في ظل الأزمات السياسية والاقتصادية التي تشهدها الساحة الدولية، يتصدر الحديث عن المساعدات الخارجية الأمريكية للعديد من الدول المشهد، وخاصة أوكرانيا، حيث انتقد الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» إنفاق الولاياتالمتحدة ما يقارب 200 مليار دولار على دعم أوكرانيا، معتبرًا أن هذا المبلغ يفوق ما تنفقه الدول الأعضاء الأخرى فى حلف شمال الأطلسى «الناتو». هذا الانتقاد يأتى فى وقت حساس، حيث أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن وقف المساعدات التنموية الخارجية لأوكرانيا لمدة 90 يومًا، مما يطرح تساؤلات حول تأثير هذا القرار على الوضع فى أوكرانيا. ■ القوات الأوكرانية تعتبر الولاياتالمتحدة أكبر مانح للمساعدات الدولية في العالم، حيث أنفقت نحو 68 مليار دولار فى عام 2023. ومع ذلك، فإن الانتقادات التى وجهها ترامب تشير إلى قلق متزايد بشأن فعالية هذه المساعدات. إذ يرى الرئيس الأمريكي أن إنفاق الولاياتالمتحدة يجب أن يكون أكثر كفاءة وأن يتماشى مع التزامات الدول الأخرى فى الحلف. هذه التصريحات تعكس توجهًا جديدًا فى السياسة الخارجية الأمريكية قد يؤثر على العلاقات مع حلفاء واشنطن التقليديين. ووفقًا لوكالة «رويترز»، كرر ترامب مطالبه بأن ينفق الأعضاء الآخرون فى الناتو 5% من ناتجهم المحلى الإجمالى على الدفاع، وهى زيادة ضخمة عن الهدف الحالى البالغ 2%، وهو مستوى لا يصل إليه أىٌ من دول الحلف، بما فى ذلك الولاياتالمتحدة؛ حيث تمول واشنطن 15.8% من الإنفاق السنوى للتحالف العسكرى المكون من 32 عضوا الذى يبلغ نحو 3٫5 مليار دولار. وهذه هى الحصة الأكبر المشتركة، إلى جانب ألمانيا، وفقا لتقسيم الناتو لعام 2024. ◄ المستفيد الأكبر وتتصدر أوكرانيا قائمة المستفيدين من المساعدات الإنمائية الأمريكية، حيث تلقت أكثر من 17 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية فى عام 2023، حيث واجهت حربًا روسية شاملة، وفقًا للبيانات الرسمية. وفقًا لبيان البيت الأبيض، فإن الأمر متروك الآن لوزير الخارجية الأمريكى «ماركو روبيو» أو من ينوب عنه لتحديد ما إذا كان سيطلب الاستمرار أو تعديل أو وقف كل برنامج مساعدات أجنبية بناءً على توصيات المراجعة. ووفقًا لصحيفة «كييف إندبندنت» الأوكرانية، لا يزال مستقبل المساعدات الأمريكية لكييف فى ظل إدارة ترامب غير مؤكد. وخلال خطاب تنصيبه، لم يذكر أوكرانيا، مدعيا أن الولاياتالمتحدة «ستوقف كل الحروب». ومع ذلك، فإن خطته الكاملة حول كيفية إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية لا تزال غير واضحة أيضًا. وخلال الحملة الانتخابية، انتقد ترامب مرارًا وتكرارًا مستوى الدعم المقدم لأوكرانيا، وأشار إلى أن كييف يجب أن تستعد لخفض المساعدات بمجرد توليه منصبه. وعندما سُئل فى أوائل ديسمبر عما إذا كان ينبغى لأوكرانيا الاستعداد لمثل هذا السيناريو، أجاب ترامب: «ربما، بالتأكيد». وفى عام 2024، عرقل الجناح المؤيد لترامب فى الحزب الجمهورى مشروع قانون المساعدات الأمريكية فى الكونجرس لعدة أشهر. وقد أقر الكونجرس مشروع قانون المساعدات بقيمة 61 مليار دولار فى أبريل الماضى، ما منح الرئيس السابق «جو بايدن» حوالى 10 مليارات دولار فى هيئة سلطة السحب الرئاسية (PDA)، التى تسمح للولايات المتحدة بتزويد كييف بالمعدات العسكرية من المخزونات العسكرية الحالية، ليظل حوالى 3.8 مليار دولار غير منفقة. والآن، أصبحت هذه الأموال تحت تصرف ترامب. ومع ذلك، لا يزال غالبية التمويل الأمريكى فى أيدى الكونجرس الأمريكى. ◄ اقرأ أيضًا | بولندا توقع صفقة شراء صواريخ مضاده للرادار من الولاياتالمتحدة ب745 مليون دولار ■ ماركو روبيو ◄ حب وتهديد وفى بيان نشره على منصة Truth Social الخاصة به فى اليوم التالى، قال ترامب إنه «لا يتطلع إلى إيذاء روسيا» وأعرب عن «حبه» للشعب الروسى وسلط الضوء على «علاقته الجيدة جدًا» مع الرئيس الروسى «فلاديمير بوتين»، لكنه هدد روسيا أيضًا بالرسوم الجمركية والمزيد من العقوبات إذا لم يتم التوصل إلى «صفقة» بسرعة لإنهاء الحرب. «إذا لم نبرم «صفقة»، وفى وقت قريب، فلن يكون لدىّ خيار آخر سوى فرض مستويات عالية من الضرائب والتعريفات والعقوبات على أى شيء تبيعه روسيا للولايات المتحدة، والعديد من البلدان المشاركة الأخرى. دعونا ننهى هذه الحرب، التى لم تكن لتبدأ أبدًا لو كنت رئيسًا! يمكننا أن نفعل ذلك بالطريقة السهلة، أو بالطريقة الصعبة - والطريقة السهلة هى الأفضل دائمًا». ووفقًا لموقع «بوليتيكو» الأمريكى، صرحت موسكو مرارًا وتكرارًا بأنها لا ترفض مفاوضات السلام بشأن أوكرانيا، ولكن مع السلطات الشرعية لذلك البلد مع مراعاة الحقائق على خط المواجهة، فضلاً عن إرادة سكان المناطق الأوكرانية السابقة الذين اختاروا إعادة التوحيد مع روسيا خلال الاستفتاءات. ◄ لقاء قريب من المتوقع أن يلتقى ترامب والرئيس الروسي قريبًا، وقد رحبت موسكو بالفعل برغبة الرئيس الأمريكى فى استعادة الاتصال المباشر. فى الواقع، يريد ترامب من أوروبا أن تتحمل المزيد من المسئولية عن دفاعها حتى تتمكن الصين من أن تصبح القضية المركزية فى العام الأول من ولايته الجديدة. تمتلك الصين بالفعل ما يقرب من ثلث الإنتاج الصناعى فى العالم، وهو رقم غير مسبوق للتجارة العالمية. وهذا يعطى فكرة عن حجم التحدى الذى تواجهه الولاياتالمتحدة فى عهد ترامب فى التعامل مع الصين. وبهذا المعنى، سيزيد ترامب الضغوط على العملاق الآسيوى مع تراجع الضغوط على روسيا ببطء.