تحول برنامج مدفع رمضان إلى ساحة معركة بين من يسعى لإسعاد الناس ومن يستغل طيبتهم للنصب عليهم، ليكون السؤال الأهم هو؛ كيف تحول هذا البرنامج الخيري إلى فخ للنصب الإلكتروني؟ وما هي الأساليب التي يستخدمها النصابون لخداع ضحاياهم؟ وما هي الإجراءات القانونية التي يمكن اتخاذها لمكافحة هذه الظاهرة؟ هذا ما سنكشفه في السطور التالية. من بداية الشهر الكريم، أصبح برنامج مدفع رمضان الذي يقدمه الفنان محمد رمضان من أكثر الأعمال مشاهدة في تلك الفترة بعد آذان المغرب نظرًا لما يقدمه من خدمات ومساعدات مادية وعينية للمواطنين العاديين. فكرة البرنامج- كما يعلمها الجميع- تقوم على تقديم جوائز قدرية مختلفة تبدأ ب 100 ألف جنيه وتصل ل 300 ألف جنيه والجائزة الكبرى في نهاية الشهر الكريم مليون جنيه يحصل عليها شخص واحد. في احدى فقرات البرنامج يختار محمد رمضان، أحد الارقام العشوائية ثم يتصل بصاحبها، ويفوز ذلك الشخص بمبلغ 200 ألف جنيه، وتلك الفقرة جماهيرية بالذات بصورة كبيرة خاصة بالنسبة للبسطاء الذين ينتظرون بجانب هاتفهم كل يوم وقت الإفطار لعلهم يكونوا أصحاب الحظ والنصيب بالفوز بتلك الجائزة، رغم علم الأغلبية أن تلك الحلقات مسجلة من قبل إذاعتها بيوم أو اثنين. حيلة النصاب بدأت الأزمة والمشكلة من تلك الفقرة؛ حيث استغلها أصحاب النفوس الضعيفة في النصب على المواطنين، فهؤلاء النصابون الذين كانوا قديما يتصلون على تعيسي الحظ ويطلبون تحديث بياناتهم ليستولوا على بيانات شخصية خاصة بالشخص لكي يسطون ويهكرون على حساباته في البنوك. تلك الحيل تسببت في ضياع شقى عمر أناس كثيرين خاصة كما قلنا من البسطاء الذين كان يتم سحب معلوماتهم الشخصية أغلب الوقت بطريقة تحديث البيانات الخاصة بالبنوك مع ايهامهم بمكتسبات أو تهديدهم بوقف الحساب وضياع الفلوس، لكن مع الوقت تم اكتشاف تلك الحيل، ولم يعد أحد يقع في تلك الخية. هذا الاسبوع استغل النصابون فكرة البرنامج، خاصة فقرة الاتصال العشوائي، التي يقوم بها محمد رمضان كل يوم ويشاهدها الملايين لخداع الناس وإيهامهم بالفوز بجوائز. يتصل النصابون بالضحايا ويدعون أنهم من البرنامج، ويطلبون منهم بيانات شخصية أو مبالغ مالية لتأكيد الفوز. تطور أسلوب النصابين، فلم يعودوا يكتفون بطلب تحديث البيانات، بل استغلوا ثقة الناس في البرنامج في إيقاع ضحاياهم، هؤلاء النصابون يستخدمون أرقام هواتف غير معروفة وينتحلون صفة موظفين في البرنامج لإضفاء المصداقية على عمليات النصب. محضر أول محضر تم تحريره حررته سيدة في إمبابة ضد بعض الأشخاص الذين حاولوا النصب عليها باستخدام أسلوب محمد رمضان في البرنامج؛ حيث أرادوا الحصول على بياناتها الشخصية بعد ايهامها بأنهم من برنامج محمد رمضان. وهنا تقول يارا طلعت المحامية: إن عمليات النصب الإلكتروني التي تستغل برنامج مدفع رمضان هى جرائم جنائية يعاقب عليها القانون ولها أكثر من تكييف قانوني يمكن تصنيفها يالنصب والاحتيال؛ حيث يعاقب القانون على جريمة النصب والاحتيال التي تتم عن طريق استخدام وسائل احتيالية لخداع الضحايا والاستيلاء على أموالهم باستغلال البرنامج للنصب، وهي انتحال صفة موظفين في البرنامج أو استخدام أرقام هواتف وهمية لخداع الضحايا. وتضيف المحامية يارا طلعت؛ أن هؤلاء النصابين يستخدمون وسائل تقنية في جرائمهم مثل انتحال الهوية الإلكترونية أو اختراق الحسابات البنكية، كما يعاقب القانون على انتحال صفة الغير، وفي تلك الحاله ينتحل النصابون صفة