إذا كانت الدراما تحقق متعة المشاهدة للجمهور فإنها أيضا تستطيع أن تُصلح كثيراً من أزمات مجتمعية بقوة تأثيرها، لاسيما الدراما التليفزيونية التي تدخل البيوت دون استئذان، ولعل فى صدارة الأعمال البارزة خلال موسم دراما رمضان الحالي مسلسل «ولاد الشمس»،.بتسليطه الضوء على عالم دور الأيتام، من خلال قصص إنسانية شديدة البساطة وعميقة الدلالة، تُظهر مدى الفساد الذى يسيطر على بعض منها، وما يواجهه أبناء الدار خلال مراحلهم العمرية المختلفة من تحديات وصراعات، تعكس صورة إيجابية عنهم وتبرز قوة صمودهم، ولعل الهدف الأساسي الذى نجح فيه هو تقديم صوة مؤثرة عن قضايا تعكس الواقع، لافتا الأنظار إلى ما يهدد مستقبل الأطفال، أهمها استغلال مدير الدار لهم فى أعمال غير مشروعة، ودفع الشباب الأكبر للقيام بالسرقة لصالحه، وتعرض أحد الأولاد لفاجعة حرمانه من العيش مع أسرة تبنته سابقاً ثم تخلت عنه بعدما أنجبت طفلاً، ما دفع الشابين بطلى العمل إلى الالتزام تجاه ولاد دار الشمس، وتحمل مسئوليتهم حتى لا يتعرضون لأقسى ظروف الحياة داخل وخارج أسوار دار الأيتام. ومن مميزات المسلسل مشاهده المؤثرة دون (صراخ وضرب وتبريق)، وبراعة أبطاله فى أداء شخصياتهم بسلاسة وفهم كبير لأبعادها. أحمد مالك «ولعة».. قدم دوره بشكل مُقنع وجديد خارج القالب المعتاد له .. طه دسوقي «مفتاح».. مُبدع بمعنى الكلمة، مبهر بموهبته وحضوره. معتز هشام «قطايف».. موهبة لافتة تستحق الاهتمام. مينا أبو الدهب «عبيد».. مفاجأة هذا العمل. كما أن وجود نجم بحجم وثقل الفنان محمود حميدة فى شخصية مدير دار الأيتام «ماجد»، أضاف للعمل الكثير بحضوره وأسلوبه فى أداء الجانب الشرير بإقناع ودون مبالغة. ولا نستطيع تجاهل العنصر النسائى حيث أثبتت كل من فرح يوسف ودينا ماهر ومريم الجندي، براعتهن ضمن هذه التوليفة. «ولاد الشمس» عمل جميل ومؤثر مع سيناريو متماسك ل مهاب طارق، وشخصيات مكتوبة بذكاء، وأداء تمثيلى رائع، ومخرج موهوب ومجتهد «شادى عبد السلام»، ومن المؤكد أن هذا المسلسل سيبقى في ذاكرة الجمهور طويلاً. أخيرا أضم صوتي لزميلي الناقد الكبير طارق الشناوي وأتمنى أن يقوم المخرج الشاب بتغيير اسمه أو إضافة اسم آخر له ليصبح ثلاثياً حفاظاً على حق المخرج الراحل شادى عبد السلام.