الراصد لتاريخ اليهود خلال القرون الوسطى الأولى والمتوسطة لا بد أن يلمح تزايد اضطهاد اليهود فى أوروبا خلال العصور الوسطى العليا من خلال الصليبية المسيحية. حيث تذكر مراجع التاريخ التى تابعت اليهود فى أوروبا أنه خلال الحملة الصليبية الأولى (1096)، دُمرت المجتمعات الناشئة على نهر الراين والدانوب بالكامل. وخلال الحملة الصليبية الثانية (1147) تعرض اليهود فى فرنسا لمذابح متكررة. كما تعرضوا أيضًا لهجمات من حملة الرعاة الصليبية عام 1251 وحملة عام 1320. وبعد الحملات الصليبية تم نفى جميع اليهود من مملكة إنجلترا بواسطة الملك إدوارد الأول، وفى 1394، طُرد 100000 يهودى من فرنسا. رُحل آلاف من النمسا فى 1421. وترصد المراجع التاريخية أنه بحلول عام 1300، كان الرهبان والكهنة يستخدمون مسرحيات الآلام فى وقت الفصح، والتى صورت اليهود فى زى معاصر يقتلون المسيح، بغرض توجيه العامة نحو كراهية اليهود وقتلهم. فى تلك اللحظة، أصبح الترحيل والاضطهاد متوطنًا. وفى النهاية بعد قرابة قرنين من الزمان قرابة عام 1500، وجد اليهود الأمن وتجديد الرخاء فى بولندا. فى أواخر العصور الوسطى، فى منتصف القرن الرابع عشر، دمرت أوبئة الموت الأسود أوروبا، وأهلكت ما بين ثلث ونصف السكان، وتردد فى كثير من الأحيان أنه بسبب التغذية الأفضل والنظافة الشديدة، لم يُصب اليهود بنفس الأعداد. وانتشرت شائعات بشأن تسبب اليهود فى انتشار المرض عن طريق تسميم الآبار عن عمد. ونظرا لقلة المصادر التاريخية التى ترصد حقيقة ما حدث فى تلك القرون فقد سيطرت المصادر اليهودية أو المتعاطفة مع اليهود على ما بقى من رصد، وأكدت أنه قد دُمرت مئات المجتمعات اليهودية بالعنف. ورغم مأساوية الصورة التى رسمتها المصادر اليهودية أو المتعاطفة حتى مع اليهود إلا أنها لم تنجح فى تفسير سر هذه المعاناة والمطاردات والمذابح التى تعرضوا لها بفرض صحتها ولم تفلح فى تبرئة ساحة ممارساتهم وعدائهم للمسيحية مما عرضهم لتلك المعاناة.. وتستمر الرحلة.