الرقعة بين الخصمين تشير إلى أن بوتين كان يلعب الشطرنج بينما الأوروبيون لعبوا الطاولة الرقعة بين الخصمين تشير إلى أن بوتين كان يلعب الشطرنج بينما الأوروبيون لعبوا الطاولة فى لعبة الشطرنج، يتمتع اللاعب الذى يبدأ بالحركة الأولى «الأبيض» بميزة استراتيجية، خاصة عندما يكون المنافسون على مستوى عالٍ من المهارة. الأمر نفسه ينطبق على الحروب، حيث يرى الخبراء أن الطرف الذى يبدأ المعركة وهو يمتلك خطة مدروسة يحظى بميزة أكبر. تلك الفكرة تنطبق بشكل واضح على الصراع الروسى الأوكرانى فبعد الاعلان عن نية ضم اوكرانيا لحلف الشمال الأطلسى «ناتو» وتعريض الأمن القومى الروسى للخطر قرر الرئيس فلاديمير بوتين، أن يبدأ المعركة فى المكان والزمان المناسبين ومباشرة بعد عالم منهك من فيروس كورونا..السنوات الثلاث الماضية أثبتت أن بوتين لاعب استراتيجى مخضرم.. فقد تحمل عقوبات اقتصادية عالمية غير مسبوقة 22 ألف عقوبة!! فضلا عن ضغوط سياسية وحملات دعائية ونفسية أوروبية وأمريكية بل وإسقاط نقاط قوته فى سوريا.. ما نراه اليوم من تخلى أمريكى واضح عن دعم اوكرانيا وأوروبا هو مؤشر قوى أن بوتين أصبح قاب قوسين أو أدنى من تحقيق أهداف حربه بل وضم أراضٍ إضافية إلى روسيا تشكل 20 ٪ من أوكرانيا. فى العلوم العسكرية يوجد كتاب لا يستغنى عنه العسكريون فى حقائبهم حيث يضم نظريات الحرب لقائد عسكرى محنك من القرن الثامن عشر هو كارل كلاوزفيتز ..يمتلك هذا الرجل سلسلة من الكتب بعنوان «عن الحرب» و شكّلت نظرياته وفلسفته كل حرب تم خوضها على مدى القرنين الماضيين .. كلاوزفيتز يرى أن الحرب هى جزء من سلسلة متصلة تشمل التجارة والدبلوماسية وكل التفاعلات الأخرى التى تقع بين الشعوب والحكومات. باختصار الحرب فى فلسفته هى فن يضم عدد من العلوم مثل الفيزياء والجغرافيا وعلم النفس، إلخ، والقائد العسكرى الناجح هو الذى يمزج بين ألوان هذه العلوم لتحقيق انتصاره. وهذا بالضبط ما فعله بوتين، حيث استغل الظروف الجيوسياسية والتحركات الخاطئة لضم أوكرانيا ل «ناتو» وتوقعه بتغيرات فى السياسة الأمريكية لتحقيق اهدافه... الرقعة بين الخصمين تشير إلى أن بوتين كان يلعب الشطرنج بينما الأوروبيون لعبوا الطاولة فبينما الاول تحرك باستراتيجية مدروسة قام الطرف الثانى بأشعال المعركة برهان أن الدب الروسى لن يستطيع الصمود أو التحرك أمام الضغوط الاقتصادية والقوة الأوروأمريكية وهو رهان لم يحدث. الاثنين الماضى بكى رئيس مؤتمر ميونيخ للأمن أمام العالم عقب خطاب نارى لنائب الرئيس الأمريكى جيمس فانس وبخ فيه أوروبا من عدم احترامها لحرية التعبير وحقوق الإنسان مما يجعلهم مختلفين عن القيم الأمريكية!!.. لحظة بكاء رئيس المؤتمر تأتى لإدراكه أن 75 سنة من التحالف فى حلف شمال الأطلسى «ناتو» على وشك الانهيار.. عشرات الآلاف من القوات الأمريكية قد تنسحب من أوروبا خلال الفترة المقبلة.. الدول الأوروبية أصبحت مجبرة على الإسراع بتطوير جيوشها وزيادة الانفاق العسكرى وهو أمر يستغرق سنوات... بعد الحرب الباردة، فككت أجزاء كثيرة من أوروبا دباباتها وأغلقت المصانع التى كانت تصنع الذخيرة لاعتمادها على القوة الأمريكية.. ترامب يرى أن أوروبا استغلت تلك القوة لسنوات ولم تدفع مقابلها.. الخبراء الأوروبيون يتوقعون إذا لم تستعد أوروبا بجبوشها خلال عامين أو ثلاثة فإن هجوما روسيا جديدا سيلتهم قطعة جديدة من دول البلطيق أو بولندا وهو ما يهدد بالتهامها قطعة تلو الأخرى.. الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون قال أمس إنه سيبلغ ترامب «بأنه إذا سمح لروسيا بالسيطرة على أوكرانيا فلن يكون من الممكن إيقافها» الجميع يترقب اللقاء المرتقب بين ترامب وبوتين والذى ستجرى محادثاته بعيدًا عن أوروبا والأوكرانيين أنفسهم وهو ما يعكس لعبة القوة .. ترامب يرى أن الولاياتالمتحدةوروسيا هما اللاعبان الرئيسيان فى هذه الأزمة وأن بقية الأطراف (أوروبا وأوكرانيا) مجرد قطع ثانوية على الرقعة الجيوسياسية ويسعى أن تكون خطواته الطريق الأسرع والأكثر فعالية لإنهاء الصراع حتى لو كان ذلك على حساب حلفائه الأوروبيين..فهل تستطيع الدموع الأوروبية استرجاع لبن التحالف الأمريكى المسكوب .