يأتى شهر شعبان بين شهرين عظيمين رجب المحرّم ورمضان المعظّم ويُعطى المولى عز وجل عباده فرصًا عظيمة للطاعات والتقرّب إليه ليمنحنا الرحمة والمغفرة والعفو بإذنه.. واختص الله، سبحانه وتعالى، شهر شعبان بحادثة عظيمة فى مصير الدعوة الإسلامية وهى تحويل القِبلة.. فقد فُرضت الصلاة والنبى، صلى الله عليه وسلم، بمكة وكانت القِبلة باتجاه المسجد الأقصى، فكان النبى، صلى الله عليه وسلم، يُصلى باتجاه الكعبة وهو مستقبل المسجد الأقصى؛ لأنه يقع شمال مكة فلما هاجر النبى والمسلمون إلى المدينةالمنورة لم يعد ذلك ممكنًا، فكانت الكعبة خلف ظهورهم وبيت المقدس أمامهم، وصلى النبى والمسلمون بالمدينة على هذا الوضع 16شهرًا أو 17شهرًا كان خلالها النبى، صلى الله عليه وسلم، يقلب وجهه إلى السماء دون أن ينطق أو يدعو تأدبًا مع الله يتمنى أن تكون القِبلة إلى البيت الحرام، فجاء الأمر الإلهى استجابةً لنبيه وتكريمًا له فقال سبحانه وتعالى: «قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ». التكريم للنبى، صلى الله عليه وسلم، والتمحيص والاختبار للمسلمين، فقال الله تعالى: «وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِى كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّاِ لنَعْلَمَ َمنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ». ومن المعانى الجميلة فى تحويل القِبلة أنها جاءت لتقر عين الرسول، صلى الله عليه وسلم، فقلبه مُعلقٌ بمكة المكرّمة بلده التى هى أحب بلاد الله إليه وقال فيها عند هجرته «والله إنك لخير أرض الله وأحب الأرض إلى الله ولولا إنى أخرجت منك ما خرجت»، فديننا الحنيف يحث المسلم على حب وطنه والتمسك بأرضه ولا يتعارض هذا الأمر مع صحيح الإيمان.