هل يرتفع سعر صرف الجنيه المصري أمام سعر صرف الدولار بعد التدفقات الدولارية مؤخرا ؟ سؤال يطرح نفسة مؤخرا بعد استقرار سعر صرف الدولار الأمريكي في مصر خلال الأيام القليلة الماضية في التعاملات الرسمية، حيث يأتي ذلك على الرغم من ارتفاع تدفقات النقد الأجنبي. فقد شهدت مصر مؤخرا زيادة ملحوظة في تدفقات النقد الأجنبي إلى مصر خلال الأسابيع الأخيرة منها حصول مصر على شريحة جديدة بقيمة 1.3 مليار دولار ضمن قرض صندوق النقد الدولي وتزايد الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المصرية ،وهو ما انعكس علي سعر صرف الجنيه المصري ، بتحقيق مكاسب محدودة وأن كان لم يشهد ارتفاعًا كبيرًا مقابل الدولار. وعلى الرغم من توافر السيولة الدولارية لدى البنوك، وارتفاع استثمارات الأجانب في أدوات الدين المصرية، فإن التوقعات بحدوث تحسن ملحوظ في سعر الجنيه لم تتحقق بالشكل المتوقع. التدفقات النقدية الضخمة إلى مصر وتشير البيانات إلى أن السوق المصرية شهدت تدفقات نقدية كبيرة خلال الفترة الأخيرة، خاصة عبر استثمارات الأجانب في أدوات الدين. فقد بلغت مشتريات الأجانب في السوق الثانوية عبر البورصة المصرية أكثر من مليار دولار خلال الأسبوع الماضي وحده، أما في السوق الأولية - عبر العطاءات التي يطرحها البنك المركزي المصري نيابة عن وزارة المالية - فقد وصلت مشتريات المستثمرين الأجانب إلى نحو 2 مليار دولار خلال أسبوعين فقط. ولا تقتصر هذه التدفقات على الاستثمارات قصيرة الأجل، حيث سجلت عطاءات أذون الخزانة المحلية طلبات كبيرة، إذ بلغ إجمالي حجم الطلبات منذ الأسبوع الماضي نحو 1.165 تريليون جنيه، أي ما يعادل 23 مليار دولار. تحسن الإيرادات الدولارية لمصر إلى جانب الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين، شهدت الإيرادات الدولارية لمصر تحسنًا من عدة مصادر، أبرزها: زيادة الصادرات، والتي أسهمت في ضخ سيولة جديدة في السوق وتعافي قطاع السياحة، الذي عاد لتحقيق إيرادات قوية بعد فترة من التحديات، وارتفاع تحويلات المصريين في الخارج، والتي تشكل مصدرًا رئيسيًا للعملة الأجنبية في البلاد. ورغم هذا التدفق الكبير من العملة الصعبة، إلا أن قيمة الجنيه لم تسجل ارتفاعًا ملحوظًا، ما يثير التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء ذلك. لماذا لم يشهد الجنيه ارتفاعًا قويًا؟ تشير المؤشرات الأولية أن السبب الأساسي وراء استقرار الجنيه وعدم تحقيق مكاسب كبيرة رغم التدفقات النقدية يعود إلى وجود التزامات مالية ضخمة مستحقة خلال الفترة الحالية. ففي مارس من العام الماضي (2024)، استقطبت مصر تدفقات مالية كبيرة عبر أدوات الدين قصيرة الأجل التي تستحق الآن في مارس (2025)، مما يضع ضغوطًا على السيولة المتاحة. على سبيل المثال، خلال الأسبوع الثالث من مارس 2024 وحده، دخلت إلى السوق المصرية سيولة تفوق 200 مليار جنيه دفعة واحدة. ومع حلول موعد استحقاق هذه الأذون هذا الأسبوع، إلى جانب استحقاقات أخرى، يصل إجمالي المدفوعات المستحقة إلى 310 مليارات جنيه، أي ما يعادل 6 مليارات دولار. ضغوط السيولة وتأثير الأموال الساخنة إن هذا الحجم الكبير من المستحقات المالية يخلق ضغطًا على السيولة المتوفرة في السوق، كما أنه يزيد من احتمالات خروج الأموال الساخنة، وهي الاستثمارات قصيرة الأجل التي تتدفق إلى الأسواق الناشئة بحثًا عن عوائد مرتفعة، لكنها قد تغادر بسرعة عند أول إشارة إلى مخاطر محتملة. وفي ظل استمرار آجال استحقاق أدوات الدين في مارس الجاري، تزداد المخاوف من أن جزءًا كبيرًا من التدفقات النقدية الداخلة قد يخرج مجددًا من السوق، مما يحد من أي مكاسب قوية للجنيه المصري. اقرأ أيضا الدولار الأمريكي أمام الجنيه المصري يتراجع خلال تعاملات اليوم