ربما لا يعلم الكثيرون أنه قبل منتصف الخمسينيات من القرن العشرين، لم يكن هناك ما يُعرف بكورنيش النيل. أسوأ خطة عسكرية فى التاريخ لا شك أن ما سنذكره فى السطور التالية كان أسوأ خطة دفاعية شهدتها البلاد فى تاريخها، ونعنى بذلك الحريق الذى أمر الوزير الفاطمى شاور بن مجير السعدى بإشعاله فى الفسطاط عام 1168، خوفًا من هجمة صليبية وشيكة بقيادة مرى ملك الفرنج! كان شاور قد شرع فى بناء سور على مدينة مصر واستعمل فيه الناس فلم يبق أحد من المصريين إلا وعمل فيه؛ وحفر من ورائه خندقًا، فلم يكمل من ناحية النيل. وعمل شاور فى السور ثمانية أبواب. مدينة الفسطاط تعرّضت فى عام 1168 لأقسى ضربة أضرَّت بعمرانها، وأفقدتها مكانتها فى صدارة المدن بمصر لصالح القاهرة. ففى هذا العام تمكَّن الفرنج من ديار مصر وحكموا فيها حكمًا جائرًا، وجمع مرى جموعه واستشارهم فى قصد ديار مصر، فقووا عزمه على المسير إليها فأجمع أمره على الرحيل واستدعى وزيره وأمره بإقطاع بلاد مصر لأصحابه، ففرق قراها عليهم بعد ما كتب جميع قراها وارتفاع كل ناحية؛ واستنجد عسكرًا قوى به جنده. وحاصر البلد حتى افتتحه قهرًا بالسيف يوم الثلاثاء ثانى صفر وأخذ الطارى والناصر ابنى شاور أسيرين، وقتل جميع من كان فيها وأسرهم وسباهم ونهب سائر ما تحتوى عليه وأسر المعظم سليمان بن شاور وقيس بن طى بن شاور. وأرسل إلى شاور يقول له: إن ابنك قال أيحسب مرى أن بلبيس جبنة يأكلها! نعم بلبيس جبنة والقاهرة زبدة. مع تطور الأمور، أمر شاور بإحراق مدينة مصر تاسع صفر عام 564 ه (1168م)، وأمر أهلها بالانتقال منها إلى القاهرة، وأن ينهب البلد، فانتقلوا، وبقوا على الطرق، ونهبت المدينة، وافتقر أهلها، وذهبت أموالهم ونعمتهم قبل نزول الفرنج عليهم بيوم، خوفًا أن يملكها الفرنج، فبقيت النار تحرقها أربعة وخمسين يومًا. ويقول المقريزى: «وإذا بشاور قد قام فى حريق مصر، وأمر شاور الناس بالانتقال منها إلى القاهرة، وحثهم على الخروج منها. فتركوا أموالهم وأثقالهم ونجوا بأنفسهم وأولادهم وحرمهم؛ وقد ماج الناس واضطربوا اضطرابًا عظيمًا. ووقعت النار فى الأسطول فخرج العبيد إلى مصر وقد انطلقت النار فى مساكنها فانتهبوا سائر ما كان بمصر. وبلغ بالناس الحال أن كانت الدابة تكرى من مصر إلى القاهرة ببضعة عشر دينارًا والجمل بثلاثين دينارًا. ونزلوا بمساجد القاهرة وحماماتها، وملأوا جميع الشوارع والأزقة، وصاروا مطروحين بعيالهم وأولادهم على الطرق وقد ذهبت أموالهم وسلبت عامة أحوالهم؛ وهم مع ذلك ينتظرون هجوم الفرنج على القاهرة وقتل رجالها وسبى من بها من الحريم والصبيان. وكان ابتداء الحريق بمصر فى يوم الثلاثاء التاسع من صفر الموافق له ثامن عشر هاتور؛ واستمرت النار فى المساكن أربعة وخمسين يومًا، والنهابة تهد ما هنالك وتحفر لطلب الخبايا». وبرواية ابن الأثير، فقد سارت الأمور على النحو التالى: «وأما الفرنج فإنهم اشتدوا فى حصار القاهرة وضيّقوا على أهلها، وشاور هو المتولى للأمر والعساكر والقتال، فضاق به الأمر، وضعف عن ردهم، فأخذ إلى إعمال الحيلة، فأرسل إلى ملك الفرنج يذكر له مودته ومحبته القديمة له، وأن هواه معه؛ لخوفه من نور الدين والعاضد، وإنما المسلمون لا يوافقونه على التسليم إليه، ويشير بالصلح، وأخذ مال لئلا يتسلم البلاد نور