بينما كنت أستمع إلى ضحكاتهم العالية، شعرت وكأننى نسيت الدنيا بكل ما فيها. جومانا، أحمد، أمل، وآدم أطفال لكنهم فى الحقيقة ملائكة على الارض.. جميعهم حالات خاصة، طلاب فى مدرسة للتربية الفكرية، يحملون فى قلوبهم من الحب ما يكفى ليغمر العالم بأسره. كانت زيارتى لهم تجربة ملهمة، منحتنى طاقة إيجابية وأملاً لا يوصف. لكن الأجمل من ذلك كله كان أساتذتهم، الذين يبذلون جهدًا استثنائيًا فى رعاية هؤلاء الأطفال. على الرغم من أن المدرسة حكومية، إلا أن المعلمين مؤهلون تمامًا للتعامل مع هذه الحالات، وبعضهم حاصل على الدكتوراة. لا يعتبرون عملهم مجرد وظيفة، بل رسالة إنسانية يؤدونها بإخلاص، وكأنه سرٌ بينهم وبين خالقهم. هؤلاء المعلمون لا يكتفون بالتدريس، بل يكتشفون المواهب الفطرية لدى الأطفال فى الرسم والحرف اليدوية، وينمونها من خلال توفير الأدوات والتدريب اللازم. والنتيجة؟ أعمال فنية وإبداعية تعكس قدرات استثنائية وتدريبًا متميزًا. ما أسعدنى أن لدينا مدارس متخصصة تستقبل الأطفال من سن الرابعة، وهى الوحيدة التى تقدم رعاية متخصصة تناسب احتياجاتهم. هذه المدارس ليست مجرد مؤسسات تعليمية، بل هى طوق نجاة لأولياء الأمور الذين يواجهون تحديات تفوق الوصف. فغالبًا ما تتحمل الأمهات العبء الأكبر، خاصة فى بعض الأسر التى قد ينسحب فيها الأب من المسئولية، فتجد الأم نفسها وحيدة فى رحلة طويلة من الرعاية والعمل والتضحية. أتمنى أن تنتشر هذه المدارس أكثر، وأن يزداد عدد المعلمين المؤهلين للتعامل مع ذوي الاحتياجات الخاصة. كما أتمنى أن يساهم المجتمع المدنى ورجال الأعمال فى دعم هذه المبادرات، من خلال فتح دور حضانة متخصصة لهذه الفئة، مما يمنحهم فرصًا حقيقية لإثبات ذاتهم والمساهمة فى المجتمع. فهؤلاء الأطفال ليسوا عبئًا، بل هدية من الله، تحتاج فقط إلى من يمنحها الفرصة لتُزهِر.