مع اقتراب شهر رمضان المبارك، تشتعل مشاعر الحنين في قلوب الأجداد والآباء، ويستعيدون ذكريات "رمضان زمان"، حين كانت الأجواء مفعمة بالمودة والدفء والتواصل الاجتماعي الحقيقي. يروون قصصًا عن ليالي رمضان القديمة التي كانت تجمع الأهل والجيران بروح المحبة، حيث كانت العادات والتقاليد تحمل طابعًا مختلفًا عن رمضان عصرنا الحديث. اقرأ أيضًا | هل يجوز صيام القضاء في شهر شعبان؟ الإفتاء توضح "بداية الأجواء الرمضانية" ليلة رؤية الهلال كان استقبال رمضان قديمًا يتميز بطقوس خاصة تبدأ من ليلة رؤية الهلال، حيث يجتمع الأطفال والكبار في الساحات وعلى الأسطح لمتابعة الإعلان عن دخول الشهر الكريم، ومع سماع خبر ثبوت الهلال، تعم الفرحة الشوارع، وتُضاء المنازل بالفوانيس، وتبدأ مظاهر الاحتفال التي تستمر طوال الشهر المبارك. زينة رمضان والفوانيس المضيئة من أجمل طقوس رمضان قديمًا كانت تحضيرات الزينة، حيث يتعاون الجيران في تزيين الشوارع بالفوانيس الورقية المضيئة، وتعليق الأشرطة الملونة التي تضفي لمسة من البهجة على كل زاوية. وكان لكل طفل فانوسه الخاص، حيث يجوب الأطفال الأحياء مرددين أغاني رمضان الشهيرة مثل "وحوي يا وحوي" و"حالو يا حالو"، ويطرقون أبواب الجيران الذين يوزعون عليهم المكسرات والحلوى والأموال الجديدة، في أجواء يملؤها الحب والتآلف. مدفع الإفطار وصوت الأذان: لحظات لا تُنسى كانت لحظة الإفطار تحمل طابعًا خاصًا، حيث يجتمع أفراد العائلة حول المائدة ينتظرون سماع مدفع الإفطار الذي يُعلن انتهاء الصيام، متبوعًا بصوت الأذان العذب بصوت الشيخ محمد رفعت أو الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وما إن يُرفع الأذان حتى تتعالى الدعوات، ويبدأ الجميع بتناول التمر والخشاف قبل الشروع في الإفطار. اقرأ أيضًا | تجهيزات رمضان 2025.. دليل شامل لحفظ وتخزين الخضروات والفواكه موائد تجمع العائلة وزيارات لا تنقطع من أبرز سمات رمضان في الماضي كانت التجمعات العائلية، حيث كان لا يمر يومان إلا وتجتمع العائلة على مائدة الإفطار في منزل أحد الأقارب، يتبادلون الأحاديث والضحكات في أجواء مليئة بالحب والود. وكانت تلك العادة سببًا في توطيد العلاقات الأسرية، على عكس اليوم حيث أصبحت مثل هذه التجمعات نادرة بسبب مشاغل الحياة وضغوط العمل. الكنافة والقطايف: رمز الحلوى الرمضانية لم يكن رمضان يكتمل دون رائحة الكنافة والقطايف الطازجة، حيث كانت تصنع يدويًا أمام المحلات في مشهد يضفي على الشوارع طابعًا احتفاليًا خاصًا. وكان شراء الكنافة والقطايف طقسًا يوميًا لا غنى عنه، إذ يجتمع الأطفال والكبار أمام صانع الكنافة يشاهدونه وهو يشكلها بدقة وحرفية. المسحراتي.. ناقوس الفجر الذي لا يُنسى قبل أذان الفجر، كانت الشوارع تصدح بصوت المسحراتي وهو ينادي "اصحى يا نايم وحد الدايم"، يوقظ الناس لتناول السحور في أجواء دافئة تعكس بساطة الحياة وروعة التقاليد الرمضانية القديمة. ذكريات الراديو والفوازير الرمضانية كان الراديو جزءًا أساسيًا من رمضان، حيث تجتمع العائلة للاستماع إلى "ألف ليلة وليلة"، وتتابع الفوازير الرمضانية التي قدمتها آمال فهمي، والتي كانت تُبث بعد الإفطار مباشرة، في تحدٍ يومي لحل الألغاز والمسابقات التي تميز بها الشهر الفضيل. كيف نستعيد أجواء رمضان زمان مع أطفالنا؟ في ظل التغيرات التي طرأت على رمضان اليوم، يمكننا إحياء ذكريات الماضي مع أطفالنا من خلال بعض الممارسات البسيطة، مثل: تحضير زينة رمضان وتعليقها في المنزل والشوارع. توزيع أكياس رمضانية على الأطفال تحتوي على تمر وحلوى ومطويات بأدعية وأحاديث. تخصيص وقت يومي لسماع التواشيح الرمضانية والقرآن بأصوات الشيوخ القدامى. الحفاظ على عادة الإفطار الجماعي قدر الإمكان، وتعزيز الترابط العائلي. إحياء العادات الرمضانية القديمة مثل صنع الكنافة والقطايف يدويًا. رمضان في الماضي كان يحمل روحًا مختلفة، لكنه ما زال حاضرًا في قلوب من عاشوه، ويمكننا دائمًا أن نعيد جزءًا من تلك الأجواء لنعيش رمضان بروح الماضي الجميل، ونورثه لأبنائنا وأحفادنا ليبقى الشهر الكريم دائمًا رمزًا للمحبة والدفء العائلي.