يذهب نتنياهو إلى الولاياتالمتحدة هذه المرة وهو فى أضعف حالاته داخلياً وخارجياً. يحاصره الفشل كما لم يحدث من قبل. غزة المدمرة تبدو أعظم من كل ما لحق بها وأكثر تمسكاً بالأرض وطلباً للحقوق المشروعة والدولة المستحقة. بينما يبدو مجرم الحرب وهو لم يحقق إلا القتل والدمار، ولم ينجح رغم قسوة حرب الإبادة فى تحرير أسراه بالقوة، ولا فى فرض عودة الاحتلال والاستيطان، أو استئصال المقاومة أو فى اقتلاع الفلسطينيين من وطنهم. يذهب نتنياهو إلى واشنطن وهو يحاول كعادته المراوغة فى استكمال اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة (وأيضاً فى لبنان) لكنه يدرك أن كل العوامل التى أرغمته على الاتفاق ما زالت كما هى، وأن مساحة المناورة قد ضاقت أمامه، وأن الغالبية العظمى من الرأى العام الإسرائيلى لم تعد تنطلى عليها أكاذيب نتنياهو ومراوغاته بل تطلب مساءلته عن تأخير الاتفاق لثمانية أشهر، وتقف بقوة ضد أى محاولة للعودة للحرب فى غزة خاصة مع استقالة قيادات الجيش واعترافها بالفشل!! ويذهب نتنياهو إلى واشنطن وعزلته الدولية قد وصلت إلى ذروتها.. يعود للعاصمة الأمريكية وقد تغير المشهد السياسى بها وعاد حليفه الأكبر (ترامب) للبيت الأبيض وسيطر الجمهوريون على مجلس النواب والشيوخ. ومع ذلك فإنه سيجد أن مساحة المناورة بالنسبة له داخل أمريكا قد ضاقت كثيراً. فى الزيارة السابقة كانت الانتخابات سيدة الموقف، وكان ترامب والجمهوريون يستخدمونه ضد الديمقراطيين. الآن يختلف الموقف، صحيح أن ترامب هو الأكثر انحيازاً لإسرائيل، لكنه ينحاز أكثر لترامب نفسه، الذى يرى أن إسرائيل هى مجرد «محمية أمريكية» وكان تقديره (أثناء الانتخابات الأخيرة) أنها يمكن أن تختفى فى عامين إذا فقدت دعم أمريكا(!!) انحياز ترامب لإسرائيل هو الأقوى، واقتراحه الأخير حول تهجير الفلسطينيين فاق تصورات أقصى اليمين المتطرف فى إسرائيل لذلك يتردد بشدة فى الإعلام الأمريكي: هل أصبح نتنياهو عبئاً على أمريكا كما هو عبء على إسرائيل نفسها؟! سؤال لا يعنى الكثير بالنسبة لتغيير السياسات، لكنه يؤسس لعلاقة جديدة بين مركز القرار فى واشنطن وبين المنفذ فى تل أبيب !!!