تُعد الكنافة والقطايف من أشهر الحلويات الرمضانية التي لا تخلو منها الموائد في مصر والبلاد العربية خلال شهر رمضان المبارك، فقد ارتبطت هذه الحلويات بالشهر الكريم ارتباطًا وثيقًا منذ قرون، حتى باتت جزءًا لا يتجزأ من العادات والتقاليد الرمضانية. اقرأ أيضا : الكنافة بالفستق الحلبي.. وصفة سهلة وشهية لتحضيرها في المنزل وتعددت الروايات حول أصل الكنافة والقطايف، فمنهم من نسبها إلى العصر الأموي، حيث يُقال إن صانعي الحلويات في بلاد الشام أعدّوها خصيصًا للخليفة معاوية بن أبي سفيان، حتى عُرفت ب"كنافة معاوية"، بينما يرى آخرون أنها صُنعت خصيصًا لسليمان بن عبد الملك، كما أكده الدكتور محمد علي حسن، الباحث الأثري وعضو مؤسسة زاهي حواس لتراث الآثار، في تصريحاته الخاصة ل "بوابة أخبار اليوم"، ارتباط هذه الحلويات بالفاطميين، الذين اشتهروا بصناعة الحلويات وتوزيعها في المناسبات المختلفة. وعبر العصور، استمر انتشار الكنافة والقطايف في مصر، حتى لفتت أنظار علماء الحملة الفرنسية، الذين رسموا أفران الكنافة وكتبوا عنها في دراساتهم عن المجتمع المصري، وفي القرى المصرية، كان هناك رجل متخصص في بناء فرن الكنافة بالطين قبل حلول رمضان، حيث يرسل إليه أهل القرية عجين الكنافة في أواني لتسويتها على نار الفرن الذي يعمل بالبوص. فما هو التاريخ الحقيقي للكنافة والقطايف؟، وكيف انتشرت هذه الحلويات حتى أصبحت علامة مميزة لشهر رمضان؟ وما هو سر الإقبال الكبير عليها حتى يومنا هذا؟. أولًا: تاريخ الكنافة والقطايف بين الروايات التاريخية 1- الكنافة ومعاوية بن أبي سفيان يُقال إن الكنافة ظهرت لأول مرة في العصر الأموي، عندما اشتكى الخليفة معاوية بن أبي سفيان من الجوع أثناء الصيام، فاقترح عليه أحد الأطباء تناول طعام غني بالطاقة خلال السحور ليعينه على الصيام، فكانت الكنافة، ومن هنا انتشرت هذه الحلوى وعُرفت ب"كنافة معاوية". 2- الكنافة في العصر الفاطمي يرى بعض المؤرخين أن الفاطميين هم من نشروا الكنافة في مصر، حيث كانوا يهتمون بتوزيع الحلوى خلال المناسبات المختلفة، ويُقال إن الخليفة المعز لدين الله الفاطمي كان يحرص على تقديم الكنافة والقطايف للناس خلال شهر رمضان، مما ساهم في ترسيخ تقليد تناولها خلال هذا الشهر الكريم. 3- القطايف: الحلوى الرمضانية المحبوبة أما القطايف، فتُعد حلوى ذات تاريخ طويل، حيث يعتقد بعض المؤرخين أنها ظهرت في العصر الأموي، بينما يرى آخرون أنها تعود إلى العصر العباسي، حيث كان الناس يقدمونها بطريقة تشبه "التقاطها" من الطبق، ومن هنا جاء اسم "القطايف". ثانيًا: الكنافة والقطايف في كتب التراث لم تكن هذه الحلويات مجرد أطباق رمضانية شهية، بل حظيت أيضًا باهتمام الكُتّاب والعلماء، ومنهم جلال الدين السيوطي، الذي ألّف رسالةً بعنوان "منهل اللطائف في الكنافة والقطايف"، والتي