في عالم الجريمة حيث يتشابك الواقع مع الغموض والإثارة، قرر المخرج وصانع المحتوى سامح سند دخول هذا العالم ونقله للمشاهد من خلال برنامج «القصة الكاملة» على يوتيوب، تمكن سند من جذب انتباه الجمهور بتقديم سرد قصصي لجرائم حقيقية غامضة، محققا توازنا فنيا بين التشويق والوعي، مما جعل برنامجه أحد أنجح المشاريع في مجاله، فيلفت أنظار صناع الفن إلى هذا المحتوى, واليوم، يخطو خطوة جديدة ومثيرة في عالم الدراما، حيث تم الإعلان مؤخرا عن مشروع جديد يهدف إلى تحويل قصص الجرائم الحقيقية التي تناولها في «القصة الكاملة» إلى سلسلة درامية فريدة، تتكون من حلقات متصلة منفصل. ومن خلال هذا الحوار يكشف لنا سامح سند كواليس تحويل الجرائم الحقيقية إلى دراما تلفزيونية. - كيف جاءت فكرة تحويل برنامج «القصة الكاملة» لمشروع درامي؟ - جاءت فكرة التحويل إلى مشروع درامي من الأساس الذي يقوم عليه البرنامج نفسه، حيث يتم تقديم الحلقات بأسلوب يعتمد على قصص جرائم حقيقية تروى في شكل حكايات مكتوبة بأسلوب يشبه السيناريو، ويشمل هذا الأسلوب سرد الأحداث في إطار زماني ومكاني محدد مع شخصيات متكاملة، مما يمنح الحلقات طابعا دراميا أقرب إلى العمل الفني الدرامي، ولكن بطريقة مبتكرة ومختلفة.. هذا الأسلوب جذب اهتمام الجمهور الذى أحب طريقة السرد، كما لفت أنظار صناع الدراما، من هنا جاءت فكرة المنتج والمخرج مجدي الهواري لتحويل تلك القصص وتجسيدها في عمل تلفزيوني يحمل نفس اسم البرنامج «القصة الكاملة». - وما هى معايير اختيار القصص التى سيتم معالجتها دراميا من خلال المشروع؟ - تبنى معايير اختيار القصص على مجموعة من الأسس، فيجب أن تكون القصة متكاملة العناصر، أي أن تتضمن أحداثا موثقة، شخصيات حقيقية وأماكن محددة بدقة، وفي الوقت ذاته، من المهم أن تحمل القصة روحا درامية تتيح لكاتب السيناريو تطويرها وتحويلها إلى عمل درامي مؤثر. - هل سيحتفظ العمل الدرامي بالطابع الواقعي للقصص، وهو ما يميز البرنامج، أم سيتم إدخال بعض التغييرات التى تتوافق مع متطلبات الدراما؟ - بالطبع سيحافظ العمل الدرامي على الطابع الواقعي للقصص كونها مستوحاة من وقائع حقيقية، مع منح كاتب السيناريو حرية إبداعية لتطوير التفاصيل والشخصيات وإضافة أحداث خيالية تخدم الدراما وتزيد من جاذبيتها، مع مراعاة الحفاظ على جوهر القصة الحقيقية وتجنب أي تغييرات جذرية قد تخل بمصداقيتها، بهدف تحقيق توازن بين الأمانة للوقائع الأصلية وتعزيز التشويق، - وجود أسماء مثل مجدي الهواري وهاني سرحان والمخرج أحمد نادر جلال، هل شكل عاملا فى زياة ثقتك بنجاح العمل؟ - بالتأكيد، وجود هذه الأسماء، إلى جانب العديد من الأسماء المميزة الأخرى، عزز ثقتي في نجاح العمل. مجدي الهواري يمتلك خبرة كبيرة في الإنتاج السينمائي والدرامي، ويتميز برؤية احترافية في اختيار الأسماء القادرة على تقديم العمل بأعلى مستويات الجودة، فأنا سعيد جدا بأن تكون أولى تجاربي الدرامية في السوق مرتبطة بمثل هذه الأسماء التي تقدر الفن وتحترم الجمهور، هذا يمنحني ثقة كبيرة واطمئنانا بأن العمل سيتم تقديمه للجمهور بشكل احترافي وعبر عمل فني متكامل يستحق المشاهدة. - وكيف سيتم تنسيق الأفكار والرؤى المختلفة بينكم لضمان انسجام المشروع؟ - هذه المسألة تدخل فى نطاق مهام المنتج مجدي الهواري وفريق العمل الكبير تحت إدارته، ومنذ البداية تم الاتفاق على ضرورة وجود هوية بصرية ثابتة للمسلسل، مع الحفاظ على تناغم أسلوب السيناريو والمعالجة الدرامية بين جميع المشاركين، ورغم أن كل كاتب سيضفي بصمته وأسلوبه الخاص على العمل، فإن الهوية الموحدة واضحة، مما يضمن تقديم تجربة مشاهدة متماسكة مع توحيد الروح والأسلوب في السرد، لضمان عدم شعور المشاهد بأي تباين بين الحلقات حتى لا تبدو كأنها جزر منعزلة. - حادث بنى مزار يحمل طابعا دمويا وغامضا، كيف سيتم تناوله دراميا دون الإضرار بحساسية الجمهور؟ - تناول حادث بني مزار دراميا سيتم بحرص شديد لتجنب الإضرار بحساسية الجمهور، الفكرة الأساسية في تقديم هذه القصة لا تعتمد على إظهار الدموية بقدر استنادها إلى غرابة الأحداث وطبيعتها الغامضة، فالهدف هو خلق دراما قوية ومؤثرة دون تجاوز الحدود التي قد تؤثر سلبا على مشاعر المشاهدين, وهذه الحلقة ستكون مفاجأة من حيث أسلوب المعالجة، حيث سيتم التركيز على الأبعاد الدرامية المثيرة والغامضة للقصة بدلا من تصوير التفاصيل العنيفة بشكل مباشر. - وكيف سيتم التعامل مع الغموض المحيط بالقضية، هل سيتم تقديم تفسير درامي للحادث أم سيترك مفتوحا؟ - التعامل مع الغموض المحيط بالقضية سيعتمد على رؤية كاتب السيناريو وطريقته الخاصة في التناول، سيتم نسج القصة بعناصر درامية جاذبة وبشكل احترافي، مع وجود أسماء كبيرة من المخرجين، يضمن تقديم الحادثة بشكل فني مميز، ومن المتوقع أن يشهد الجمهور في الموسم الأول أعمالا أقرب إلى الأفلام السينمائية وليس مجرد حلقات درامية تقليدية. - هل لديك هدف معين لإعادة فتح النقاش حول حادث معين أم أن الهدف الأساسي هو تقديم قصة مشوقة للجمهور؟ - الهدف من إعادة فتح النقاش حول حادث معين يتجاوز تقديم قصة مشوقة، ليشمل توعية غير مباشرة، فالجرائم الحقيقية تحمل بطبيعتها عناصر درامية وسردية متكاملة، فالمجرم أو العصابة يضعون سيناريو من دون قصد من خلال اختيارهم للزمان والمكان والشخصيات وحتى التفاصيل الدقيقة، مما يجعلها مادة غنية دراميا ومثيرة لاهتمام الجمهور. - وما هي الرسالة التى تود إيصالها للجمهور من خلال هذا المشروع؟ - الرسالة التي أود إيصالها هي تعزيز الوعي والاستمتاع أيضا، فالمجرم قد لا يكون شخص قريب منا، بل قد يكون فردا نتعامل معه، وعدم الانتباه لبعض التصرفات أو منحنا المساحة لشخص غير موثوق قد يسهم في وقوع الجريمة، لكن من خلال التوعية ولفت الانتباه للأشخاص من حولنا وسلوكهم وطريقة تفكيرهم، يمكننا تقليل نسبة الجرائم. - لكن هناك اتهام لدراما الجريمة بأنها سبب فى زيادة معدل الجرائم في المجتمع، ما تعليقك؟ - الاعتقاد بأن دراما الجريمة تساهم في زيادة معدل الجريمة في المجتمع غير صحيح تماما ، فهناك العديد من الأعمال الأدبية والفنية الكبرى التي تعتمد على الجريمة، مثل «الجريمة والعقاب»، وهذه الأعمال لا تعتبر سببا في زيادة الجرائم.. كما في قصة «قابيل وهابيل»، وعندما يتم تقديم الجريمة في العمل الفني، يكون الهدف من ذلك هو التوعية بخطورتها، وإذا شاهد المجرم محتوى درامي عن الجريمة واكتشف في النهاية أن العقاب هو المصير الحتمي، فهذا يعزز الوعي دون أن يزيد من حدوثها، بشرط أن يكون العمل الفني مبنيا على دراسة وفهم. - وهل ترى ضرورة لوضع قيود معينة على الأعمال التى تجسد الجريمة والعنف؟ - من الطبيعي أن يكون هناك اعتدال في تقديم أي عمل فني، فيجب على كل فنان أو صانع محتوى أن يكون لديه رقابة داخلية، وتحافظ على قيم السلوك الإنساني دون التأثير السلبي على الآخرين، ومن المهم أن يدرك كل شخص يقدم رسالة إعلامية أو فنية دوره وتأثيره في المجتمع، إذا كان الشخص الذي ينتج العمل يتمتع بالوعي الكافي ويفهم دوره وتأثيره، فلن يقدم محتوى يضر أو يفسد فكر المجتمع. - إذا عدنا بالحديث للبدايات، ما الذى ألهمك لفكرة برنامج «القصة الكاملة»، وكيف بدأت التعمق فى عالم الجريمة؟ - في البداية، كنت مهتما بفكرة حكايات البشر لذلك كان شعار برنامجي على اليوتيوب «أغرب حكايات البشر». كنت دائما أرى أن هناك شخصيات غريبة حولنا، ومع مرور الوقت اكتشفت أنني أحب عالم الجريمة كثيرا، وأصبحت شغوفا بمشاهدته من خلال الأعمال الوثائقية التي تعرض على القنوات المتخصصة، كان لي شغف خاص ببرنامج الأستاذة راوية راشد «خلف الأسوار»، حيث كنت ألاحظ كيف تقدم محتوى الجريمة بطريقة محترمة، تجعل العائلات تتفاعل معها دون أي قلق أو تحفظ، هذا ألهمني كثيرا حول كيفية تقديم الجريمة بشكل مختلف، يعكس الاحترام للمشاهدين ويخاطبهم بطريقة لائقة، وهو ما سعيت لتحقيقه في برنامج «القصة الكاملة». اقرأ أيضا: جريمة قتل على «قهوة المحطة» في رمضان 2025