طارق فهمى الحكومة الإسرائيلية فى حالة الذهاب إلى أى خيار ستعمل على التجاوب الحذر مع ضغوطات إدارة الرئيس ترامب بعد أن دخل اتفاق غزة دائرة التنفيذ المرحلى وفقا لما هو معلن، فان السؤال الذى ما زال مطروحا هل ربحت حماس من الاتفاق وهل خسرت إسرائيل؟ والإجابة وفق لما آلت إليه الأوضاع واقعيا فى قطاع حيث تم تدمير القطاع بالكامل، واحتلت إسرائيل مساحة كبيرة منه وصلت إلى 30% إضافة إلى تمسكها بحرية العمل والدخول المباشر إليه فى حال تواجد أى نشاط، وتحرك من قبل حركة حماس بمعنى أن التعامل مع القطاع كمهدد لأمن إسرائيل سيظل قائما وسيرتبط بحدود التزاماتها فى المرحلة الأولى وسيكون الأمر مرتبطا بالفعل بما ستمضى إليه الأوضاع فى القطاع وعودة حضور حماس ما يشير إلى أن المشهد الأمنى والاستراتيجى سيبقى قائما خاصة وأن القطاع سيعانى من فراغ سياسى وعدم وجود أى سلطة ممثلة بمؤسساتها على الأرض باستثناء تواجد مؤسسات حماس بصرف النظر عن تشتت مهامها وانهيار أجهزتها بما فيها المؤسسات والأجهزة الخدمية والأمنية والتى تعبر عن نفسها فى مشهد إعلامى لافت ما يؤكد على أن حماس موجودة بصورة أو بأخرى فى إشارة إلى عدم تقويض مؤسسات الحركة أو تواجد عناصرها الكبرى فى هذا السياق ما يؤكد على أن حماس تراهن على حضورها فى المعادلة الفلسطينية التى تتشكل وتسعى بعض الأطراف لإعادة تأسيس الحضور الفلسطينى فى القطاع من خلال ما يعرف بلجنة الإسناد المجتمعي، وهو ما يؤكد على أن الفراغ الراهن فى القطاع مستمر بما سيحدث حالة من عدم الاستقرار فى المهام والتحركات التى ستحدث سواء فى مستوى إدخال المساعدات أو فتح المعابر خاصة أن السماح بإدخال الشاحنات ليس وحده الأهم . هناك الكثير من الأمور الأخرى المتعلقة بكيفية التعامل مع تلال المشكلات الأخرى التى ستكون مطروحة فى المدى القصير خاصة أن إسرائيل لن تسمح بأى حضور أمنى أيضا لحركة حماس وهو ما سيدفع الحركة إلى التمدد إلى الداخل ومن خلال تكتيكات تدريجية الأمر الذى قد يعرقل تنفيذ الاتفاق ويجعله اتفاق المرحلة الواحدة وبالتالى فإن نجاح أو فشل الاتفاق سيكون مرتبطا بالفعل بما سيجرى من سلوك لحماس والتزام إسرائيل بما يتم ، وسرعة التحرك الدولى لإيجاد استقرار وجدية فى تنفيذ الاتفاق، وهو أمر صعب ويحتاج إلى إرادة حقيقية تتجاوز المساعدات بكثير إلى أمور متعلقة بالضغط على حماس للتعامل والالتزام بما يتم. إسرائيليا فإن الأمر ليس سهلا خاصة أن التربص بالاتفاق واضح منذ اللحظة الأولى وقد يتم تخريب الاتفاق فى أى وقت برغم أن الحكومة الإسرائيلية ماضية ومستمرة وان ما يجرى من الوزراء المتطرفين يعد أفعالا صبيانية بما فيها استقالة وزير فى الحكومة أو التلويح بها وردود الجمهور الإسرائيلى والتخوف مما هو قادم. فى هذا السياق يجب الإشارة إلى أن المستوى العسكرى فى إسرائيل ساع إلى تنفيذ الاتفاق من وجهه نظره ومشابه لما جرى فى الجبهة اللبنانية وما تزال إسرائيل تخترق الاتفاق يوميا ما يعنى ان الانسحابات من ممرنتساريم سيكون وفق آليات محددة وبما يسمح لإسرائيل فى كل الأحوال فى التعامل لما يمكن أن يجرى خاصة ان الخروج من المناطق المكتظة بالسكان إلى خارج المدن سيسمح بالفعل بتحركات عسكرية سريعة بالدخول وبما يحقق لإسرائيل سرعة الانتشار. ومع التخوف مما هو قادم من مواجهات حقيقية فإن الحكومة الإسرائيلية فى حالة الذهاب إلى أى خيار ستعمل على التجاوب الحذر مع ضغوطات إدارة الرئيس ترامب ولكن الإشكالية الرئيسة ستكون فى إتمام ما تم الاتفاق بشأنه، وهو أمر غاية فى الصعوبة ويحتاج الى ضمانات وتطمينات تتجاوز أية ترتيبات أمنية أو إستراتيجية محددة إذ أن إعادة احتلال القطاع مجددا فى أسوأ السيناريوهات قد يذهب إلى قيام إسرائيل بإعادة احتلال القطاع بالكامل، وبدء مرحلة جديدة من الإجراءات برغم كل الخسائر وتكلفة الإقامة فى القطاع مرة أخرى خاصة وان مخاوف الذهاب إلى هذا السيناريو سترتبط بسياسات واقعية، وتتطلب مواقف حاسمة ومحددة . ومن ثم فإن الحكومة التى تدعى أنها لم تخسر وحققت مكاسب كبرى بتدمير قدرات حماس القتالية وأنها أنهت وجود حركة حماس على الأرض قد فشلت، ولو جزئيا فى تحقيق مكاسب اليوم التالي، وعادت للتفاوض غير المباشر مع حماس ولا تزال الأمور تتسم بقدر كبير من الضبابية، ما قد يؤدى إلى اهتزاز ثقة الجمهور الإسرائيلى فى توجهات الحكومة وعدم وجود توافقات حقيقية بين مكوناتها والتخوف من انقلاب الرأى العام على ما يجرى الأمر الذى قد يؤدى إلى حالة من عدم الاستقرار خاصة وان الخسائر التى جرت فى الجانب الإسرائيلى بدت واضحة وخطيرة، ولا أحد يمكنه إنكارها فى إطار ما جرى خاصة وان الأمن المطلق لم يعد متوافرا وان ما جرى من سياسات مرتبط بالفعل بنهج سياسى واستراتيجى فى إسرائيل . وفى كل الأحوال ما زالت إسرائيل قلقة ولديها هواجسها من عدم وجود الطرف الآخر التى يمكن لإسرائيل التفاهم معه مما سيظل الأمر على ما هو عليه لحين تغيير الواقع الراهن وانتظارا لما سيصبح عليه القطاع أمنيا وإداريا بتوافقات حقيقية ومتماسكة مع الوضع فى الاعتبار لكل السيناريوهات المحتملة والواردة داخل القطاع وسلوك الأطراف المعنية إضافة للتحركات المطروحة عربيا وأمريكيا وأوروبيا.