عبارة قالها لها نجيب محفوظ عندما اعترف لها أنه يحب رائحة الليمون لست بحاجة للقول إننا نعيش فى زمن الكتاب. فمعرض القاهرة الدولى للكتاب يخطف الأنظار والقلوب بنشاطه. والكتاب هو البطل الأساسى فيه. لا يُمكن أن تُشاهد من زوار المعرض من يخرج منه ويده خالية. فالكتاب سيد الموقف هناك. ولكلٍ ذائقته الخاصة واختياراته. لذلك لحظة دخولى للمعرض وخروجى منه أنظر لما بأيادى عُشاق الثقافة ومُحبى الكتاب من الجمهور العادى سواء المصرى أو الأشقاء العرب، أو الضيوف الأجانب. إنها رحلة توشك أن تذهب بعقلك. وهى عادة سنوية تُقام فى مثل أيامنا سنوياً. ولذلك سأهمس لك بكتاب ألَّفته سهام ذُهني، وعنوانه الرئيسي: أحب رائحة الليمون. أما عنوانه الفرعي: حوارات مع نجيب محفوظ «11 ديسمبر 1911 - 30 أغسطس 2006». ورغم أنه يقع فى 150 صفحة من القطع المتوسط. إلا أن ثمنه المدون على غلافه الخلفى 55 جنيها. وقد توقفت أمامه، وإن كنتُ عندما اكتشف أنه مطبوع على ورقٍ فاخر وجدتُ مُبرراً للسعر. وكل من اشتراه من المعرض كان هناك تخفيض معقول قد يهبط بهذا المبلغ للأقل. وسهام ذهنى تُهدى كتابها لشقيقتها سامية ذُهني، وتصفها بأنها المثل الأعلى فى التضحية، وهذا حقها لا يناقشها فيه أحد. وتعترف أنها أصدرت قبل 20 عاماً كتاباً عبارة عن حوارات مع نجيب محفوظ قبل حصوله على جائزة نوبل فى الأدب، وأجرت حوارات أيضاً بعد حصوله عليها. وتعترف فى مقدمتها أن نجلها جمال دياب قد أجرى معه حواراً صحفياً لمجلة المدرسة فى ذلك الوقت حول طفولته تضمَّن مواقف طريفة لم يتحدث حولها من قبل. أما عنوان الكتاب فهى عبارة قالها لها نجيب محفوظ عندما اعترف لها أنه يحب رائحة الليمون. وكانت إجابة تلقائية مُعبِّرة عن إنسان مصرى صادق مُحتف ببساطته. ولم يتخل عنها. وتعترف أن كلام نجيب محفوظ كرواياته، وكانت مُستمتعة طوال وقت تدوين هذا الكتاب بكلام الرجل. وتعترف أنها كلما قرأته تكتشف فيه الجديد وحلَّقت بها النجوم إلى حيث تتوه الفواصل بين القراءة والارتحال. وتُقِر أنها طلبت منه أن يدور حديثها معه فى وجود زوجته وابنتيه. فقال لها إنهن يرفضن تماماً الإدلاء بأى أحاديث صحفية، أو حتى الظهور معه. وأنهن قد رفضن من قبل مشاركته فى برنامج تليفزيونى عن حياته وأدبه. وقال لها بما يُشبه الاستغاثة: أنا أشعر بالحرمان من ابنتيَّ. وعلى الرغم من أننى صديق لهما، فإننا نادراً ما نجلس معاً ونتكلم. وأن هذا حدث رغم أن علاقته بهما كانت ديمقراطية مائة فى المائة. لا يتحكم ولا يسيطر ولكنه فقط يقول رأيه ويُسلِّم بعد هذا بما تختارانه فى كل شىء، وأنه لم يحاول أبداً الضغط عليهما. وعن سر اختياره لاسم أم كلثوم لابنته الكُبرى، وهى الوحيدة التى مازالت بيننا، وأدعو لها بطول العمر والصحة والعافية يقول نجيب محفوظ أنه كان من عُشَّاق الفنانة أم كلثوم. واختياره للاسم جاء من هذا المُنطلق. وأعترف هنا بأن اختيارى لهذا الاسم أن الشىء الوحيد الذى كنت مستبداً فيه خلال حياتي. ومازلت أُعاقَب عليه حتى الآن. ويُصرِّح لها أنه يُحب صوت أم كلثوم. لهذا أسماها باسمها. ويقول كنت أرى هذا أمراً طبيعياً جداً، وسجلت الاسم فى السجل المدنى رغم معارضة زوجتى الشديدة، وبعد أن كبرت البنت لم ترض عن الاسم، فأطلقت على نفسها اسم هدى وحتى أختها فاطمة لم ترض عن اسمها الذى أطلقته عليها، وأطلقت على نفسها اسم فاتن. وعندما تُحدِّثه سهام ذُهنى عن الازدواجية فى حياة المثقف يرد عليها بديمقراطية نادرة: هذا موجودٌ فعلاً، لكن الازدواجية فى حياتى ضعيفة جداً. فمثلاً لو قلت أن الفتاة يجب أن تأخذ حريتها، فابنتاى لهما الحرية والاستقلال. أنا لا أُحب التحكُّم. وكل ما أريده هو أن أقول رأيي. قد نختلف فى مسألة معينة. ودورى هنا هو أن أُصرِّح برأيى بالكامل، وبعد ذلك لهما أن تتصرفا كما تريدان. هذا الكتاب صادر عن سلسلة عنوانها مكتبة نجيب محفوظ، صدرت منها أعدادٌ كثيرة، وترأس تحريرها فاطمة قنديل ويدير تحريرها على قطب. والكتاب صادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب التى يتولاها بكفاءة واقتدار الدكتور أحمد بهى الدين.