مشاهد مفرحة تهز أعماق القلب، توافد الملايين من المصريين والعالم على اختلاف مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية للاحتفاء بالكتاب، إنه الحدث الثقافى الأهم فى مصر والعالم العربى «معرض القاهرة الدولى للكتاب»، 56 دورة مرت تحمل أحداثا، حراكا، حضورا لشخصيات عربية وعالمية ومصرية على أعلى مستوى للمشاركة فى هذا العرس الثقافى الكبير. قاعات المعرض السبع تزدحم بملايين العناوين من كل دور النشر، يطالع عناوينها الزوار، البعض يجر حقائب سفر بعجل حتى تخفف عليهم حمل الكتب الكثيرة التى اشتروها، ولم تعد الأيدى قادرة على حملها! الكتب بعضها مرتفع الثمن جدا، وبعضها موجود بأسعار معقولة جدا ومخفضة، الكل يجد ما يناسبه حسب قدرته وذوقه. أكثر من أربعة ملايين زائر حتى الآن، قضوا أياما فى ذلك المكان المشرق بنور المعرفة. هذا المشهد يملأ قلبى بالأمل والتفاؤل، ويؤكد لدى الثقة بأننا شعب حقيقى، رغم كل الظروف الاقتصادية الصعبة، يذهب الجميع إلى معرض الكتاب للشراء، التعرف على المنتجات الثقافية والفكرية، الالتقاء بكتاب مفضلين لديهم، حضور ندوات تناقش موضوعات الساعة التى تستحق أن تدور حولها النقاشات، وتقدم وجهات النظر المختلفة. معرض القاهرة الدولى للكتاب هو أهم معرض عربى، وأراه واحدا من أهم معارض الكتاب على مستوى العالم. إنه معرض لشعب من القراء، والكتّاب والناشرين. اللقاءات التى تتم على مدار الأيام العشرة متعددة، مختلفة، نعيش خلالها جميعا أجواء رائعة، منعشة، نتنفس فيها هواء الفكر والتنوير، نستعيد الإحساس بقيمة الأشياء، وكنز الأفكار المضيئة التى يعيش معها الإنسان مشاعر خاصة ربما لا يجدها فى أى متعة أخرى. التقيت الكثير من الأصدقاء، حاورت الكثير من قرائى الذين تعرفت عليهم لأول مرة وجها لوجه. حضرت ندوات وشاركت فى حفلات توقيع لى ولزملاء أعزاء. ويظل منظر الزحام، والأسر التى شدت الرحال مجتمعة الأب مع الأم بصحبة الأولاد يشرح قلبى، وزحام السيارات خارج أسوار المعرض يبهرنى، ويجعلنى أردد دائما «نحن شعب حقيقى.. المصريون شعب، حضارة، وأصالة» مهما مرت عليهم الأزمات وأتعبتهم المسئوليات ومتطلبات الحياة سيظلون يتشبثون بالمعنى، ويبحثون عن غذاء آخر لا يقل أهمية عن غذاء البطون، إنه غذاء العقول، زادها وزوادها. تحية لكل مصرى يحمل حضارة بلده فى قلبه، ولا يفرط فى هذا الإرث العظيم.