يعد تمثال الملك خفرع المصنوع من الديوريت الأخضر واحدًا من أعظم روائع النحت المصري القديم، إذ يجسد بمهارة فائقة قوة وهيبة الفرعون الذي شيد الهرم الثاني بالجيزة. واكتُشف هذا التمثال الفريد في معبد الوادي الخاص بالملك خفرع، وهو اليوم أحد أبرز القطع الأثرية المعروضة في المتحف المصري بالتحرير. اقرأ أيضاً| ليس مجرد قطعة قماش.. قصة نسيج أوزوريس الجنائزي الفريد بالمتحف المصري ويتميز التمثال بجماله الفائق، ودقته النحتية المتناهية، وفرادته الفنية التي جعلته رمزًا خالدًا يعكس عظمة الحضارة المصرية القديمة. ** خفرع.. الفرعون العظيم وباني الهرم الثاني الملك خفرع، أحد ملوك الأسرة الرابعة في الدولة المصرية القديمة، حكم مصر خلال الفترة ما بين 2559 و2535 ق.م، ويُعتقد أنه ابن الملك خوفو من زوجة ثانوية. تميز عهده بإنجازات معمارية بارزة، لعل أهمها بناء الهرم الثاني في الجيزة، الذي لا يزال شاهدًا على عظمة الفراعنة وقدراتهم الهندسية الفريدة. ** اكتشاف التمثال ومواصفاته الفنية تم العثور على تمثال خفرع داخل معبد الوادي الخاص به في الجيزة، وهو مصنوع من مادة الديوريت الأخضر، التي تُعد من أكثر الأحجار صلابة وصعوبة في النحت. يبلغ ارتفاع التمثال 168 سم، ويصور الملك جالسًا على كرسي العرش في وضع ملكي مهيب. خلفه، يظهر الإله حورس في هيئة صقر، رمز الحماية الملكية، وكأن جناحيه يحتضنان رأس الفرعون، في تعبير مذهل عن الوحدة بين الملك والإله. ** دلالات رمزية وإبداع فني فريد يعكس التمثال براعة المصريين القدماء في تصوير القوة الإلهية والملوكية من خلال النحت. ومن أبرز تفاصيله: الاندماج البصري بين الملك والإله حورس، حيث يمثل الصقر حورس السماء، بينما يُمثل خفرع حورس الأرض، مما يرمز إلى التلاحم بين الحكم الأرضي والسلطة الإلهية. في يده اليمنى، يمسك الملك بقطعة من الجلد الحيواني، في إشارة رمزية إلى التجدد والحياة الأبدية. من زاوية الرؤية الأمامية، لا يُرى الصقر حورس، بل يظهر وجه الملك فقط، بينما يُكشف الطائر المقدس عند النظر إلى التمثال من الجانبين، وهو ابتكار بصري فريد يضيف بعدًا فنيًا استثنائيًا للعمل. ** مكانة التمثال في المتحف المصري يُعرض تمثال خفرع في المتحف المصري بالتحرير كواحد من أهم القطع الأثرية على الإطلاق، حيث يجذب انتباه الزوار بروعته ودقته النحتية التي لم تتكرر عبر العصور. وقد أذهل هذا التمثال العلماء والفنانين، لما يعكسه من مهارة متناهية في تطويع حجر الديوريت القاسي، حيث لم يستطع النحاتون عبر العصور تنفيذ منحوتات بهذه الدقة والإبداع من هذه المادة إلا في قطع صغيرة وبجودة أقل. ويظل تمثال الملك خفرع أحد أعظم روائع الفن المصري القديم، وشاهدًا خالدًا على عبقرية النحاتين المصريين الذين نجحوا في تحويل كتلة صلبة من الديوريت إلى عمل فني ينبض بالحياة والهيبة. إن وجود هذا التمثال في المتحف المصري لا يمنحه فقط مكانة تاريخية، بل يؤكد أيضًا عظمة التراث المصري الذي يظل مصدر إلهام للأجيال المتعاقبة.