كالعادة كان الموقف الإسرائيلى فى مباحثات كامب ديفيد متصلبًا متشددًا يرفض التنازل، وهدد الرئيس السادات بالانسحاب من المباحثات، والتقي لنصف ساعة على انفراد مع الرئيس كارتر، ووقع الجانبان على معاهدة السلام «المصرية الإسرائيلية» فى 26 مارس 1979 لإنهاء حالة الحرب، وإقامة علاقات ودية، وانسحاب اسرائيل من سيناء، وضمان عبور سفنها قناة السويس، واعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ممرات مائية دولية، ورغم ذلك لم تؤدِ المعاهدة إلى تطبيع كامل فى العلاقات، ولكنها تعبيرعن استحالة فرض الإرادة علينا، ولم ينجح السفراء فى اختراق الحاجز النفسى والاجتماعى والسياسى والثقافى، فمازالت إسرائيل تحتل فلسطين، وهناك قضايا عالقة منها مسألة محاكمة مجرمى الحرب، والتوقيع على معاهدة منع الانتشار النووى. لم تتوقف خلافاتنا بتوقيع الاتفاقية التى تم تعديلها بعد سنوات، وخاصة زيادة حجم ونوعية القوات فى قطاع «ج»، ودخول كتيبة لحرس الحدود مع قطاع غزة.. فقد رفضت إسرائيل استكمال الانسحاب من سيناء تنفيذاً للمعاهدة، وتحججت بأن هناك خلافاً بشأن العلامات الحدودية خصوصاً العلامة 91، وهى الأخيرة على الشريط الحدودى فى طابا، وادعت بأنها تتبعها، ومسألة حياة أو موت لهم، وأقاموا على أرضها فندق سونستا، وافتتحوه عام 82، رغم أن الاتفاقية تمنعهم من تشييد أى منشآت جديدة بسيناء، فالمدينة تقع على رأس خليج العقبة، وتتمتع بموقع فريد ومتميز. بعد أن فشلنا فى التوفيق، لم يكن أمامنا إلا اللجوء للتحكيم الدولى، وفي 13 مايو85، قرر رئيس الوزراء تشكيل اللجنة القومية لطابا برئاسة المرحوم الدكتورعصمت عبد المجيد، وعضوية 24خبيراً منهم 9قانونيين، و2من علماء الجغرافيا والتاريخ، و5دبلوماسيين، و8عسكريين، ومن أبرزهم الدكاترة نبيل العربى ومفيد شهاب وفايزة أبو النجا وأحمد ماهر ويونان لبيب رزق، وكانت تعليمات الرياسة واضحة، وهى إذا كانت طابا أرضاً مصرية نخوض المعركة بكل بسالة وشجاعة.. وهو ما قد كان.. وبعد أكثر من عام، وفى سبتمبر86، وافق مجلس وزراء إسرائيل برئاسة شيمون بيريزعلى اللجوء للتحكيم الدولى حول السيادة على طابا، وذلك بعد ضغط أمريكا، وتنفيذاً للمادة السابعة من معاهدة كامب ديفيد للسلام، والتي نصت على حل الخلافات بين الطرفين عن طريق المفاوضات، وإذا لم يتيسر ذلك تحال إلى التحكيم. .. وللحديث بقية..