بأيهما ابتدأت اهتديت، سيقضى بك هداك للكتاب الآخر لتذق حلاوة اليقين، ثم يصبح الكتابان معا رفيقين لك فى رحلة حياتك، حتى يقضى الله أمره سواء تأملت فى الكتاب المنظور، أو تدبرت كتاب الله المسطور، ثم تفكرت مليا فيما رأيت وقرأت. ملأ الطمأنينة والسكينة فؤادك. إنها الثمار الطيبة التى تأتى عبر إعمال العقل، تدبراً وتفكراً فى النص المقدس، بموازاة التأمل فى ظواهر الكون، بالمعنى الواسع للكلمة، بداية بخلقك. مروراً بما حولك من كائنات سخرها الله لأجلك ، وصولا إلى التطلع للسماء وما ترصده فيها من آيات، فيقودك ذلك كله إلى تذكر قوله تعالي: «وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها». حين تقرأ القرآن تلمس ما يوجه حواسك نحو العديد من ظواهر الكون المنظور القريبة والبعيدة، فقط انظر وتدبر وظف نعمة العقل،للوقوف على حكمة خلقها، وتهتدى إلى أنه وحده القادر على إبداعها. ماذا عساك أن تفعل حين تقرأ الأمر الإلهي: «قل سيروا فى الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق» انه حث لبنى آدم على تدبر ما أنشأه سبحانه من كائنات ، ليتبين لهم كيفية بدء الخلق فأثاره منطبعة بين طبقات الأرض وعلى ظهرها وربما كان الحال أكثر وضوحاً حين تقرأ قوله تعالي: ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرج به ثمرات مختلفاً ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود. فقط تأمل فى محيط بيئتك أو اثناء ترحالك، فيما أشارت إليه الآية الكريمة ، لتطالع هذا الإبداع الإلهي، متدبراً ما يحتضنه الكتاب المنظور من آيات الإعجاز، فمن أصل واحد تتباين المخرجات ألواناً. أما تلك المعجزة التى ينبهنا إليها قوله تعالى : أو لم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إلا الرحمن إنه بكل شيئ بصير لن يكلفك مشاهدتها سوى أن تنظر عبر شرفتك لما لم يثر انتباهك من قبل رغم رؤيته مرارا حين ترى طائراً أو سربا من الطيور تبسط اجنحتها دون تحريكها طيران بأجنحة ساكنة، ألم تتساءل: ما سر عدم سقوطها ؟ كان الأمر غيباً حتى أفصح العلم عنه فصار مشهدا.ً التقدم العلمى كشف اللثام، فالطيور الصافة تركب متن التيارات الهوائية المساعدة مع ما تتحلى به من خصائص فى بنائها تؤهلها للبقاء فى وضع الطيران سواء بسطت اجنحتها أم قبضتها تستطيع بتدبرك أن تنشئ صلة وثيقة بين الكتابين المنظور والمسطور عبرها يتعمق إيمانك ويقينك بالتفكر والتأمل استثماراً لملكات عقلك التى هى بحد ذاتها آية فى خلقك .