نحيى مصر وقيادتها على هدوء النفس فى التعامل مع الأحداث بلا انفعال «زائد» أو دور منقوص لأنها مصر الأم والقيادة والزعيمة تصدرت «بلادى» المشهد بشجاعة لتؤدى دورها العروبى والإنسانى لوقف العدوان الغاشم على الشعب الفلسطينى الذى استمر لأكثر من 15 شهراً كاملة، لم تتخاذل يوماً ولم تهادن أبداً وظلت رغم كل الظروف والعقبات والمعوقات تسعى وتبذل الجهد لانقاذ ما تبقى من الشعب الفلسطينى الذى للأمانة ضرب أروع الأمثلة فى الصمود رغم الجبروت الإسرائيلى وآلة الحرب التى لا تعرف أبسط معانى الرحمة، فبغت ودمرت قطاع غزة وأحياءه، وقتلت ما يقارب ال 150 ألفا وأصابت أكثر من الربع مليون آخرين ناهيك عن المعاناة والمأساة التى عاشها الفلسطينيون فى ظروف قاهرة ومستحيلة. الاتفاق على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذى توصلت له مباحثات شاقة دارت بين أمريكا ومصر وقطر لإقناع الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى بقبول وقف إطلاق النار الذى دخل الأسبوع الماضى موضع التنفيذ لم نكن لنصل إليه إلا بمجهود شاق،وبعد لقاءات شهدتها الدوحة ومصر واتصالات على أعلى مستوى سياسى استهدف حل تلك الأزمة التى دفع ثمنها الشعب الفلسطينى ولسنا هنا فى حل لاستيضاح من كان السبب فى بدء المعارك، حماس أو إسرائيل ولكننا كنا أمام جريمة شنعاء ارتكبتها إسرائيل على مدى كل تلك الشهور فى حق شعب شبه أعزل. الوصول لوقف أعمال القتال الذى تبعه الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين والفلسطينيين هو درس فى أن لا منتصر ولا منهزم فى المعارك ولكن هناك شعبا دفع من حياته وقوته ثمناً للاعتداءات. الجرائم الوحشية من جانب اسرائيل والتمسك بالأسرى كان من جانب الفلسطينيين خلق ميزان قوى شبه متوازن للتفاوض الذى رفضته إسرائيل واضطرت إليه أخيرا ولم تستطع إسرائيل بما أوتيت من قوة ومعاونة أمريكا وحلفائها أن تصل إليهم إلا بعد الوصول لاتفاق، وهو درس يجب أن تعيه إسرائيل جيداً مهما كانت قوتها وهى لا تتعلم على ما يبدو، فهى مزهوة بقوتها، التى أصبح من السهل قهرها. أما النقطة التى نحيى مصر وقيادتها عليها فهى أنها تمسكت منذ بداية الأزمة رغم المحاولات المستميتة من قبل أطراف عديدة وبينهم أمريكا برفض عملية التهجير القسرى للشعب الفلسطينى الأعزل وضمنت ذلك فى كل التصريحات والمواقف المعلنة أو فى أى مباحثات أو لقاءات تمت على مستوى القيادة العليا أو على مستوى مسئولى الخارجية تلك النقطة هى الأساس الذى أقامت عليه مصر سياستها فى الأزمة وأوضحت موقفها بكل شجاعة لكل الأطراف خاصة الفلسطينيين وهى تؤكد لهم ضرورة التمسك بالأرض لأن مجرد الموافقة على تركها يعنى وصول القضية للنهاية. كذلك إعلانها بكل وضوح أن الحل يتمثل فى إقامة الدولتين. ونحيى مصر وقيادتها أيضا على هدوء النفس فى التعامل مع الأحداث بلا انفعال «زائد» أو دور منقوص ولكن بما يمليه عليها الضمير والعقل والواقع الذى يصل بنا لحلول على الأرض. ننتظر ماذا سيكون الوضع بعد تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، هل ستلتزم إسرائيل بالاتفاق أو تخادعنا كما عهدناها بسياساتها العدوانية و الاستيطانية؟ كما ننتظر كذلك هدوءاً من جانب القيادات الفلسطينية التى ستتولى قيادة الأمور فى غزة لأن الأمر يحتاج الى إعادة إعمار كامل وقبل ذلك إعادة الحياة إلى شعب عانى وصمد ولم يفرط.