بدأت الحكومة الأمريكية في تسريح المئات من الموظفين الفيدراليين، خاصة في وزارة التعليم، بعدما تم إرسال رسائل إلكترونية إلى الموظفين تفيد بإيقافهم عن العمل، بحجة "تخفيف الإنفاق الفيدرالي"، ما أثار العديد من التساؤلات حول النوايا الحقيقية وراء هذا القرار المفاجئ. واتضح لاحقًا أن هذا التسريح يتماشى مع خطة أوسع يديرها الملياردير إيلون ماسك، حليف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث يسعى ماسك، الذي يعكف على تشكيل فريق عمل شبابي وموالي، إلى اختراق مفاصل الحكومة الأمريكية، حيث يهدف إلى إعادة هيكلة الإدارة الفيدرالية بشكل يتماشى مع رؤية ترامب الاقتصادية والسياسية. قبل يومين وتحديدًا في صباح يوم الجمعة، استقبل الموظفون بالحكومة الأمريكية رسائل إلكترونية، تفيد بإنهاء خدماتهم بشكل مفاجئ، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول ما إذا كانت هذه الخطوة تندرج في إطار خطة أوسع لإحداث تغييرات هيكلية في الحكومة، خاصة أن هذا التسريح يأتي في وقت حساس سياسيًا واقتصاديًا في الولاياتالمتحدة، وفقًا لإذاعة «مونت كارلو الدولية» الفرنسية. الموجة الأولى من التسريحات قد بدأت بالفعل، حيث شملت قرارات فصل موظفين في "حكومة ترامب" عددًا كبيرًا من العاملين بوزارة التعليم الأمريكية، بالإضافة إلى وكالات أخرى مثل إدارة الأعمال الصغيرة وحماية المستهلك، كما طال هذا التسريح بشكل خاص الموظفين الجدد أو أولئك من هم في فترة التجربة، ما أتاح للحكومة فرصة إنهاء خدماتهم بسهولة قانونيًا. «عملية التسريح في أرقام».. 280 ألف موظف في خطر وفقاً للمصادر النقابية داخل الحكومة، يُقدر أن نحو 280 ألف موظف تم تعيينهم في حكومة ترامب، خلال العامين الماضيين، منهم العديد في مرحلة التدريب، هؤلاء الموظفون أصبحوا في وضع قانوني هش، مما يعني إمكانية تسريحهم دون مواجهة عقبات قانونية كبيرة. وبحسب المصادر ذاتها، تعتبر هذه الحملة جزءًا من استراتيجية أوسع لتقليص التكاليف في القطاع العام. اقرأ أيضًا: ترامب يسخر من الإعلام ويدافع عن علاقته مع إيلون ماسك هل يحق فصل الموظفين في حكومة ترامب؟ من الناحية القانونية، لا يُسمح بفصل الموظفين الفيدراليين في حكومة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلا في حالات مثل الأداء الضعيف أو السلوك السيء، وتوفر القوانين الفيدرالية حماية للموظفين ضد الفصل التعسفي، ما يثير بالتالي تساؤلات حول مشروعية عمليات التسريح التي تجري حاليا في المؤسسات الحكومية الأمريكية. وتم تسريح الموظفين المتدربين في حكومة ترامب، عبر مكالمات هاتفية، هؤلاء الموظفون كانوا يعملون في مكتب إدارة الموظفين الذي يدير الموارد البشرية في الحكومة الفيدرالية، حيث تم طلب من هؤلاء المغادرة فورًا من مكاتبهم في العاصمة واشنطن. علاقة ماسك بعملية تسريح الموظفين تمثل حملة التسريح الجماعي جزءًا من خطة رئيسية يرعاها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وحليفه إيلون ماسك، ويهدف ماسك من خلال هذا التحرك إلى تقليص البيروقراطية الحكومية وتخفيف الإنفاق الفيدرالي، عبر الأوامر التنفيذية التي تسعى لتقليص حجم الحكومة، بما في ذلك تشجيع الموظفين الفيدراليين على «الاستقالة طوعًا»، وفقًا لصحيفة «بوليتيكو» الأمريكية. شهدت الخطة المدعومة من حكومة ترامب مقاومة شديدة من المدعين العامين في 14 ولاية أمريكية، حيث رفع هؤلاء دعوى قضائية ضد ما يصفونه بالسلطة القانونية الواسعة التي منحها ترامب لماسك، ويشككون في مدى قانونية خطوات الحكومة، والتي قد تكون قد تجاوزت حدود السلطة المقررة لها دون تفويض من الكونجرس الأمريكي. رغم الجدل الذي يثيره إيلون ماسك، إلا أن حكومة ترامب تشترك معه في رؤية واحدة، حيث يُعتقد أن هناك عمليات فساد حكومي تؤدي إلى إهدار المال العام، وترامب وماسك يرون أن هذا الفساد هو سبب العجز المالي الكبير في الميزانية الأمريكية، والذي وصل إلى 1.8 تريليون دولار لعام 2024، وفقًا لما أفادت به الصحيفة الأمريكية ذاتها. يسعى ماسك وترامب إلى تشكيل حكومة فيدرالية جديدة، تعتمد بشكل رئيسي على الأفراد الشباب الموالين لهم، ويعتبر ماسك أن "الدولة العميقة" داخل الحكومة الفيدرالية تُعرقل تقدم الولاياتالمتحدة، ومع دعم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لهذه التوجهات، يواجه الاثنان تحديات قانونية وشعبية في سعيهما لتغيير هيكل الإدارة الأمريكية. والآن يطرح سؤال آخر بشأن هل ستنجح استراتيجية حكومة ترامب الحالية بقيادة ماسك في القضاء على البيروقراطية الحكومية كما يدعيان؟ أم أن هذه الخطوات ستؤدي إلى توترات قانونية وشعبية أكثر تعقيدًا في الولاياتالمتحدة، وما إذا كان هذا التغيير الجذري سيحقق أهدافه أو يُواجه مقاومة أكبر في مستقبل الحكومة الأمريكية.