جمع فيها أقوال المؤرخين والشعراء عن هذه الحلويات. كما أبدى علماء الحملة الفرنسية اهتمامًا كبيرًا بأفران الكنافة في القاهرة، حيث رسموها في دراساتهم، مما يدل على انتشارها الواسع وأهميتها في المجتمع المصري. ثالثًا: طرق صناعة الكنافة عبر العصور 1- الكنافة اليدوية في القرى المصرية في الماضي، كانت صناعة الكنافة تعتمد على الأفران الطينية التي تُبنى خصيصًا قبل حلول شهر رمضان. وكان رجل متخصص في القرية يقوم ببنائها، ويُرسل إليه الأهالي عجين الكنافة في أوانٍ خاصة، ليقوم بتسويتها على نار الفرن الذي يعمل بالبوص. ورغم تطور أساليب الصناعة، إلا أن "الكنافة البلدي" ما زالت تحظى بشعبية كبيرة في القرى المصرية، حيث يقبل عليها الصغار والكبار، لما تتميز به من نكهة خاصة وقوام مقرمش. 2- تطور صناعة الكنافة والقطايف مع مرور الزمن، تطورت صناعة الكنافة، وظهرت أنواع متعددة منها، مثل: * الكنافة الناعمة: التي تُصنع من خيوط دقيقة جدًا من العجين. * الكنافة الخشنة: التي تكون أكثر سمكًا ومقرمشة. * الكنافة المحشوة: التي تُحشى بالقشطة أو الجبن أو المكسرات. أما القطايف، فكانت تُحشى في البداية بالمكسرات والعسل، ثم تطورت لتشمل حشوات مثل القشطة والشوكولاتة. رابعًا: أشهر وصفات الكنافة والقطايف في رمضان 1- الكنافة بالقشطة المكونات: * نصف كيلو كنافة * نصف كوب سمنة * 2 كوب قشطة * نصف كوب سكر بودرة * شربات (قطر) طريقة التحضير: 1- تُفرك الكنافة بالسمنة جيدًا. 2- يُوضع نصف كمية الكنافة في صينية مدهونة بالسمنة، ثم تُضاف القشطة. 3- تُغطى القشطة بباقي الكنافة وتُضغط جيدًا. 4- تُخبز في فرن ساخن حتى يصبح لونها ذهبيًا. 5- يُضاف الشربات فور خروجها من الفرن. القطايف بالمكسرات المكونات: * نصف كيلو قطايف * نصف كوب مكسرات مجروشة * ملعقة صغيرة قرفة * زيت للقلي * شربات (قطر) طريقة التحضير: 1- تُحشى كل قطعة قطايف بالمكسرات والقرفة، ثم تُغلق بإحكام. 2- تُقلى في زيت ساخن حتى تصبح ذهبية اللون. 3- تُغمس في الشربات وتُقدم ساخنة. خامسًا: مكانة الكنافة والقطايف في المجتمع الحديث رغم مرور القرون، ما زالت الكنافة والقطايف تحظيان بشعبية كبيرة خلال شهر رمضان، حيث يتجمع الأهل والأصدقاء حول موائد الإفطار للاستمتاع بهذه الحلويات التقليدية، كما ظهرت ابتكارات جديدة، مثل الكنافة بالنوتيلا والقطايف بالكريمة، التي تُلبي أذواق الأجيال الجديدة. تُعد الكنافة والقطايف من أكثر الحلويات الرمضانية شهرةً في مصر والعالم العربي، حيث ارتبطت بالموروث الثقافي والديني منذ العصور القديمة، وبينما تتعدد الروايات حول أصلها، فإنها تبقى جزءًا لا يتجزأ من تقاليد رمضان، تزين موائد الإفطار وتجمع الأحبة حول مذاقها الشهي، ومع استمرار الإقبال عليها، يبدو أن هذه الحلويات ستظل محتفظة بمكانتها لسنوات طويلة قادمة.