في عالم يلهث خلف الأحلام الفردية، يقف «الآباء السنجل» كأبطال صامتين، يتحملون أعباء تربية الأبناء وحدهم بعد غياب الزوجة بسبب الموت أو الطلاق. فى عيد الحب، نسلط الضوء على قصصهم، حيث ضحوا بفرصتهم فى الحب والزواج مجددًا من أجل التفرغ لرعاية أبنائهم، وليقوموا بدور الأب والأم معًا. هؤلاء الرجال يواجهون تحديات كثيرة منها تلبية الجوانب العاطفية والنفسية لأبنائهم. فى مجتمع لا يزال ينظر إلى التربية كمسئولية أنثوية، يعيشون تحت ضغوط اجتماعية، وأحيانًا نظرات شفقة. نحتفل بتضحياتهم، ونكشف عن همومهم، ونذكر بأن الحب ليس فقط رومانسيًا، بل أيضًا حب أبوى صامت وقوى، يستحق التقدير. محمود.. مهندس في العقد الرابع من العمر، وجد نفسه فجأة وحيدًا مع ابنيه التوءم اللذين لم يتجاوزا السبع سنوات، بعد أن رحلت زوجته عن الحياة أثناء إجرائها عملية جراحية فى المخ، فأصبح بالنسبة لهما بمنزلة الأب والأم، يتحمل مسئوليتهما ويعتنى بهما وبأعمال المنزل، بخلاف عمله فى إحدى الشركات لتوفير حياة كريمة لأسرته الصغيرة. يقول محمود: «أصبحت مسئولًا عن أعمال المنزل ورعاية الطفلين والمدرسة والعمل خارج المنزل»، مضيفًا: «بصراحة الستات تتحمل، وطاقتها أكبر من الرجل بمراحل، وتستطيع المرأة التوفيق بين المهام المنزلية ورعاية الأبناء والعمل فى وظيفة، ومهما فعل أى رجل لا يستطيع أن يحل محل المرأة». ◄ اقرأ أيضًا | يمثل 81.3% من إجمالي الأحكام النهائية.. «الخُلع» أفضل للمرأة من الطلاق! ◄ أحضان أبنائي يتفق معه محمد عودة قائلًا: «منذ لحظة استيقاظى من النوم، أكون فى عمل داخل المنزل ثم خارجه ومنه إلى المدرسة والمنزل لمواصلة باقى أعمال المنزل ورعاية الأبناء ومساعدتهم فى واجباتهم المدرسية، كل ذلك ولا أستطيع أن أعطيهم نصف حنان الأم، وهذه هى ملامح الحياة والمسئوليات الملقاة على عاتق الأب السنجل، ورغم أن الكثير من أصدقائى ينصحوننى بالزواج للتهوين من مشقة الحياة، فإننى أفضل البقاء بين أحضان أولادى». ◄ ممدوح وأبناؤه الثلاثة «لا أحد يستطيع أن يحل محل الأم مقولة خاطئة».. هكذا بدأ حديثه ممدوح عطا (موظف بشركة خاصة)، مطلق ولديه ثلاثة أطفال، مضيفًا: «يستطيع الأب أن يعطى أبناءه كل مشاعر الحب والحنان والاهتمام والرعاية مقارنة بكثير من الأمهات اللواتى يتركن أبناءهن بعد الانفصال عن الأب ويتزوجن من رجل آخر، فمثل هؤلاء لا يصح أن نطلق عليها مصطلح أم». ويتابع: « منذ سبع سنوات انفصلت عن زوجتي أم أبنائي الثلاثة وأصبحت أنا المسئول عن رعايتهم ومدارسهم وأعمال المنزل، بالإضافة للعمل خارج المنزل، فمن الطبيعى أن المرأة بارعة فى رعاية الأبناء والمهام المنزلية، لكن أن يتبدل الحال وتصبح كل المسئوليات فجأة على عاتق الأب وحده فهذا غير طبيعى، لذا فإن (الأب السنجل) ضحية ظروف وقع بها الرجل ولكنها صنعت منه بطل حقيقي. أما حسن جمال (موظف لديه ثلاث بنات) فيقول: «المجتمع يرفع لافتة «ممنوع الحب أو الزواج»، في وجه الأب السنجل خصوصا إذا كان لديه عدد كبير من الأبناء، فالظروف فرضت عليه القيام بدور الأب والأم معًا، وهنا بدأ يحكى قصته: «فقدت زوجتى فى حادث سير، وكانت بناتي مازلن فى أعمار الزهور، فوجدت نفسى مسئولًا فجأة عن تحضير وجبات المدارس والملابس وتسريحات الشعر وتفاصيل لم أكن أعلم عنها شيئًا، بخلاف الأعمال المنزلية، ومباشرة عملى كموظف. ◄ تأنيب ضمير ومن قصة حسن الذى يرى أن غياب الأم لا يعوضه أحد فى حياة الأبناء، إلى قصة عمر عبدالمنعم، وهو مطلق ثلاثينى وجد نفسه بعد الانفصال عن زوجتة مسئولًا عن ابنيه الاثنين (ولد وبنت)، وطوال تلك الفترة لم تطلب الأم رؤية أبنائها ولو مرة واحدة، فقد تفرغت لحياتها الجديدة وتزوجت وأنجبت ونسيت حياتها السابقة، ويقول :منذ ذلك الوقت أشعر كأننى مهما فعلت لأبنائى لاأستطيع منحهم الحنان والدفء وأحاول الاهتمام بهم وبتفاصيل حياتهم وتمارين النادى، وفى إجازة العام الدراسى بالصيف نسافر إلى الغردقة أو شرم الشيخ لقضاء إجازة صيفية ممتعة، وينصحنى أصدقائى بالدخول فى قصة حب، وبمجرد التفكير فى الأمر أشعر بتأنيب ضمير، فلا أريد الضغط أكثر على نفسية أبنائى بعد أن أصبحوا أمانة فى عنقى ويكفى أنهم محرومون من الأم فلا أرغب أن يشاركهم أحد فى أبيهم». ◄ تنظيم الوقت من ناحية أخرى، يبحث «الأب السنجل» عن أساليب يجب اتباعها للنجاح فى تربية أبنائه، وهنا تقول الدكتورة مروى عبداللطيف، الخبيرة التربوية بعهد الطفولة والأمومة: «يجب أن يقوم الأب بتنظيم وقته، بحيث يستطيع الالتزام بواجباته داخل المنزل وخارجه، ويتجنب الحديث أمام أبنائه عن مشاعر فقد الزوجة سواء كانت متوفاة أو مطلقة، ويمكنه التحدث معهم عن طبيعة العلاقة وأفضل ذكرياته مع أمهم.