الدين، فأجابه إلى ذلك على أن يعطوه ألف ألف دينار مصرية، يعجل البعض، ويمهل بالبعض، فاستقرت القاعدة على ذلك». أما نهاية شاور فقد كانت القتل؛ إذ قتله أسد الدين شيركوه بن شاذى بأمر من الخليفة العاضد لدين الله؛ حيث يُذكر أن شاور قد دعا صلاح الدين الأيوبى وعمه إلى وليمة ووضع فيها السم، لكن ابن شاور قد أبلغ صلاح الدين وعمه بالأمر، وعندما لم يأتوا للوليمة ذهب شاور بنفسه إلى معسكرهم فقتلوه. قصة الكورنيش ربما لا يعلم الكثيرون أنه قبل منتصف الخمسينيات من القرن العشرين، لم يكن هناك ما يُعرف بكورنيش النيل، ولم يكن مسموحًا أصلًا للغالبية العظمى من المصريين فى القاهرة برؤية النهر، ناهيك عن الاستمتاع به، فقد كان هذا المطل النيلى الساحر حكرًا على الأجانب ومبانيهم وكبار الأثرياء الذين كانت قصورهم وفيلاتهم تشرف على النهر بمراسٍ خاصة، شأنهم فى ذلك شأن السفارتين البريطانية والأمريكية والثكنات العسكرية الإنجليزية التى كانت تمتد من كوبرى قصر النيل وحتى مبنى الحزب الوطنى -الذى احترق ثم أزيل عقب ثورة يناير 2011- فى ظهر المتحف المصرى. كان إنشاء كورنيش للنيل وشارع موازٍ له يمتد من شبرا إلى حلوان، أحد أهم المشروعات التى تبنّتها حكومة ثورة يوليو فى خطتها الخمسية الأولى بعد استتباب الأمور، وكان مخطط الكورنيش أيضًا أحد مظاهر التحدى السياسى لسلطات ومزايا الأجانب فى مصر من جهة، ومشروعًا قوميًا جماهيريًا من جهة أخرى، يمثل انحياز السلطة الجديدة للغالبية العظمى من الجماهير، ويؤكد ما جاءت به من تمكين المصريين من ثروات بلادهم. وفى عام 1954 عهدت الحكومة إلى عبد اللطيف البغدادى أحد قيادات تنظيم الضباط الأحرار ووزير البلديات والشئون القروية آنذاك (توازى وزارة التنمية المحلية حاليًا) بتنفيذ مشروع إنشاء شارع كورنيش النيل، من منطقة شبرا الخيمة وصولًا إلى حلوان. انطلق المشروع، وأخذ فى طريقه مساحات كبيرة من الأراضى الخاصة والمؤسسات العامة أيضًا مثل المطبعة الأميرية وترسانة بناء السفن التى أسسها محمد علي، وكذلك هدم البغدادى القصور والفيلات المخالفة على جانب النيل، بما فيها السفارة البريطانية التى كانت تحتل مكانًا كبيرًا ولها حديقة واسعة تطل على النيل مباشرة، فأعطى مسئولى السفارة مهلة 48 ساعة لإزالة الحديقة، ولكنهم ماطلوا فهدم جزءًا كبيرًا من الحديقة بالبلدوزر ليفتح الطريق أمام استكمال المشروع. انتهى المشروع فى زمن قياسي، وافتتح شارع الكورنيش فى يوليو 1955 وسط احتفالات رسمية وشعبية كبيرة، وعرف المصريون لأول مرة الجلوس على شاطئ النيل والاستمتاع به. عاش الملك! بهدفه فى مرمى إبسويتش تاون، تجاوز نجم مصر محمد صلاح، تييرى هنرى نجم آرسنال السابق، ليحتل المركز السابع فى قائمة أفضل الهدافين على الإطلاق، بالدورى الإنجليزى الممتاز. يكفى القول إن صلاح أصبح ثانى هداف أجنبى فى تاريخ البريميرليج، بعد الأرجنتينى سيرجيو أجويرو، علمًا بأن الفارق بينهما لا يتجاوز ثمانية أهداف. يُعد هذا الهدف هو رقم 176 للنجم المصرى محمد صلاح فى الدورى الإنجليزى الممتاز، فى حين يتبقى له هدف واحد، من أجل أن يتساوى مع فرانك لامبارد، أسطورة منتخب إنجلترا، وصاحب المركز السادس.. كما وصل صلاح إلى الهدف رقم 100 له فى ملعب «آنفيلد» معقل فريقه ليفربول. عاش الملك المصرى محمد صلاح!