منذ الإعلان عن وقف إطلاق النار في قطاع غزة في 19 يناير 2025، لم تكن التهدئة سوى هدنة هشة يتخللها العديد من الخروقات الميدانية التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي، ما يثير تساؤلات حول مدى التزام إسرائيل بالاتفاق المبرم. ورغم الالتزامات الدولية، تواصل إسرائيل انتهاكاتها اليومية التي تتراوح بين التوغلات العسكرية والاعتداءات على المواطنين، مرورًا بتعطيل جهود الإغاثة، وانتهاءً بممارسات تعسفية بحق الأسرى الفلسطينيين. التقرير التالي يرصد أبرز هذه الخروقات التي تهدد استمرار الهدنة وتكشف عن نوايا إسرائيلية لفرض واقع جديد على الأرض. خروقات ميدانية متكررة شهد قطاع غزة منذ بدء التهدئة وحتى 10 فبراير 2025 انتهاكات إسرائيلية متعددة، كان من أبرزها: توغلات عسكرية يومية: اقتحمت الآليات العسكرية الإسرائيلية بشكل متكرر مناطق عدة خارج محور فيلادلفي، خاصة في دوار العودة، تل زعرب، حي السلام، تل السلطان، الحي السعودي، ما أدى إلى هدم أربعة منازل في حي البراهمة خارج المنطقة العازلة. إطلاق نار عشوائي: خلال أيام 22 و23 و24 يناير، تقدمت القوات الإسرائيلية من محور "تتساريم" جنوب القطاع، وأطلقت النار بصورة عشوائية على المدنيين. خرق الأجواء الجوية: واصلت الطائرات الإسرائيلية، بما في ذلك طائرات الاستطلاع، تحليقها اليومي في أوقات المنع المحددة، حيث تم تسجيل 105 خروقات جوية منذ بدء التهدئة. التضييق على الصيادين: منعت قوات الاحتلال الصيادين الفلسطينيين من النزول إلى البحر، وأطلقت النار عليهم في عدة مناسبات. تأخير الانسحاب العسكري: في اليوم الثاني والعشرين من الهدنة، تأخرت القوات الإسرائيلية في الانسحاب من شارع صلاح الدين حتى الساعة الرابعة مساءً، بحجة عدم استكمال انسحاب الآليات. حصيلة الخروقات الإسرائيلية حتى 11 فبراير إطلاق النار على المدنيين: تم تسجيل 36 حالة إطلاق نار خارج المناطق العازلة، ما أدى إلى استشهاد 22 مواطنًا وإصابة 59 آخرين. التحليق الجوي غير المصرح به: تم تسجيل 105 خروقات جوية من قبل الطيران الحربي والاستطلاعي. احتجاز المدنيين: اعتقلت قوات الاحتلال 5 سائقين وصيادين دون مبررات قانونية واضحة. توغل آليات الاحتلال: سجلت 29 حالة توغل للآليات العسكرية داخل القطاع. انتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين لم تقتصر الخروقات الإسرائيلية على الجانب الميداني فحسب، بل امتدت إلى ملف الأسرى الفلسطينيين، حيث تمثلت أبرز الانتهاكات في: تأخير الإفراج عن الأسرى: تأخر إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين ضمن الدفعة الثالثة حتى الساعة الخامسة مساءً، بدلًا من الساعة الواحدة ظهرًا كما كان متفقًا عليه. الاعتداء على الأسرى المفرج عنهم: تعرض بعض الأسرى الفلسطينيين للضرب أثناء الإفراج عنهم من السجون الإسرائيلية. التلاعب بقوائم الأسرى: قامت إسرائيل بتغيير بعض الأسماء في قوائم المفرج عنهم دون أي تنسيق مسبق. حرمان الأسر من الزيارة: لم يُسمح لأسر المبعدين بالخروج من الضفة الغربية لزيارة ذويهم الذين أُفرج عنهم. عراقيل أمام المساعدات الإنسانية تواجه الجهود الإغاثية في قطاع غزة العديد من التحديات، في ظل استمرار العراقيل الإسرائيلية، التي كان أبرزها: الحد من دخول المعدات الثقيلة: لم تسمح إسرائيل بدخول أكثر من أربع آليات فقط من المعدات الثقيلة اللازمة لرفع الأنقاض. منع دخول الكرفانات السكنية: لم يتم السماح بإدخال أي كرفانات لإيواء المتضررين. تقييد مواد البناء: لا تزال إسرائيل تمنع إدخال مواد البناء اللازمة لإعادة ترميم المستشفيات ومراكز الدفاع المدني. حظر الإمدادات الحيوية: لم يُسمح بإدخال معدات الدفاع المدني، أو السيولة النقدية، أو المحروقات اللازمة للقطاع التجاري. تصعيد سياسي ودعوات للتهجير إلى جانب الخروقات الميدانية، تستمر التصريحات الإسرائيلية التي تدعو إلى تهجير سكان قطاع غزة، وهو ما يعكس توجهًا إسرائيليًا نحو تصفية القضية الفلسطينية على أرض الواقع. وتؤكد هذه التصريحات أن إسرائيل لا ترغب في استمرار الاتفاق، بل تعمل على تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي ترامب الرامية إلى تهجير سكان غزة، ما يثير مخاوف من تصعيد جديد قد يهدد مصير الهدنة بالكامل. تعثر المرحلة الثانية من المفاوضات رغم دخول الهدنة حيز التنفيذ، فإن المفاوضات المتعلقة بالمرحلة الثانية من الاتفاق تواجه عراقيل عدة، حيث تتعمد إسرائيل تسريب شروط تعجيزية يصعب القبول بها، مما يعرقل استمرار المباحثات ويزيد من احتمالية عودة التصعيد العسكري في أي لحظة. في ظل استمرار هذه الخروقات والانتهاكات، تتزايد المخاوف من انهيار التهدئة وتجدد الصراع، خصوصًا مع تعنت الاحتلال الإسرائيلي في تنفيذ التزاماته، سواء فيما يتعلق بالملف الإنساني أو بوقف الانتهاكات بحق المدنيين والأسرى الفلسطينيين