقى الملابس المتبرع بها، ثم نفرزها بعناية، بحيث نحدد القطع الصالحة للتوزيع، وتأتى الأسر المحتاجة لاختيار ما يناسبها بحرية، مما يمنحها إحساسًا بالكرامة.» فى إحدى الغرف الصغيرة بمستشفى للأطفال، جلست أم تمسك بيد صغيرها، تنظر إلى أنبوب الدم المتصل بذراعه النحيلة، متمنية لو أن بإمكانها منحه القوة بنفسها.. وفى مكان آخر، كان متطوع يمد ذراعه للتبرع، غير مدرك أن دمه قد يكون السبب فى ابتسامة طفل لن يعرفه أبدًا، لكنه سيظل ممتنًا له طوال حياته. هند هيكل، المسئولة الإدارية لنشاط «إنقاذ حياة» بإحدى الجمعيات الخيرية تقول: «بدأ هذا النشاط قبل 23 عامًا، وهدفه الأساسى هو دعم التبرع الطوعى بالدم، خاصة لصالح الأطفال المصابين الثلاسيميا، هؤلاء الأطفال يعانون من مرض جينى يجعلهم بحاجة إلى عمليات نقل دم مستمرة قد تكون مرة أو مرتين وربما أكثر كل شهر، مما يجعل توفيره لهم ضرورة لا تحتمل التأخير.» اقرأ أيضًا| استمرار ينابيع الإنسانية المصرية لعلاج المصابين الفلسطينيين بدأ أحمد طه، أحد المتطوعين فى جمعية رسالة الخيرية، مسيرته فى العمل التطوعى منذ عام 2012: «من حسن حظى أن أولى مشاركاتى فى الجمعية كانت خلال يوم الكساء، الذى يُقام ليلة عيد الفطر وعيد الأضحى»، يتابع أحمد: «تهدف الفاعلية إلى توزيع ملابس العيد مجانًا على الأسر المحتاجة، فى ذلك اليوم، تمكّنا من مساعدة 2500 أسرة، أى ما يعادل 10 آلاف فرد، بمشاركة 800 متطوع .