أرجع القس عبدالمسيح يعقوب، أحد قيادات خدمة مدارس الأحد داخل الكنيسة «الإنجيلية»، المشيخية بمصر، تراجع دور مدارس الأحد إلى أزمة العثور على معلم مدرب ومؤهل لخدمة الطفل، مشيرا إلى أن الخدمة تقوم علي التطوع فى الأساس، وأنه إلى الآن لم يهتم «سنودس النيل الإنجيلي»، المشيخي بإصدار منهج يعبر عن هوية الكنيسة المشيخية، والفكر الكتابي السليم.. فإلى نص الحوار. تذكّر أن الأمور «غير المتوقعة» لا تعنى أن الله «غير قادر» بل تعنى أننا «غير فاهمين» لطرق الله «غير المحدودة»، فحكمة الله تعمل دائمًا لخيرك الذى لن تراه عينك اليوم لكن ستراه غدًا بالإيمان ■ متى بدأت خدمة مدارس الأحد فى الكنيسة؟ - مدارس الأحد بدأت مع فكرة إنشاء مدارس كنسية موازية للتعليم الإلزامي للأطفال، وانتهت بأنها تصبح التعليم الروحي للأطفال داخل الكنيسة، وأصبحت مدارس الأحد هي المكان، الذي يجمع الأطفال لتعليمهم وتأهيلهم تربويا وروحيا واجتماعيا حتي يكون صالح فى علاقته مع الله والكنيسة والمجتمع، لأنها هذه هي المحاور الثلاثه، التي نعمل عليها لتحقيق الهدف من مدارس الأحد. ولكننا ندرك أن الجيل الجديد فى هذا الزمان لم يعودوا مجرد آلات لامتلاك وحفظ المعرفة وحشوا لعقولهم، بل أصبحت مهارات يجب تحويلها لمعرفة قابلة للنقل والتوظيف فى حياتهم العملية، مما يجعلهم فعالين ومؤثرين، وهم مستمتعين بكل ما يفعلونه، سواء كان اكتساب مهارات لحياتهم وتطبيقها، بحيث يجعلهم قادرين علي مواجهة كل مواقف الحياة بكل ضغوطها من خلال ما نقدمه لهم. ■ ما أسباب تراجع خدمة مدارس الأحد داخل الكنائس المصرية ؟ - مدارس الأحد تقوم علي أربعة عناصر مهمة جدا، وهما المعلم – الطفل – المناهج وسائل الإيضاح – إدارة مدارس الأحد، وعندما يختل أي عنصر من العناصر الأربعة تختل المنظومة بأكملها، ولكن أهم عنصر هو المعلم، فإذا اعتبرنا أن هذه العناصر الأربعة هي الأعمدة للمبني، فإن المعلم هو أساس الحفاظ علي المبني بأكمله راسخ وقوي. فنحن فى هذه الأيام نعيش أزمة وجود معلم مدرب، ومؤهل لخدمة الطفل، وإذا وجد المعلم فى الأغلب يكون ليس لديه الخبرة، ولا المهارة فى تعليم الأطفال، لأنها خدمة تقوم علي التطوع فى الأساس. بالنسبة لعناصر المناهج، ووسائل الإيضاح، فإلي الآن لم يهتم «سنودس النيل الإنجيلي المشيخي»، بإصدار منهج يعبر عن هوية الكنيسة المشيخية والفكر الكتابي السليم، وهو ما يزعج القائمون علي هذه الخدمة، لأنهم لا يعرفون ما يقدمون، لأن كل ما يقدم هو بالاجتهاد الشخصي، وهذا ما يجعل وجود تعاليم غير كتابية، وهو الأمر الوارد فى كل الوقت، بالإضافة لوجود أزمة فى الإدارة حتي لو كانت هذه المنظومة هي فى الكنيسة المحلية الصغيرة، فضلا عن أن هذه المنظومة مضطربة علي المستوي العام، ونقص الإمكانيات والموارد المالية تمنع بعض المخلصين من إدارة المنظومة، والصرف عليها، حتي تخرج الأفكار والمناهج والوسائل إلى النور؛ لتغير فى سلوك الأطفال. ■ ما أهم الأنشطة، التي نفذتها من بداية خدمة مدارس الأحد؟ - كنت أهتم بتدريب وإعداد وتأهيل خدام مدارس الأحد فى كل المجامع السنودسية الثمانية فى مصر، وظهر للنور أول منهج لإعداد مدارس الأحد يسمي أربعة أعمدة لمدارس أحد ناجحة، وقمت بتدريب أكثر من 3000 من مدرسي مدارس الأحد فى مصر، والوطن العربي علي هذا المنهاج، وكتبت أربعة مناهج لما يسمي مدارس «الكتاب المقدس الصيفية»، وكان هذا تحت إطار برنامج أولمبياد الصغار، والذي اشترك فيه 23000 طفل فى عامه الأول، وقد استمر ثلاث سنوات، ثم مهرجان لمواهب الأطفال، وهو عبارة عن مسابقات فى التمثيل والدراما والموسيقي والترنيم كان يقام سنويا فى مجمع القاهرة الإنجيلي. بالإضافة إلى إصدار كتابين عن فن استخدام العرائس المتحركة، ويشمل كل كتاب منهم علي حلقات درامية كانت مجموعهم 34 قصة من الحياة أعدت خصيصا للأطفال، وإصدار كتاب لأول مرة به 150 ترنيمة للأطفال بالكوردات الموسيقية. وساهمت فى إصدار وتحرير أكبر المناهج لمدارس الأحد تحت مسمي «الأخبار السارة»، وبه 34 كتابا للمعلم، 34 كتابا للتلميذ، وقمت بتأليف مناهج لمدرسة الكتاب المقدس الصيفية، والتي اشترك فيها عدد ضخم من أطفال مدارس الأحد فى كل الجمهورية، وتدريب خدام مدارس الأحد فى السودان، سوريا، العراق، لبنان، الأردن، ليبيا، الجزائر، تونس، قبرص، كينيا، وأوغندا، وكل الجاليات العربية فى أوربا، وأمريكا، وأمريكا اللاتينية نظمنا مبادرة، وأطلقنا عليها مسمي «من طفل لطفل». ■ ما الدور التي قامت الكنيسة الإنجيلية فى دعم المناطق المشتعلة بالإرهاب من خلال خدمة مدارس الأحد؟ - بحكم معرفتي بالخدمة وإدراكي بأهميتها دائما لدينا علاقة قوية مع الكنائس العربية فى المناطق المشتعلة، كالعراق، وسوريا، ولبنان، والسودان وليبيا، ومن خلال الكنائس، كنا نقوم بقوافل طبية لخدمة الأطفال بهذه المنطقة؛ لدعمهم ومساندتهم نفسيا واجتماعيا، وتقديم بعض المعونات الغذائية، والطبية وبعض الملابس. وبحكم دوري كراعٍ، أعلم أهمية دعم الأطفال، خاصة تحت ضغوط الحرب والاغتراب والاعتداء عليهم نفسي وجسدي، وأيضا فى أوقات كان يتم الاعتداء الجنسي علي الأطفال الصغار، وهذا مما جعلنا ككنيسة أن نسرع ونبادر بعلاج هذا الأمر من خلال الدعم النفسي ومعالجتهم، وأيضا الكنيسة المحلية كان لها دور فعال بالمشاركات، التي قمنا بها فى أحد الدول، التي كانت تعيش حياة غير مستقرة، وتتعرض للفقر والحرب والجوع الشديد، مما جعلنا أن نجمع أموالًا من أعضاء الكنيسة حتي إن بعض الأطفال ساهموا من خلال مبادرة «من طفل لطفل»، والتي اختصت بأن يعطي الطفل القادر أن يدخر من مصروفه الشخصي فى صندوق توفير (حصالة)، لكي يشارك طفل أكثر احتياجا فى هذه الدول. ■ ما الزيارات والبروتكولات، التي قمت بها مؤخرا؟ - من خلال خدمة أفضل للطفل بقيادة الشيخ «مجدي بسالي»، رئيس مجلس إدارة مؤسسة السامري الصالح بالمقطم الخيرية، والتابعة للطائفة الإنجيلية بمصر، برعاية وتقديم مساعدات لأطفال المناطق الفقيرة فى بعض البلاد الأفريقية مثل أوغندا،أوكرانيا، إندونيسيا، نيكارجوا، بيرو، وتدريب المعلمين علي التعامل مع أطفال ما قبل المدرسة، وإعدادهم، وتأهيلهم للتعليم، ومواجهة صعوبات الحياة، كما نقوم بتقديم الوجبات للأطفال، وكانت مفاجأة لي شخصيا أن بعض الأطفال يظلون بالشهور والسنوات وجبة مثل هذه فى حياتهم. ومن خلال التعاون مع الكنيسة الإنجيلية العربية فى «سانتا مونيكا»، قمنا بزيارة اللاجئين العرب فى أوروبا مع راعي الكنيسة القس «أمير شوقي»، كما قام أيضا مع القس «جورج عزمي»، راعي الكنيسة الإنجيلية بمدينة نصر، بزيارة اللاجئين السوريين فى لبنان، وقاموا بتقديم مساعدات إنسانية للكبار، والصغار وطبية. ■ ما المشاريع التي تقوم بها الآن نحو خدمة الطفل بالمجتمع ؟ - منذ عام 2009 أصبحت راعيا للكنيسة الإنجيلية بالطالبية، ولإدراكي لأهمية خدمة الطفل، خصوصا ما قبل المدرسة، قمنا بإنشاء أكاديمية للأطفال، وللمراهقين من الشباب والأسرة (أكاديمية الصخرة)، Rock Academy، وهي عبارة عن أكاديمية بمفهوم جديد لهذا العصر، الذي نعيش فيه، لأن الجيل الجديد يتعلم بطرق مختلفة، فنحن أردنا توفير بيئة صحية محفزة ومناسبة للأطفال للتعلم، واللعب، والتعرف علي الذات وتطويرها، وتعتمد هذه الأكاديمية علي تطوير جوانب المهارات المختلفة للطفل السلوكية، والأخلاقية، وتهتم بإعداد الطفل لدخول المدارس والتدريس المنهجي للمواد اللغوية، مثل «الإنجيلزية والفرنسية»، بالإضافة إلى «اللغة العربية»، ونقوم بتطبيق مناهج التعلم بما يسمي «مونتو سوري»، وهي الطريقة المتطورة والحديثة للتعليم بجانب ما يسمي ب«مراكز التعلم»، كما يهتم نظام الأكاديمية علي تطوير مهارات الطفل اعتمادا علي مشروعات عملية باستخدام الحواس الخمسة والفنون والمهارات. أما بالنسبة لسن الشباب، فقد أنشأنا برنامجا خاصا وسمي «عشرة فى واحد»، ويتضمن كلًا من التنمية الشخصية – الميديا- الموسيقي – اللغات – الفنون – الرياضة – الروبوت الصغير- البرنامج الروحي – برنامج للمسابقات الترفية والروحية (أوانا). وبالنسبة لمساعدة الأسر فى تربية الأطفال، تم إعداد برنامج متخصص فى المشورة، ويتضمن برامج التنمية الشخصية – كيف نقيم حوارا مع أبنائنا سواء من الصغار أو المراهقين – فن إدارة المنزل- برامج مهارات الحياة الأساسية. ■ ما تعليقك علي وضع التعليم فى مصر.. وكيف تري العلاج لهذه القضية؟ التعليم فى مصر لديه نفس الإشكالية الموجودة فى مدارس الأحد، لدينا مشكلة مع المعلم ومع المناهج ومع طريقة التعليم والمكان، وأؤمن أن الحب للمكان والتعليم هو المصدر الأساسي للارتقاء بالطالب، فكيف أتعلم فى مكان لا أحبه، وكيف تكون المدرسة عبارة عن أسوار وحوائط وكأنها أسوار سجن، وفى ذات الوقت أطالب بتغيير فى الطلبة، الذين يتعلمون، كما أن المعلم، الذي يعمل عمله دون أن يدرك بأن هذه رسالة، بالتأكيد سوف تختل العملية التعليمية، ويجب أن تنظر الدولة إلى الأجور المتدنية للمعلمين، الذين أصبحوا يلجئون إلى الدروس الخصوصية والسناتر ( المراكز التعليمية الخاصة، والغير خاضعة لإشراف وزارة التربية والتعليم )، ويؤسفني أن غالبية الطلبة فى مصر لا تمثل المدرسة أي تأثير، أو بصمة فى تعليمهم، أو تأهيلهم لحياتهم المقبلة، وأنهم قادة المستقبل للوطن، وبكل وضوح المنظومة برمتها يجب أن تتغير، المعلم والمكان والمناهج. ما تقيمك ووجهة نظرك فى ترشيح الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية أخري؟ بصراحة أن الرئيس عبدالفتاح السيسي هو مرشحي الرئيسي، ولكن كنت أتمنى أن تكون انتخابات قوية، وبها أكثر من مرشح.