نمارس معتقداتنا بكل حرية..ومبعوثو الأزهر يساهمون فى حل مشكلاتنا يؤكد الشيخ بشير الحاج نانا يونس مفتى الكاميرون أن مسلمى بلاده يمارسون معتقداتهم بحرية كاملة فى البلد الذى تتراوح نسبة المسلمين فيه مابين24 إلى 40% من عدد سكانه الذين يصل عددهم إلى 29 مليون نسمة..يوضح أن المسلمين حكموا عدة مناطق خاصة فى الكاميون بسلطات كاملة قبل الاستقلال عن الاستعمار الفرنسي،ولا يزالون يحكمون ولكن بسلطات محدودة بعد تأسيس الدولة وتحت علم وطنهم..فى بلاد يطلق عليها «أفريقيا المصغرة» بسبب تنوعها فى كل شئ حتى أن فيها 200 لغة،يتمتع الجميع بنفس الحقوق والواجبات ويواجهون نفس التحديات. ■ دستور القبلة ونداء أهل القبلة..جهد للأزهر ومجلس حكماء المسلمين لتوحيد الأمة..حدثنا عن رؤيتكم له؟ - الجهود التى يبذلها الأزهر الشريف ومجلس حكماء المسلمين لتوحيد الأمة تظهر جليا من خلال أقوال وأفعال فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر حفظه الله، باعتبار فضيلته شيخاً للأزهر ورئيسا لمجلس حكماء المسلمين،وتظهر أيضا فى منهج الأزهر نفسه وفى مقررات مراحل الدراسة فى الأزهر حيثُ تدرس فيه جميع المذاهب الفقهية المعتبرة،وتظهر أيضا فى فتح بابه على مصراعيه لكل من يرغب فى التعليم وفى التزود من المعرفة من أبناء الأمة فى أنحاء المعمورة وعلى اختلاف مذاهبهم وطوائفهم، وأما من حيث الأقوال فقد صرح الإمام الأكبر أكثر من مرة فى كلماته حول وحدة الأمة ونبذ الفرقة والشقاق بقوله: وحدة الأمة هى الحل الأوحد لاستقرار الأمة ونهوضها و استعادتها لثقتها وقدرتها على مواجهة كل الأزمات مهما بلغت . وقد دعا فضيلته إلى مؤتمر الحوار الإسلامى فعقد تحت رعاية مجلس حكماء المسلمين أكد فيه على أن الحوار بين المذاهب الإسلامية وطوائف المسلمين واجب وضرورة ملحة وحاجة قائمة تقتضيها مصلحة الأمة ، فالشقاق مرض وضعف لن يعالجه إلا الاتحاد والحوار والإيمان بحتمية المصير المشترك بين كل أبناء الأمة . ■ حدثنا عن أحوال المسلمين فى الكاميرون؟ - بادئ ذى بدء أقول: الحمدلله أحوال المسلمين فى الكاميرون جيدة بصفة عامة؛ لأن لهم من الحقوق وعليهم من الواجبات ما لغيرهم من المواطنين الكاميرونيين .ويتراوح عددهم مابين 24 و40% من نسبة عدد السكان تقريبا حسب الإحصائيات الرسمية أوالتقديرات المحلية وذلك من جملة عدد السكان الذى يبلغ 29 مليونا تقريبا، وعلى كل حال نسبة لابأس بها واستطاعت أن تثبت وجودها وتضمن بقاءها وتحقق تأثيرها على الساحة؛ حيث تمارس معتقداتها بحرية كاملة: بدءا من رفع الأذان، وإقامة شعائر دينها فى رمضان، وإنشاء حلقات العلم وتعليم القرآن الكريم ، ويزاولون حياتهم كأى مواطن كاميرونى آخر بكافة الحقوق دينية كانت أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية وذلك امتدادا من الآباء الأوائل الفاتحين لهذه البلاد وأدخلوا فيها الإسلام فى القرن السابع عشر والثامن عشر؛ لأن هؤلاء الآباء أسسوا فور وصولهم إلى هذه البلاد واعتناق أهلها الإسلام سلطات إسلامية محلية، وبموجب ذلك حكموا عدة مناطق فى الكاميرون خاصة فى إقليم أدماوا وإقليم الشمال وإقليم أقصى الشمال وإقليم الغرب، وبقيت هذه السلطات إلى يومنا هذا ،ولكن بسلطات محدودة ونفوذ أقل خاصة بعد الاستقلال وتأسيس الدولة وما إلى ذلك ، فمما ساعدهم على البقاء من وجهة نظرى المتواضعة كونهم فى الأساس والسواد الأعظم منهم على المنهج الوسطى المعتدل فى العقيدة والشريعة وفى الأخلاق والتصوف، كما لا يغيب عن أذهانكم أن الأفارقة لم يعتنقوا الدين الإسلامى إلا عن قناعة واختيار لكون هؤلاء الأوائل قمة فى التسامح وفى القدرة على التعايش . علما بأن الدولة سمحت بإنشاء الجمعيات الإسلامية منذ عام 1993 م أى بعد الاستقلال فتوالى إنشاء هذه الجمعيات إلى وقتنا الحالى . وأما عن المشكلات والتحديات