العاملين بالبرنامج، وهو ما يعد جريمة يعاقب عليها القانون بالسجن والغرامة حسب طبيعة الجريمة وحجم الأضرار التي لحقت بالضحايا. وتشير المحامية يارا طلعت إلى أنه يجب على المشاهدين والمتابعين توخي الحذر وعدم مشاركة أي بيانات شخصية أو مالية مع أي شخص يدعي أنه من البرنامج، حيث يجب التأكد من صحة أي معلومات يتم الحصول عليها من مصادر رسمية فقط؛ ويجب العلم أن البرنامج مسجل مسبقا، وبشكل عام يجب على الجميع أن يكونوا حذرين من أي مكالمات أو رسائل غير معروفة تطلب بيانات شخصية أو مالية، خاصة خلال شهر رمضان حيث تكثر مثل هذه العمليات. وتناشد المحامية يارا طلعت الضحايا بضرورة التعاون مع أجهزة الأمن المختصة من خلال تقديم بلاغات رسمية للإبلاغ عن عمليات النصب والاحتيال التي تعرضوا لها، ويجب عليهم تقديم جميع الأدلة المتاحة مثل أرقام التليفونات التي استخدمها النصابون أو الرسائل النصية أو الإلكترونية التي تلقوها، في النهاية يحق للضحايا المطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم نتيجة عمليات النصب والاحتيال. وتؤكد يارا طلعت أن البرنامج نفسه والقناة التي تعرضه عليهم مسئولية إذا ما تم ثبوت تقصيرهم في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع استغلال البرنامج في عمليات النصب، ولهذا يجب على البرنامج والقناة توعية المشاهدين بمخاطر النصب الإلكتروني واتخاذ إجراءات احترازية لمنع استغلال البرنامج في مثل هذه العمليات، وذلك من خلال التنبيه أثناء الحلقات بمحاولة البعض استغلال اسم البرنامج في النصب على المواطنين. أمل وطمع ويقدم الدكتور أحمد مصطفى استاذ علم النفس التربوي تحليلا لتلك الظاهرة من النصب والتي تأخذ أكثر من شكل وآخرها برنامج مدفع رمضان يقول:»تعتمد عمليات النصب الإلكتروني التي تستغل برنامج مشهور لاقى قبول ملايين المواطنين على عدة عوامل نفسية واجتماعية أبرزها استغلال الأمل والطمع، حيث يستغل النصابون رغبة الناس في الحصول على مكاسب مالية سريعة وسهلة، يستغلون أيضًا الأمل الذي يراود الكثيرين في الفوز بجوائز البرنامج خاصة وأن البرنامج يحظى- كما أسلفنا سابقا- بشعبية كبيرة وثقة لدى المشاهدين. ويضيف استاذ علم النفس التربوي؛ أن هؤلاء النصابين يلعبون على العواطف الإنسانية للبسطاء، مثل التعاطف والشفقة وكل ذلك من أجل إقناع الضحايا بدفع مبالغ مالية، فبعضهم قد يدعون أنهم يمرون بظروف صعبة أو أنهم بحاجة ماسة إلى المال، مما يدفع الضحايا إلى تقديم المساعدة وبالنسبة لبرنامج محمد رمضان فاستغل هؤلاء النصابين ثقة الناس في الفنان محمد رمضان وفي البرنامج نفسه فيقومون بانتحال شخصيات موظفين في البرنامج أو يستخدمون أرقام هواتف وهمية تشبه الأرقام الرسمية، مما يزيد من مصداقيتهم. ويشير الدكتور أحمد مصطفى استاذ علم النفس التربوي إلى أن النصابين يستغلون الأفراد ذوي قابلية التأثر العالية خاصةً كبار السن، أو من يمرون بظروف نفسية صعبة وهؤلاء يكونون أكثر عرضة للوقوع ضحايا لمثل هذه العمليات. فهم قد يفتقرون إلى الوعي الكافي بمخاطر النصب الإلكتروني أو قد يكونوا أكثر عرضة لتصديق الوعود الكاذبة، ولمكافحة هذه الظاهرة يجب زيادة الوعي بمخاطر النصب الإلكتروني وتوعية الناس بكيفية حماية أنفسهم من الوقوع ضحايا، حيث تعتمد عمليات النصب الإلكتروني على استغلال نقاط الضعف النفسية والاجتماعية لدى الضحايا. اقرأ أيضا: تأييد حبس سائق لاتهامه بالنصب والاحتيال على أستاذة بمعهد تعليمي