مشهد مهيب هو عودة سكان غزة من الجنوب إلى الشمال فى طابور طويل يمتد لمئات الكيلو مترات وهم يسيرون بعشرات الألوف حتى أن 200 ألف فلسطينى عادوا للشمال خلال ساعتين وهم يسدون عين الشمس كما يقول المثل الشعبي.. أى روح عالية تسكن هذا الشعب الذى لم تستطع آلة القتل الجهنمية أن تنال من إرادته وكبريائه رغم تضحياته العظيمة وسقوط أكثر من أربعين ألف شهيد معظمهم من النساء والأطفال وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين دون أن يتلقوا العلاج اللازم لإنقاذ حياتهم. لقد تحمل الفلسطينيون فوق ما يمكن لشعب آخر أن يتحمله من آلام ولكنهم يعودون للأرض التى يرفضون التخلى عنها، يعودون وهم يعلمون أن بيوتهم قد دمرت وضاعت ممتلكاتهم وفقدوا أهلهم وإحباءهم ومازالت جثث غير معروف عددها تحت الثرى تنتظر من ينتشلها ويدفنها كما يكرم الموتى.. تختلط مشاعر السعادة ودموع الفرحة مع الحزن على من استشهدوا.. عائدون لأطلال البيوت والذكريات مع الأحباء الذين رحلوا وتبقى الأرض التى رفضوا التخلى عنها ولهذا رفضوا ورفض العالم كله التصريحات المتطرفة للرئيس الأمريكى ترامب الداعية إلى تهجير أهل غزة إلى مصر والأردن لينفذ المخطط الصهيونى المعروف بالاستيلاء على أرض غزة والتوسع باحتلال جزء من الأراضى السورية وخرجت المظاهرات الرافضة للتهجير فى مصر حيث تظاهر الآلاف من المصريين أمام منفذ رفح معربين عن الرفض الشعبى لتصفية القضية الفلسطينية وطرد الشعب الفلسطينى من أرضه لكى يبنى عليها مستوطنات يهودية ورغم أن إعادة تعمير غزة تحتاج إلى مليارات الدولارات وتحتاج لسنوات من البناء لإعادة ما تهدم من البنية التحتية التى تجعل الحياة شبه مستحيلة لكنهم عادوا لما تبقى من أطلال وتحدوا كل محاولات طمس هويتهم الوطنية.