التى تواجه المسلمين فى الكاميرون فهى موجودة كوجودها فى نظيراتها فى العالم الإسلامى مع تفاوت بسيط طبعا من مجال إلى مجال وتبقى الحلول والعلاجات هى هى، نسأل الله السلامة والتوفيق ،ولكن يأتى على رأس هذه الحلول الاهتمام بالتعليم بصفة عامة، وإنشاء مزيد من المدارس والمعاهد وإجراء بروتكولات التعاون ومعادلة شهاداتها مع الأزهر الشريف، وإيفاد طلابها إلى الجامعات فى الخارج وعلى رأسها الأزهر الشريف؛ ليعودوا بالعلم النافع على المنهج الصحيح الوسطى المعتدل الذى يقبل الآخر ويؤمن بالتعددية؛ لأن الكاميرون تتمتع بالتنوع فى كل شىء تقريبا فى العرق والدين وحتى فى الجو والمناخ وتسمى بإفريقيا المصغرة وللعلم يوجد فى الكاميرون أكثر من مائتى لغة. ولا أنسى فى هذا الباب الدور الذى يلعبه الشيوخ المبعوثون من الأزهر الشريف كأحد الحلول لهذه المشكلات . ■ عانت المجتمعات المسلمة من الخلافات المذهبية ودفعت ثمن التفرق واضحا..فكيف يمكن الحد من مخاطرها؟ - يا سيدى لعل التحدى الأكبر الذى يواجه الأمة على اختلاف توجهاتها ومذاهبها الفقهية هو إشاعة رؤى فكرية مضادة ومعادية لإشعال نار الفتنة والبغضاء فى التعامل مع الخلافات الفقهية فمن مخاطر هذا التصرف السيئ : شق وحدة صف المسلمين ، والضعف والوهن والضياع ، ومنح الأعداء فرصة الطعن فى الإسلام ، تفويت فرصة التقدم ، ومغادرة ساحة التأثير،مع أن مراد الله فى تطبيق الدين فى المجتمع المسلم قائم أصلاً على مبدأ وحدة الأمة كأسبقية مطلقة على غيره قال تعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون )، وذلك مما يستوجب أن يسعى الجميع إلى وحدة صف الأمة ضد هذا التحدى وهذه المخاطر بتقديم الوحدة الإسلامية على الخلافات المذهبية على ضوء المنهج الوسطى المعتدل والفكر المستنير. ■ تلعب أمانة دور الفتوى العالمية دورا مهما فى تحقيق التشاور والتنسيق بين دور الفتوى فى العالم. وتدعيم الاستقرار والسلم الوطنيين والعالميين بمحاربة أفكار المتشددين ..كيف تقيم هذه التجربة؟ - تحتل الفتوى الدينية محل الصدارة فى قائمة الأولويات والعوامل، التى تدعم الاستقرار والسلم الوطنيين والعالميين استقرارا فى الفرد والمجتمعات فمن هذا المنطلق قامت الأمانة العامة فى وجهة نظرى بتجربتها الفريدة من نوعها بعقد عدة مؤتمرات دولية فى سبيل تحقيق التشاور والتنسيق بين دور الفتوى فى العالم ، وقامت بتنظيم عدة دورات تدريبية وتقديم ونشر عدة بحوث حول الفتوى مالها وماعليها كخطوة عملية للرد على الفتاوى الشاذة ومحاربة الأفكار المتشددة والاتجاهات المنحرفة لإخراج مفتين مدربين ومؤهلين علميا وثقافيا الواعين بما يدور حولهم مسلحين بفقه الأولويات وفقه الواقع وعلوم الآلة، وللرد على الفتاوى الشاذة، وتقديم حلول عملية للحد منها وترسيخا للمنهج الوسطى المعتدل بمعنى الاعتدال فى جميع أمور الحياة . ■ تراثنا الإسلامى ملىء بأسس وقيم التسامح والتعايش..كيف يمكن الإفادة منه فى واقعنا المعاصر؟ - تتم الاستفادة من تراثنا الإسلامى بالعودة الحقيقية الواعية إلى التراث نفسه وذلك عن طريق إعادة قراءة ودراسة هذا التراث وإجراء البحوث عليه وتقديمه بصورة مناسبة لإدراكات الجيل الناشئ ويلائم الواقع المعاصر؛ لأنه كما تفضلتم بأن تراثنا الإسلامى ملىء بأسس وقيم التسامح والتعايش؛ لأن أسس التسامح والتعايش تنطلق فى الإسلام من عقيدته ومبادئه ولذلك جعله شعاره فى تحيته-السلام-حيث إن المسلم حينما يلقى أحدا يعرفه أولا يعرفه أن يلقى عليه هذه التحية، وبالتالى فقد التزم بأن يكون الآخر فى سلام: يسلم من يده ولسانه كل الناس كما فى الحديث الشريف:»المسلم من سلم الناس من لسانه ويده» ، نعم وأن الإسلام ليس دين عبادة فقط، بل هو منهج حياة يرسى العلاقات الإنسانية القائمة على الاحترام المتبادل والمودة بين مختلف الشعوب والمجتمعات.